أمانة الكلمة
ليس هناك من أمانة أثقل حملًا من أمانة ومسئولية الكلمة.. أصبحنا جميعًا مسئولين عن كل كلمة تذاع أو تقرأ أو تسمع تتعلق بالوطن… وهى مسئولية لو تعلمون كبيرة… بلادنا تمر حاليًا بمرحلة تاريخية غير مسبوقة.. وظروف اقتصادية هى الأصعب منذ عام 1967 ولكنها ليست الأسوأ على الإطلاق فهناك الكثير من دول العالم تمر بظروف مماثلة ولكنها تفتقد القدرة على الصمود أمام تلك الصعاب... أما فى مصر فإننا نواجه ما يمر به العالم بقدر كبير من الصبر والتحمل من منطلق قناعتنا بأن بلادنا تعرضت للعديد من الأزمات وتجاوزتها بفضل تلك الحماية الإلهية فى المقام الأول، ثم شعبها الأصيل الذى يعرف قيمة الوطن ومعنى حمايته والدفاع عنه والعمل على العبور به ما بين أزمة وأخرى إلى بر الأمان.
منذ عام 2016 بدأت البلاد تشهد نهضة غير مسبوقة فى جميع المجالات إلى أن شاءت الأقدار اقتحام فيروس كورونا دول العالم الذى انغلق على نفسه فجأة وتعطلت عجلة الحياة لمدة عامين على الأقل، كانت كفيلة بأن تصيب الاقتصاد المصرى فترة ليست قصيرة وما أن بدأ فى التعافى حتى اندلعت الحرب الروسية– الأوكرانية التى كانت آثارها أكبر بكثير من كورونا، حيث تجاوزت الحدود، ويبدو أن هذا الشتاء سوف يصيب دولًا كثيرة وكبيرة بتوقف الحياة فيها نتيجة نقص الوقود والغذاء الذى كان يتم استيراده من كلتا الدولتين المتحاربتين... واستغلت أبواق الشر وأعداء الوطن ما يحدث استغلالًا يجب أن نعترف بأنه حقق نجاحًا فى تشكيك المواطن فى قدرات دولته على تحمل تلك الظروف وتجاوزها على الرغم من أنه وحتى الآن مازالت معظم السلع الغذائية متوافرة، وإن كان ثمنها قد ارتفع نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية وصعوبة عملية الاستيراد وكذلك التصدير... وعلى الرغم من التأكيد المستمر على قيام الدولة بواجبها تجاه ذلك وتوفير السلع الضرورية من خلال منافذها المختلفة بأسعارها العادية إلا أن تلك الأبواق وجدت الفرصة سانحة لكى تنشر القلق والتشكيك وتبث الشائعات وتجتزئ الحوارات واللقاءات لكى تتصيد كلمة من هنا أو هناك تبنى عليها موضوعات وهمية، بيد أنها تتفنن فى جعلها حقيقية من خلال كلمات أو برامج قديمة، وعبارات قيلت فى مناسبات مختلفة تمامًا عن الظروف الحالية، وعلى الرغم من محاولات الإعلاميين المصريين الدءوبة للتصدى لتلك الحملات الممولة والمشبوهة إلا أن العديد من المواطنين تولد لديهم شعور بعدم مصداقيتهم لسبب أو لآخر، ومن هنا كان لابد من وجود منبر إعلامي جديد ينتمى للدولة المصرية ولا ينتمى لرجال أعمال أو أصحاب مصالح... منبر يضم وجوهًا إعلامية مقبولة جماهيريًا معظمها من الشباب الوطنى الحر...منبر إعلامي لديه من الإمكانيات الفنية والتقنية والبشرية ما يؤهله أن يتحدث الى جميع دول العالم فى وقت واحد بالكلمة الصادقة والمعلومة الصحيحة والبرامج الهادفة التى تعرض الواقع دون تزيد أو تبرير وتناقش الوقائع المطروحة من خلال مراسلين على أعلى مستوى ثقافى وسياسى فى معظم دول العالم، حيث تناقش الأحداث العالمية ولا تقتصر على الجانب المحلى فقط.
بدأت بالفعل "قناة القاهرة الإخبارية" الوليدة فى بث برامجها رسميًا يوم الإثنين الموافق أول شهر نوفمبر الماضى ورأينا مراسلين مصريين وعربًا وأجانب ينقلون الحدث فى حينه، وفى التوقيت ذاته الذى تنقله كبريات وكالات الأنباء العالمية، وشاهدنا إمكانيات استوديوهات تلك القناة التى تم تجهيزها على أعلى مستوى يليق بمكانة مصر، وبدأت المواقع الإخبارية المصرية تنقل أهم الموضوعات والأخبار التى تحدث فى العالم من خلال قناة القاهرة الإخبارية اعتمادًا على مصداقيتها ودقة معلوماتها .. كما بدأت القناة فى عرض العديد من البرامج المتخصصة التى تتلاءم مع طبيعة المرحلة، ومن هنا كان الجانب الاقتصادى يشغل حاليًا حيزًا معتبرًا من برامج تلك القناة كى تحقق للمشاهد ما يريد أن يعرفه من دقائق الأوضاع الاقتصادية سواء داخل أو خارج البلاد.
من وجهة نظرى فإن بداية بث قناة القاهرة الإخبارية كان محل اهتمام الجميع، حيث سبق ذلك حملة إعلامية قوية تبشر بهذه القناة الجديدة، وهو الأمر الذى أسعدنا جميعًا، وجعلنا نترقب أولى ساعات البث، ولم يخب الظن فى تلك التوقعات، حيث شاهدنا تطورًا نوعيًا وموضوعيًا ووجوهًا مبشرة بالنجاح وعرض الموضوعات والأخبار فور وقوعها أيًا ما كان موقع حدوثها... كما رأينا بعض البرامج الحوارية تستضيف وجوهًا جديدة كلًا فى مجال تخصصه لطرح المشكلة وتصورات حلولها.. ومازلنا حتى الآن على يقين بأن تلك القناة سوف تحقق النجاح المأمول منها خاصة، أن جميع المؤشرات تؤكد أن برامجها وأخبارها وحواراتها تلتزم "بأمانة الكلمة"... وجميع العاملين بها يدركون تمامًا خطورة فقدان مصداقيتهم لدى المشاهد المصرى والعربى والأجنبى، ومن هنا فالمسئولية كبيرة بالفعل، والسوشيال ميديا لم تجعل للأخبار الكاذبة مجالًا، ومن هنا كان الالتزام والمصداقية هما الشعار الذى اتخذته قناة القاهرة الإخبارية الجديدة.
بطبيعة الحال فإننا لا يمكن أن نحكم على مدى نجاح أو انتشار برامج القاهرة الإخبارية خلال فترة لم تتعد الشهرين، ولكن هناك مؤشرات تقول إنها بدأت بأسلوب مقبول، وإنها تسير بخطى ثابتة وواثقة إلى المزيد من التقدم والانتشار بأسلوب راقٍ ومقنع، خاصة تلك اللقاءات التى تتم على الهواء، من خلال مراسليها المنتشرين فى جميع أنحاء العالم... كذلك أيضًا فإنه من الصعب القول إن القاهرة الإخبارية سوف تنافس شبكات التواصل الاجتماعى وصفحات السوشيال ميديا بسهولة، فالأمر يحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد وأيضًا فى حاجة إلى دعمها جماهيريًا وشعبيًا من خلال الاستمرار فى متابعة برامجها وأنشطتها، وأن تزداد نسب المشاركات الهاتفية أثناء البرامج الحوارية لإحداث ذلك التفاعل المطلوب بين الإعلام والشعب، ولاشك أن ذلك سوف يتحقق ما دام شعارها "أمانة الكلمة"، وكلما استشعر المصرى الصدق والمصداقية زاد إقباله على القاهرة الإخبارية التى ولدت من رحم الأحداث والظروف الصعبة التى يمر بها العالم بأسره، ولكنها ولدت كبيرة وصادقة، والصدق كما نعلم جميعًا هو مفتاح الثقة والنجاح .. وتحيا مصر.