مطرانية الزقازيق.. اختارت السيدة العذراء اسمها.. وكانت مقرا لتعبد اليونان أرثوذكس
يستعد مسيحيو العالم أجمع، بكافة طوائفهم، فى هذه الأيام، لاستقبال احتفالات عيد الميلاد المجيد، والذى تستمر الاحتفالات به على مدار شهرى ديسمبر ويناير من كل عام.
وفى ذكرى الميلاد، حرصت “الدستور” على تسليط الضوء على أهم الملامح القبطية، بمحافظة الشرقية، من كنوز ببعض الأماكن بالمحافظة، لتعريف القراء بتلك المعلومات القيمة المتواجدة على أرض محافظة الشرقية.
وعلى أرض مطرانية الزقازيق ومنيا القمح، والتى شهدت على تغير العصور المختلفة، يتواجد كنوز مخفية، كان لزاما أن يتم التعريف بقيمتها وإلقاء الضوء عليها، تزامنا مع الإحتفالات بعيد الميلاد المجيد.
كانت مقر عبادة اليونان ارثوذكس :
وفى لقاء مع القس متياس يعقوب، كاهن كنيسة السيدة العذراء والقديس ماريوحنا الرسول، سرد قصة التحفة الفنية القبطية، القائمة على أرض محافظة الشرقية قائلا .. أن البداية فى منتصف القرن الـ19 حيثما كان مجموعة من مسيحيين اليونان، يستقرون بمصر، وتحديدا بمحافظة الشرقية، فكان لابد لمجتمعهم من إنشاء مدرسة لأولادهم وكنيسة للعبادة، و كان لهم كنيسة صغيرة جدا، والتى تقع حاليا فى منطقة الحسينية بالزقازيق، وحين بدأ عددهم فى الزيادة، قرروا أخذ مكان أكبر لإقامة كنيسة، وذلك عام 1897 ، و وقع اختيارهم على مقر المطرانية الحالى.
وتابع فى حديثه لـ“الدستور” أنه فى عاد 1952 أعاد اليونان ارثوذكس إفتتاح الكنيسة وتوسعتها، وكان ذلك التاريخ مدون على اللافتة الامامية للكنيسة، وكانت الكنيسة فى ذلك الوقت هى مطرانية محافظات الدلتا جميعا، وكان لها قيمة دينية وروحية.
تسلمها أقباط مصر من اليونان ارثوذكس و أعادوا إحيائها :
وحين بدأ اليونانيون فى الرحيل عن محافظة الشرقية، بعد أن قرروا البحث عن فرص عمل بالقاهرة و الإسكندرية، أو رغبة البعض فى الهجرة لبلاده مرة أخرى، قل عددهم بصورة كبيرة بمحافظة الشرقية، فظلت الكنيسة مغلقة لسنوات طويلة وكان يتم فتحها سنويا لمجموعة من مسيحيين اليونان لأداء الصلاة فيها، ثم يرحلون مرة أخرى.
وظلت الكنيسة على ذلك الحال، إلى عام 1995، حتى تم شرائها عام 1995 فى عهد الأنبا ياقوبوس وكان يتم شراء الأرض ولكن مبانى الكنيسة ومبانى العبادة لا تباع، وتكون عبارة عن هبة، و بدأ أقباط مصر فى تطويرها وتوسعتها حتى أصبحت بما هو عليه الآن برئاسة الأنبأ تيموثثاوس أسقف ابراشية الزقازيق ومنيا القمح.
“ هل كانت الكنيسة مكان بيت كولوم المصرى الوحيد الذى استقبل العائلة المقدسة ” ..
سادت أقاويل ودلائل تؤكد أن مطرانية الزقازيق ومنيا القمح هى مكان بيت كولوم المصرى الوحيد الذى استقبل العائلة المقدسة، بعد أن رفض المصريون استقبالهم، لكونهم لا يحبون استقبال الغرباء، و كانت العائلة المقدسة التى أتت هاربة من فلسطين، تتكون من السيدة العذراء والسيد المسيح والقديس يوسف النج، ورفض المصريون استقبالهم باستثناء رجل يدعى “ كولوم ”، وأسرته، فتحوا بيتهم للعائلة المقدسة.
فيما سادت معتقدات وأقاويل أخرى تشير إلى أن منزل كولوم كان مكان كنيسة السيدة العذراء الكائنة بمنطقة الحريرى بالزقازيق.
أيقونات أثرية منذ عام 1889 صنعت من ماء الذهب والنحاس المطروق :
وأضاف القس متياس يعقوب، أن الكنيسة تحوى “كنوز” من الأيقونات داخلها تركها اليونان ارثوذكس ورائهم، حيث وُجد بداخلها ايقونات نادرة وفريدة و أثرية، تحكى قصص ليست موجودة فى اى مكان فى الدلتا كاملة.
وقد تميز اليونانيون بإتقان صناعة تلك النوع من الأيقونات، كما تميزوا بتجميل الكنائس و الاهتمام بها حتى أكر من منازلهم، فكانت الكنائس فى عهدهم بديعة الجمال وتتحلى بلوحات من الفن البيزنطى واليونانى والرسومات الزيتية التى تعبر عن قصص وشخصيات مسيحية مميزة.
وأكد القس متياس، أن اليونان كانوا يتميزون بفن الأيقونات المصنوعة من “النحاس المطروق“، وهى نوع من الأيقونات تتميز بالجمال و بالدقة المتناهية فى الصنع والتعبير، فتكون عبارة عن لوحة مرسومة، ومغطاة بطبقة بارزة مصنوعة من النحاس المطروق والمنقوش بطريقة دقيقة، تجعلها بارزة وتكاد تبدو حقيقية، وفى عام 2006 تم تزيين مقدمة الكنيسة بأيقونة قبطية صنعها الفنان العالمى الراحل ” عادل نصيف ” فنان الأيقونات القبطية والذر زينت جدارياته أشهر الكنائس الألمية فى الولايات المتحدة واليونان والدنمارك وفرنسا وغيرها من الدول.
وفى أعقاب عام 1995 وبعد استلام أقباط مصر للكنيسة فقد تم تطويرها وتوسعتها وتم تغيير ملامحها، حيث تم إضافة تصميمات بالحجر الفرعونى، وتغيير بعض رموز العبادة والطقوس المسيحية اليونانية، إلى المصرية، وأخذ تطويرها 5 سنوات حتى تظهر بهذا الشكل الحالى الموجود عليه الكنيسة.
وتتكون الكنيسة حاليا من قاعة كبرى للصلاة، وداخلها هيكل، وخورس يصلى فيه الشمامسة، وحديقة يحيطها مقاعد، إلى جانب مبنى إدارية، ومكان للمعمودية تم تجميله وتوسعته عام 2021.
كيف اختارت السيدة العذراء اسم الكنيسة الحالى :
كانت الكنيسة فى عهد اليونان تسمى “الثلاثة أقمار القديس باسيليوس و اغريغوريوس ويوحنا ذهبى الفم”، و قد تم الإتفاق على تسميتها باسم القديس ماريوحنا الرسول، إلى أن جاءت السيدة العذراء فى الرؤيا للأنبا ياقوبوس تطلب أن يطلق اسمها على الكنيسة لأنها تواجدت وعاشت لفترة بذلك المكان.
وبدأت الكنيسة تصبح مقرا للإبراشية منذ عام 2002 وأصبحت مقر المطران منذ 20 عام، ويجسد مبنى الكنيسة عند رؤيته من أعلى شكل الصليب
جهود كبيرة للكنيسة فى إحياء مسار العائلة المقدسة :
وتابع القس متياس يعقوب.. أن الكنيسة لطالما حاولت إبراز قيمة محافظة الشرقية فى رحلة العائلة المقدسة، و دائما ما تحرص على ان يكون المكان مقرا للإحتفال برحلة العائلة المقدسة، وتقيم الإحتفالات الرسمية سنويا بهذه المناسبة بشكل مكبر، وكانت داعما أساسيا فى اختيار اليونسكو لمحافظة الشرقية و إدراجنا كنقطة رسمية على خريطة مسار رحلة العائلة المقدسة.