عبد الرحيم الكردي: على المؤسسات الثقافية القيام بالدور المنوط بها لإنقاذ المعنى
بدأت فعاليات مؤتمر أدباء مصر الدورة 35 والتي جاءت تحت عنوان الفعل الثقافي ومشكلة المعنى دورة الناقد الدكتور شاكر عبد الحميد وجاءت الجلسة البحثية الأولى تحت عنوان "مشكلة المعنى" ، شارك فيها الدكتور عبد الرحيم الكردي بـ "ميراث المعنى ولزوميته"، وقدمها الدكتور سعيد الوكيل.
و أشار الدكتور سعيد الوكيل عبر تقديمه للندوة إلى أن الدكتور عبد الرحيم الكردي كان له برنامج إذاعي تحت عنوان معنى الكلام، وهذا ما يشير له تاريخه، كواحد ممن نغبطهم على تاريخهم الطويل في الثقافة والإبداع فنراه يكتب عن زكي نجيب محمود ويوسف إدريس، ويحقق كتابا لجلال الدين السيوطي وغيرهم إلى جانب ذهابه لكتابة الرواية .
- مفاهيم الثقافة
ومن جانبه قال الناقد والأكاديمي الدكتور عبد الرحيم الكردي، إن الحديث عن كلمة الثقافة والتي لها مايزيد عن 150 تعريف ، و قد أشار الدكتور أحمد أبو زيد ان هذه التعريفات كانت عام 1951، ولو حصرنا الآن التعريفات لمعنى الثقافة لوجدناها أضعاف هذا العدد. وتابع الكردي "نتعامل بعدة مفاهيم للثقافة بشكل مضطرب، وان أعضاء المجلس الأعلى للثقافة كثيرون وكل واحد منهم يفهم الثقافة بشكل مختلف، ولذا تصبح الثقافة كبرج بابل، هذا التعدد يشي بالخطر.
ولفت إلى أن " كلمة "المعنى " تصدى لها عالمان وهما ريتشار وأوجدن وحاولا حصر المعاني التي دل عليها المصطلح هذا المصطلح ، وقد أصدر كتابا تحت عنوان "معنى المعنى هدفه تحديد معنى لكلمة "المعنى" ، إلى جانب ذلك هناك معجم الألفاظ والذي يفهم به الأشياء يوجد معجم آخر لاستخدامات الألفاظ.
- المعنى والإنسان
وأشار إلى أن علماء النفس يقولون ليس هناك معنى أن تكون للحياة معنى دون معنى، اذا ذهب المعنى من الإنسان فإنه ميت وهو حي، ومن الناحية الاجتماعية لو ان هناك مجتمع صار محجوب عبد الدايم وصار بلا معنى، وأكد على أن الإنسان عندما يشعر انه بلا معنى عليه أن يختار خيارا من ثلاثة وهم أن ينتحر، أو يقتل ، والأخير وهو يعيش ميت، والانجليزي فيكتور صاحب العلاج بالمعنى كان اشهر طبيب يعالج المقبلين على الانتحار وكان يعالحهم بالمعنى، َكان يسأل مرضاه لماذا لم تنتحر حتى الآن، وعندما يجيب عنه سؤاله فهو يعرف أول خيط لوصول المعنى في حياة مريضه.
وتابع عندما يكون السؤال من أين ينشأ المعنى، فإن الاجابة تكون دائما من حيوية الامكانيات الإنساني’ وأشار الكردي إلى ان الثقافة العربية الإسلامية هي ثقافة تأويل كل الأشياء التي تعطي الإنسان معنى قديما وحديثا يؤله ويفهمه، أو قد لايفهمه، ومما يؤسف له ان الثقافة العربية اعتبرت الدين نصا.
وتابع أما عن النهضة العربية الحديثة فقد كان أغلب الحكام العثمانيين أقرب إلى محجوب عبد عبد الدايم بصيغة أو بأخرى، وتساءل هل يعقل ان هناك قائد يحارب نابليون بونابرت بعديه ياسين. ولفت الي ما ذهب إليه يحيى حقي عن إعراض محمد علي عن الأزهر ولو كان دخل من باب الأزهر لكان الامر مختلف تماما الان. وتابع " أشار فتحي رضوان ذهب إلى ذهاب طه حسين و عباس محمود العقاد بالكتابة في الإسلاميات وهذا على عكس قناعاتهم وبداياتهم، وأنا مع نقد فتحي رضوان لجيل طه حسين والعقاد، واعذرهم لانه لم يكن أمامهم إلا أن يكون َوسطاء.
َوأشار "الكردي" إلى ان ما كان يجري في تلك الفترة على حد وصف جمال حمدان" أن كل شيء كان بعقل محمد علي العسكرية ". ولفت إلى أن هذه الثقافة كونت جيلا كنواب موظفين، وهذا يظهر َواضحا في محاربتهم لعرابي َكيف كأنما يعملوا بالاتفاق مع الانجليز، وتابع هذا كان عن التنويريين فماذا عن الإصلاحيين والذين خلطوا بين العلم َوالحقيقة وهو ما أدى إلى تقوقع الإصلاحيين على نفسهم ومازال هذ التقوقع مستمرا حتى الآن، وختم على المؤسسات سواء الثقافية أو مؤسسة الأزهر عليها ان تؤدي الدور المنوط بها ، َفكلاهما غير منقذا للمعنى الآن .
وعقب ختام كلمة الدكتور عبد الرحيم الكردي حول المعني افتتحت الجلسة باب المناقشات، لتأتي كلمة الدكتور محمود الضبع حول التعدد والتنوع الثقافي الذي يحيلنا إلى قبول التعريفات المختلفة للثقافة داخل سياقاتها ، إلى جانب ذلك ليس من الضروري أبدا وليس مطلوبا على ان نقف على تعريف واحد .
وأشار الكاتب والناقد والأكاديمي حمدي سليمان عبر كلمته إلي ضرورة طرح السؤال ما وراء المعنى، وكيف يمكن خلق معاني مختلفة تسهم وتضيف في حياتنا .
ومن جانبه أشار الناقد والأكاديمي الدكتور محمد محمود حسين هندي إلى أن فيما يتعلق بمشكلة المعني وعلاقتها بالواقع الثقافي ، يمكن القول إنه من الصعوبة تحديد أطرها تحديدا دقيقا خصوصا في علاقتها بالرؤية الإبداعية ، ذلك لأن المبدع الحقيقي هو حالة إنسانية تستمد تجلياتها من الواقع الذي أفرز للثقافة التي يتشابك معها سلبا أو ايجابا ليست الثقافة بالمعنى الضيق التي تحصر نفسها في المنتج الفكري ، إنما بمعناها العام الموسع الذي يحيلها إلى مجموعة المعطيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية والمعرفية التي عليها واقع ما ؛ هنا يبني المعنى ويتعدد بتعدد رؤية المبدع لكل معطى على حده من هذا المنطلق يصعب تحديد رؤية أيدلوجية معينة لمبدعيها طوال مشروعه الثقافي والإبداعي.