القمة الصينية العربية
تقوم العلاقات الصينية مع دول العالم على أساس بناء المصير المشترك للبشرية الذى يهدف إلى تحقيق المصالح المشتركة للشعوب وتنمية خطط التنمية المستدامة فى دول الجنوب، وترى الصين أنه من الضرورى أن تتمتع جميع الدول والشعوب بالكرامة والأمن. وقد دعا الرئيس الصينى شى جين بينج العالم إلى إقامة نمط جديد من العلاقات الدولية يتسم بالاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف والتعاون المربح لمختلف الشركاء.
وقبل انتهاء عام 2022 وفى التاسع من ديسمبر انعقدت القمة العربية الصينية فى السعودية، وخرجت القمة بالعديد من الاتفاقيات بين الصين والدول العربية فى مختلف المجالات.
ولقد أشاد رئيس البرلمان العربى عادل العسومى بنجاح "القمة الصينية العربية للتعاون والتنمية" التى انعقدت فى الرياض بالمملكة العربية السعودية، وتم خلالها عقد قمة خليجية صينية، وقمة سعودية صينية، وأضاف: "إن القمم الثلاث تمثل محطة هامة فى دعم وتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الدول العربية والصين، حيث تعد الصين ثانى أكبر اقتصاد فى العالم مما يصب فى مصلحة جميع الأطراف، ويفتح آفاقًا أرحب لعلاقات اقتصادية وتنموية عربية صينية".
وأشاد قادة كل الدول بدور الصين فى دعم القضية الفلسطينية، كما طالبوا بدور دولى أكبر للصين على الساحة الدولية، للدفع نحو إيجاد حل عادل وشامل لقضية العرب الأولى، بما يدعم حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته وعاصمتها القدس.
وفى كلمته أمام القمة الصينية العربية بالرياض، أعرب الرئيس الصينى على سعادته بعقد القمة للمرة الأولى، معتبرًا إياها حدثًا مفصليًا فى تاريخ العلاقات الصينية– العربية نحو مستقبل أفضل، وأضاف: "إن الصين والدول العربية يثقون ببعضهما البعض وتربطهما مشاعر أخوية، وهناك تبادل ودعم ثابت فى القضايا ذات المصالح المشتركة والحيوية للشعوب".
وأكد الرئيس الصينى شى جين بينج، فى كلمته أمام القمة الصينية– الخليجية، على دعم بلاده للأمن والاستقرار فى منطقة الخليج على جميع المستويات، وقال إن بلاده ستواصل استيراد النفط والغاز الطبيعى بكميات كبيرة والاستفادة من بورصة شنجهاى، لتداول النفط والغاز بالعملة الصينية، إلى جانب تعزيز التعاون فى صناعة البترو كيماويات، وإنتاج المعدات والأليات اللازمة لإنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة.
ومن أهم ما أكد عليه الرئيس شى جين بينج عزم بلاده إنشاء المنتدى الخليجى الصينى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتوسيع نطاق التعاون التكنولوجى فى مجالات جديدة، خاصة الجيلين الخامس والسادس من الاتصالات والذكاء الاصطناعى مع تدريب الكوادر البشرية الخليجية فى مجال الفضاء.
وأكد رئيس جمهورية مصر العربية، عبدالفتاح السيسى، فى القمة العربية الصينية فى السعودية، على أن التعاون العربى الصينى تأسس على تعظيم المنفعة والمصالح المشتركة، ومواجهة التحديات التنموية وتقديم أولويات حفظ الأمن والسلم العالميين، وصيانة النظام الدولى المرتكز على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى، واحترام سيادة الدول، وخصوصية الشعوب وحقها فى الاختيار، دون وصاية أو تدخلات خارجية.
وأشار الرئيس المصرى، فى كلمته، إلى القضية التى تؤرق الجميع وهى قضية الأمن المائى العربى، وقال: "أدعو إلى وضع هذه المسألة على رأس أولويات تعاوننا المستقبلى ضمن منتدى التعاون العربى- الصينى وبحث كيفية التعاون لمواجهة هذا التحدى بمختلف الأدوات التكنولوجية والاقتصادية والسياسية".
وفى نهاية القمة الصينية– العربية الأولى أصدر القادة والزعماء المشاركون فيها "إعلان الرياض"، الذى أكدوا فيه العزم على مواصلة التشاور السياسى، وتبادل الدعم بين الجانبين فى القضايا المتعلقة بمصالحهما الجوهرية وهمومهما الكبرى، وتعزيز التضامن بينهما فى المحافل الدولية المختلفة، حول القضايا العالمية ذات الاهتمام المشترك، كما شدد الإعلان على صيانة النظام العالمى القائم على أساس القانون الدولى، والعمل متعدد الأطراف، وتعزيز مبادئ العدالة والإنصاف، والحفاظ على مصالح الدول النامية.
وأشار إعلان الرياض أيضًا إلى أهمية القضية الفلسطينية كقضية مركزية فى الشرق الأوسط تتطلب إيجاد حل عادل ودائم، من خلال إنهاء الاحتلال "الإسرائيلى" للأراضى الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، والتأكيد على عدم شرعية المستوطنات "الإسرائيلية" فى الأراضى الفلسطينية والأراضى العربية المحتلة، وبطلان الممارسات "الإسرائيلية" الأحادية الرامية إلى تغيير الوضع القائم فى القدس، وأهمية حماية المقدسات وهويتها العربية، كما أكد البيان على أهمية استمرار دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وضرورة دعمها.
وأكد الإعلان على التزام الدول العربية الثابت بمبدأ الصين الواحدة، ودعمها جهود الصين فى الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضى الصينية، ورفض استقلال تايوان، ودعم الموقف الصينى فى ملف هونج كونج، وتعزيز التعاون بين الصين والدول العربية.
وحول قضايا المنطقة أكد الإعلان على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية، لإيجاد حلول سياسية للأزمات والقضايا الإقليمية وفقًا للقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات ذات الصلة، وخاصة الأزمات فى سوريا وليبيا واليمن، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على سلامة ووحدة وسيادة أراضى هذه الدول.
وأعرب المشاركون فى القمة عن التزامهم بتعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب، وإدانة جميع أشكال الإرهاب وعدم ربطه بأى عرق أو دين أو جنسية أو حضارة، واقتلاع جذوره وتجفيف منابعه، ورفض المعايير المزدوجة فى مكافحة الإرهاب.
إن انعقاد أول قمة عربية– صينية يعكس المستوى الرفيع الذى بلغته الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، ويعد تتويجًا لمسار طويل منذ تأسيس المنتدى العربى الصينى فى 2004 فى القاهرة.