التنافس بين القوى العالمية يخدم مصالح القارة السمراء..
خبراء: تعزيز التعاون مع واشنطن لا يعنى القطيعة مع القوى العالمية الأخرى
رأى خبراء في العلاقات الدولية أن القمة الأمريكية الإفريقية تعد بنتائج مبشرة لدول القارة السمراء، في ظل حرص الإدارة الأمريكية على تحجيم النفوذ الصيني والروسي، ووقف تمددهما في القارة.
وشدد الخبراء في الوقت ذاته، خلال أحاديثهم لـ«الدستور»، على أن تعزيز التعاون مع واشنطن، لا يعني القطيعة مع القوى العالمية الأخرى، مشيرين إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تسعى لتقديم إغراءات قوية لدول القارة، من أجل تحويل بوصلتها من الصين وروسيا إلى واشنطن مرة أخرى، بعد فترة من الفتور خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.
وقال هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، إنه من المعروف فى حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن وجود تنافس ونزاعات وأزمات وحالة استقطاب إقليمي ودولي على مكانة النظام العالمي، من شأنها أن تفرز مساحات كبيرة من المرونة والفرص والتفاوض للدول الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف «سليمان»: «أعتقد أن هذه ميزة في هذا التوقيت»، معتبراً أن «الوضع الحالي يشبه إلى حد بعيد أجواء الحرب الباردة، ومراحل تاريخية سابقة، ويساعد على تعزيزه، الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من سجال بين واشنطن وموسكو، وهذا من شأنه أن يفرز مساحات كبيرة لفاعلين آخرين مثل الدول العربية».
وواصل: «القمة تأتي في توقيت مهم جدًا للولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول البحث عن نفسها مرة أخرى، وإعادة رسم علاقتها مع المحيط الإفريقي، بعد القمة الأمريكية الأفريقية الأولى في 2014».
وأشار إلى أن هناك فجوة كبيرة بين واشنطن والدول الإفريقية وحالة انحسار وتراجع للعلاقات، لصالح أدوار لقوى أخرى مثل الصين وروسيا، وفاعلين آخرين مثل إيران وإسرائيل، وبعض الدول الجديدة والصاعدة، لذا فإن القمة من شأنها أن تعطي أدوارًا مهمة وفرصًا على المستوى السياسي والاقتصادي للعديد من الدول الإفريقية.
وتابع: «وجود تنافس صيني أمريكي في المنطقة وفي القارة الإفريقية، من شأنه أن يعود بنتائج إيجابية على الدول العربية، لأن هناك حالة من التنافس والتزاحم ورغبة في استقطاب العديد من الدول الإفريقية، نظرًا لفاعليتها ودورها في هذا التوقيت».
ورأى أن دولة كبيرة مثل مصر شريك مهم وأساسي للعديد من الدول الإفريقية ومفتاح رئيسي وأساسي، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز علاقاتها معه، كما فعلت روسيا من قبل، عبر جعل مصر مدخلًا للعلاقات الروسية الإفريقية، وأيضًا الصين التي تربطها علاقات اقتصادية كبيرة جدًا مع مصر.
وأضاف: «بالتالى هذا الأمر ينسحب أيضًا على الدول العربية التي لديها فرص ومساحات كبيرة، يتوجب على كل دولة أن تسعى لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منه لخدمة مصالحها الخاصة».
وتوق أن يسهم التنافس الأمريكي الصيني في توسيع مساحات الفرص للدول العربية وخلق العديد من المزايا، دون أن يكون هناك تعارض بين التنسيق مع هذا المعسكر أو ذاك، مضيفاً: «يجب إدارة هذه التوازنات والعلاقات بحكمة شديدة خاصة من الدول العربية بما يحقق مصالحها، فالتعاون مع الولايات المتحدة لا يعني مقاطعة الصين أو روسيا».
واختتم بقوله: «التنافس الصيني الأمريكي يفيد الدول العربية بشكل كبير، ويزيد من الفرص ومساحات التفاوض والقيود التي تفرضها هذه الدول لتحقيق مصالحها، وسيجعل هناك حرص أمريكي وصيني على الدخول في علاقات قوية مع الحلفاء، من خلال تقديم عروض مغرية ومساعدات كبيرة».
وقال الباحث السوداني في الشئون السياسية، محمد كامل، إن القمة الأمريكية الإفريقية واحدة من آليات تنفيذ السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وأضاف: «من الواضح أن الإدارة الأمريكية تسعى لتحقيق مصالح مشتركة مع بعض الدول الإفريقية، تكون في ظاهرها اقتصادية تنموية، وفي باطنها تنفيذ لسياسة تحييد النفوذ الصيني والروسي لضمان تحجيمه، سياسيًا واقتصاديًا، في القارة».
وتابع: «بحسب وعود الإدارة الأمريكية فإن الدول الإفريقية المشاركة في القمة ستتاح لها فرص الحصول على تمويلات متعددة من موازنة تقدر بـ55 مليار دولار رصدتها إدارة بايدن لدعم الديمقراطية والتنمية والسلام وتفعيل دور الشباب الإفريقي لصناعة قادة المستقبل، وبالطبع لن تتمكن هذه الدول من الحصول على حصتها من التمويلات الأمريكية إلا وفق منهجية محددة ومرسومة بعناية تسمح بتحقيق السياسة الأمريكية في المنطقة».
وقال الصحفي والكاتب الصومالي أحمد جيسود، إن القمة تأتي وسط كثير من التحديات والأزمات الدولية التي تستدعي تعزير أطر التعاون المشترك بين الجانبين، في حين تشهد القارة الإفريقية تنافس القوى الدولية الكبرى على مواردها ومواقعها ذات الأهمية العالمية بما تحتويه من ثروات طبيعية وموارد بشرية.
وأضاف: «من المتوقع إبرام عدة اتفاقيات وبروتوكولات تعاون بين الدول المشاركة والولايات المتحدة، خاصة في مجالات الشراكة التجارية ودعم الابتكار ومحاربة الإرهاب وغيره من الملفات ذات الأولية المشتركة بين الطرفين، إضافة إلى تسهل توفير تمويل للاستثمار».
واختتم بقوله: «لا بد أن تكون هناك جدية من الطرفين في تنفيذ مخرجات على أرض الواقع، وتشكيل اللجان المشتركة للمتابعة في تنفيذ مخرجات القمة، لتسهيل بعض الملفات، مثل تعزيز التجارة، أوتقديم تمويلات لمشروعات التكيف وتخفيف حدة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية».