ثلاث روايات خيال علمي حديثة تحذر من مآلات التغير المناخي والحياة الرقمية
لا تُقدم قصص الخيال العلمي عوالمًا متخيلة منبتة الصلة عن الواقع وإشكالياته، وإنما تنخرط في قضاياه وتطرح استشرافًا حينا وتحذيرًا في أحايين أخرى من المآلات المنتظرة لما يعتمل في الواقع بما تتيحه من أدوات لتخيل المستقبل عبر الحكايات التي هي مدعاة للقلق والتفكر بشأن مستقبل تشوبه الكثير من المخاطر.
تغطي قصص الخيال العلمي المختلفة موضوعات متنوعة ما بين الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الوظائف والعلاقات بين البشر والتكنولوجيا العسكرية، وكذلك استكشاف الفضاء والنظر في آثار التغيرات البيئية والمناخية على المستقبل، وغير ذلك من الموضوعات التي مثلما تضيء لقارئها مساحات من التأمل والمعرفة، فإنها تحذره بشأن ما قد ينجم عن التغيرات العلمية والتكنولوجية في المستقبل.
إلى أي مدى نمضي في الظلام؟
تمزج رواية “إلى أي مدى نمضي في الظلام" التي كتبتها “سيكويا ناجاماتسو" بين قضايا تغير المناخ والأوبئة، لترصد كفاح البشرية في سبيل البقاء وإعادة بناء نفسها في أعقاب البلاء الناجم عن ذوبان الأنهار الجليدية. تقدم الرواية صورة للمستقبل القريب بينما يواجه العالم آثار تغير المناخ وتداعيات الأوبئة.
وعبر المزج بين الخيال العلمي والأدبي، تفحص الرواية آثار فشل التجربة البشرية ممثلة في العائلة والأمان الاجتماعي والتعاطف والزواج، ويجرى كشف عيوب البشرية عبر منظار التصور الديستوبي الذي لا يقدم أي حلول أو مجرد أمل بل تواصل للحزن والخسارة، ولن يخفى على القارئ ما يجمله العمل من تكهن بأزمة عالمية ليست بعيدة كثيرًا عن الواقع.
بحر الهدوء
لا تجري أحداث رواية "بحر الهدوء" للكاتبة إميلي سانت جون ماندل في مكان وزمان موحدين، إذ يفصل ما بين أبطال الرواية المكان والزمان، فأحدهم يعيش بالماضي في عام 1912 بينما الآخران في مستقبل مختلف هو القرن الثالث والعشرين.
تجتمع قصص الرواية الثلاث معًا عندما يحاول مسافر عبر الزمن اكتشاف الحقيقة وراء الانحرافات الغريبة التي تحدث في كل مكان وزمان، ومن خلال بنائها المستقبلي، يبدو وكأن شخصيات الرواية جميعًا تعيش نسخة من نهاية العالم، فيما لا تكف الرواية عن طرح أسئلة مثيرة للاهتمام حول الطبيعة البشرية وأهمية التضامن البشري.
تنقل الرواية أجواء ما ألحقه وباء كورونا بالبشرية، وما علمنا إياه عن الواقع. ولكنها في الآن ذاته، تولي اهتمامًا بالفن والجمال والمتعة في مواجهة التردي والخراب .
كانت ماندل قد نشرت في العام 2014 رواية بعنوان "المحطة الحادية عشر" تنبأت فيها بوباء يخترق البشرية، لتكون واحدة ممن اعتبروا مستشرفين لما حدث على أرض الواقع بالفعل عبر وباء كورونا الذي ضرب العالم.
بيت الحلوى
تعد "بيت الحلوى" لجينيفر إيجان رواية خيال علمي عن وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تطرح فرضية مستقبلية بمقتضاها ستتيح التكنولوجيا الجديدة لكل فرد الوصول إلى ذكرياته القديمة ومشاركتها مقابل الوصول إلى ذكريات الآخرين.
احتلت الرواية قائمة أفضل كتب الخيال العلمي بسبب أسلوب الكاتبة المثير للاهتمام، والذي تجلى عبر قصة سردية مصقولة ببراعة، تنافش تأثير الواقع البديل ووسائل التواصل الاجتماعي، وتتنوع في سردها ما بين الراوي العليم والراوي المباشر وغيرهما من أساليب السرد المختلفة.
تستكشف الرواية مخاطر مشاركة الآخرين لحياتهم على مواثع التواصل، ومن ثم فهي متصلة بإشكالية واقعية ملحة ترغب من خلال فهمها إلى التحذير مما قد تقود إليه هذه الوسائل بالمستقبل.