حفيدات عقبة.. بنات الشيطان
بالسجن لمدة ٢٥ سنة، عاقبت الدائرة الجنائية الخامسة، المختصة بقضايا الإرهاب فى المحكمة الابتدائية التونسية، أمس الأول الخميس، زعيمة «كتيبة حفيدات عقبة» الإرهابية، التى «خططت لاغتيال وزير الداخلية الأسبق، الهادى مجدوب، وتنفيذ اغتيالات تستهدف إطارات عليا فى وزارة الداخلية، علاوة على التخطيط لتفجير مقر البرلمان التونسى وإحداث أكبر ضرر بشرى ممكن بين النواب».
خلال الجلسة نفسها، قضت المحكمة بالسجن ٨ سنوات على سيدة كانت تقيم على مقربة من منزل وزير الداخلية الأسبق؛ لأنها مكّنت زعيمة الكتيبة الإرهابية من التقاط صور ومقاطع فيديو لعائلة الوزير وأفراد طاقم حراسته، استعدادًا لتنفيذ العمل الإرهابى. كما قضت المحكمة بسجن مؤسسة «الكتيبة» لمدة ١٤ سنة، إضافة إلى أحكام تراوحت بين السجن ٣ سنوات والبراءة لثمانى متهمات أخريات. وتصادف أن تعلن وزارة الداخلية، فى اليوم نفسه، أمس الأول الخميس، عن تمكنها من إلقاء القبض على «عنصر تكفيرى خطير غير مكشوف أمنيًا موالٍ لتنظيم داعش»، فى منطقة «بئر على بن خليفة» بمحافظة صفاقس شرق البلاد.
بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن على، تعرضت تونس لاعتداءات إرهابية عديدة، أودت بحياة عشرات من جنود الجيش والشرطة، بالإضافة إلى مدنيين وسياح أجانب. وخلال السنوات الثلاث الماضية، تمكنت قوات الأمن التونسية من إحباط مئات العمليات الإرهابية، وتفكيك عشرات الخلايا، التى كان من بينها تلك الخلية، التى أطلقت على نفسها اسم «كتيبة حفيدات عقبة بن نافع»، والتى اتضح أن زعيمتها كانت قد بايعت قائد تنظيم داعش، أبو بكر البغدادى، عن طريق داعشى تونسى يدعى «أبو البراء»، وتم تكليفها باستقطاب نساء وفتيات وضمهن إلى فرع التنظيم فى تونس، الذى كان يتصارع، وقتها، مع الفرع التونسى لتنظيم «القاعدة»، الذى كان يحمل اسم «أنصار الشريعة»، وقرر تغييره إلى «كتيبة عقبة بن نافع»!.
عقبة بن نافع القرشى الفهرى، شخصية عسكرية مهمة فى التاريخ الإسلامى، إذ شارك عمرو بن العاص فى المعارك التى دارت فى شمال إفريقيا، وصار قائدًا لحامية برقة. وفى خلافة معاوية بن أبى سفيان، صار واليًا على المنطقة التى صارت تونس لاحقًا، وأعجبه موقع وادى القيروان، فبنى فيه المدينة المعروفة، إلى الآن، بهذا الاسم، والتى تبعد حوالى ١٦٠ كيلومترًا عن تونس العاصمة، كما بنى جامعًا لا يزال معروفًا باسم جامع عقبة. وسنة ٥٥ هجرية، عزله معاوية من ولاية إفريقيا، ولمّا أُعيد إليها سنة ٦٢، فى عهد يزيد بن معاوية، قام برحلته المشهورة إلى ساحل المحيط الأطلسى، وفى السنة التالية، سنة ٦٣ هجرية، انتقل إلى رحمة ربه، وعمره حوالى ٦٤ سنة، فى معركة «ممس»، التى دارت وقائعها على أرض الجزائر.
لعقبة بن نافع أحفاد مشهورون، من بينهم حبيب بن أبى عبيدة بن عقبة، قاتل عبدالعزيز بن موسى بن نصير، ثانى ولاة الدولة الأموية فى الأندلس، وعبدالرحمن بن حبيب، الذى كان أميرًا للمغرب، ويوسف بن عبدالرحمن بن حبيب، الذى صار أميرًا للأندلس. وقطعًا، لا يمكن أن يكون لهؤلاء علاقة بالداعشيات، بنات الشيطان، اللائى قمن، بحسب قرار إحالتهن إلى المحاكمة، بـ«تشكيل وفاق إرهابى له علاقة بالجرائم الإرهابية، والانضمام عمدًا داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم إرهابى، وجمع وتوفير أموال بغرض تمويل أشخاص وتنظيمات وأنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية»، إضافة إلى التكفير والتخطيط لقتل أشخاص.
.. وتبقى الإشارة إلى أن القضاء التونسى يواصل محاكمة قيادات «حركة النهضة» فى عدد من القضايا المرتبطة بالإرهاب والفساد وغسل الأموال، من بينها قضية تسفير الشباب التونسى إلى بؤر التوتر والإرهاب، وقضية «اللوبينج» المتعلقة بتلقى تمويلات خارجية. وإثر حبس على العريض، نائب رئيس الحركة الإخوانية، رئيس الوزراء الأسبق، فى ١٩ ديسمبر الماضى، على ذمة التحقيق فى قضية التسفير، قررت المحكمة الابتدائية التونسية تأجيل النظر فى القضية المتعلقة بعقود «اللوبينج»، المتهم فيها راشد الغنوشى، زعيم الحركة، رئيس البرلمان السابق، وصهره رفيق عبدالسلام، إلى نهاية الشهر الجارى.