مثقفون ينعون شيخ المترجمين محمد عنانى: فقدنا مؤسسة موسوعية
شهد الوسط الثقافي والفني منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، رحيل الكاتب والمترجم الدكتور محمد عناني، عن عمر ناهز الـ84 عامًا، بعد صراع مع المرض.
وأعرب عدد كبير من الكتاب والمثقفين عن حزنهم الشديد بهذا الخبر، وتحول موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى سرادق عزاء بمجرد الإعلان عن نبأ وفاة شيخ المترجمين العربي، الذي صدر له أكثر من 130 كتابًا باللغتين العربية والإنجليزية، تتنوّع بين الترجمات الهامة والأعمال الإبداعية.
وترصد "الدستور" أبرز ما جاء في نعي المترجم الكبير محمد عناني.
بكلمات مؤثرة نعى الكاتب والناقد إيهاب الملاح المترجم محمد عناني، قائلًا: رحم الله الدكتور محمد عناني؛ العالم الجليل والمترجم العلامة، والأديب والمسرحي والناقد ومؤرخ الأدب وواضع المعاجم وصائغ المصطلحات، فقدنا علمًا غزيرًا ومؤسسة ثقافية موسوعية حقيقية، فقدنا علمًا بارزًا في العلوم الإنسانية وخاصة الآداب العربية والناطقة بالإنجليزية؛ محمد عناني يعني الجودة والثقة في كل ما يترجمه إلى العربية، يعني تحقيق المعادلة الصعبة: التمكن من اللغة المنقول إليها بالقدر ذاته الذي يتمكن به من اللغة المنقول منها.
وتابع: أنا وكل من اتصل بالعلوم الإنسانية (وضمنا الأدب والنقد وترجمة الكلاسيكيات ومناهج النقد الحديثة.. إلخ) مدين لمحمد عناني؛ مدين لإخلاصه ومعرفته ودأبه وجهده الوافر. مدين لأحلى وأجمل نصوص شكسبير التي نقلها إلى عربية رائقة جزلة فخمة موقَّعة، ومدين إلى مقدماته الشارحة ونظراته الدقيقة ودروسه القيمة في الترجمة والنقل من لغة إلى لغة.
واستطرد: لا أنسى مقدمته الكاشفة البليغة لترجمة مسرحية تاجر البندقية؛ ذهلت وأنا أرى أستاذًا للأدب الإنجليزي يناقش قضايا لغوية وبلاغية في التراث العربي ويربط بينها وبين النظرات الحديثة ومكتسبات الثورة اللغوية التي أنجزها دي سوسير، كان واسع الاطلاع وغزير المعرفة، وكان أول من لفتني إلى كتاب أستاذنا الدكتور عبدالحكيم راضي نظرية اللغة في النقد العربي الذي تحدث عنه باحترام كبير.. هذا رجل صاحب دور وتاريخ وعلم وعمل، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أما الكاتب الصحفي سيد محمود قال: وفاة المترجم الكبير الدكتور محمد عناني خبر حزين بالذات لكل خريجي كلية الآداب جامعة القاهرة، فقد كان من بين أعلامها الكبار، كنا نسمع من طلابه الكثير من الحكايات عنه وعن علمه وعن تواضعه ودعمه لمواهبهم، كانت إنجليزتي فقيرة لا تسمح لي بحضور محاضراته لكني ذات مرة حضرت له محاضرة عن شكسبير ألقاها باللغة العربية فوجدته يتكلم عنه كصديق حقيقي.
وأضاف: وبعدها بـ30 عامًا استمعت إليه بالمركز القومي للترجمة يتحدث عن تجربته في الترجمة بتردد طفل يمشي للمرة الأولى، فتحدث عن العثرات والأخطاء وليس عن التكريمات والجوائز، قال إن صفحة وجدها بالألمانية في كتاب يترجمه ففكر بالاستعانة بمترجم، لكنه تذكر في الخامسة والسبعين من العمر أنه كان يتمنى تعلم الألمانية فتفرغ لذلك ثلاثة سنوات كاملة، ثم عاد بعدها لترجمة الصفحة التي وجدها في الكتاب.
الدكتور شوكت المصري، رئيس قسم النقد الأدبي بالمعهد العالي للنقد الفني فرع الإسكندرية، نعى رحيل المترجم محمد عناني، قائلًا: رحل عن عالمنا اليوم أستاذنا الدكتور محمد عناني العالِم العَلَم الفريد وأحد الأكابر المبرزين في الثقافة المصرية والعربية.. اللهم ارفعه بحق كل حرف علّمه وكل معنى ترجَمَه درجاتٍ في فردوسك الأعلى خالدًا في نعيم النور والرحمة والرضوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
من جهته؛ قال الكاتب أحمد شافعي: د. محمد عناني، في ذمة الله.. شكرًا جزيلًا يا دكتور على عمرك الذي منحته لنا، وليرحمك الله ويغفر لك ويجزيك بقدر ما أخلصت وعملت وأسست.