رسالة بابا الفاتيكان بمناسبة اليوم العالمى للسلام
صدرت صباح اليوم الجمعة، رسالة قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في اليوم العالمي السادس والخمسين للسلام، والتي جاءت تحت عنوان «لا أحد يمكنه أن يخلص بمفرده، الانطلاق مجدّدًا من فيروس الكورونا لكي نرسم معًا دروب سلام».
وقال بابا الفاتيكان:"لقد دفعنا فيروس الكورونا إلى قلب الليل وزعزع استقرار حياتنا العادية، وقلب خططنا وعاداتنا رأسًا على عقب، وقلب الهدوء الظاهر حتى في المجتمعات الأكثر امتيازًا، وولد الارتباك والألم، وتسبب في وفاة العديد من إخوتنا وأخواتنا".
وتابع:"وإذ دُفعنا في زوبعة التحديات المفاجئة وفي موقف لم يكن واضحًا تمامًا حتى من وجهة نظر علمية، تحرّك عالم الصحّة لكي يخفف آلام الكثيرين ويحاول أن يجد لها علاجًا؛ وكذلك السلطات السياسية، التي اضطرت إلى اتخاذ تدابير كبيرة من حيث تنظيم وإدارة حالة الطوارئ، بالإضافة إلى الأعراض الجسدية، تسبب فيروس الكورونا، مع تأثيرات طويلة المدى، بضيق عام تركّز في قلوب العديد من الأشخاص والعائلات، مع آثار لا يمكن إهمالها، غذّتها فترات طويلة من العزلة وقيود مختلفة للحرية".
وأوضح: كذلك، لا يمكننا أن ننسى كيف أثر الوباء على بعض نقاط الضعف في النظام الاجتماعي والاقتصادي، وأدى إلى ظهور تناقضات وعدم مساواة. لقد هدد الأمن الوظيفي لكثيرين وزاد من حدة الشعور بالوحدة المتفشي بشكل متزايد في مجتمعاتنا، ولاسيما لدى الأشخاص الأشدَّ ضعفًا والفقراء. لنفكّر، على سبيل المثال، في الملايين من العمال غير الرسميين في أماكن عديدة من العالم، والذين قد تركوا بدون عمل وبدون أي دعم طوال فترة الحجر.
وأضاف: نادرًا ما يتقدم الأفراد والمجتمع في المواقف التي تولد مثل هذا الشعور بالهزيمة والمرارة: فهو في الواقع، يضعف الجهود التي بُذلت من أجل السلام ويسبب صراعات اجتماعية وإحباطات وعنفًا بمختلف أنواعه. وبهذا المعنى، يبدو أن الوباء قد بلبل حتى أكثر المناطق سلامًا في عالمنا، وأظهر عددا لا يحصى من الهشاشة والضعف.
وتابع:"لقد تعلمنا أيضًا أن الثقة التي وضعناها في التقدم والتكنولوجيا وآثار العولمة لم تكن مفرطة فحسب، بل تحولت أيضًا إلى تسمُّمٍ فردي ووثني، يقوِّض الضمان المنشود للعدالة والوئام والسلام. في عالمنا الذي يركض بسرعة كبيرة، غالبًا ما تغذّي مشاكل الاختلالات والظلم والفقر والتهميش المنتشرة العلل والصراعات، وتولد العنف وحتى الحروب".
وواصل: وبينما أظهر الوباء من جهة هذا كلّه، إلا أننا قد تمكنا، من جهة أخرى، من أن نقوم باكتشافات إيجابية:"عودة مفيدة إلى التواضع؛ إعادة تشكيل لبعض الادعاءات الاستهلاكية؛ حسُّ تضامن متجدد يشجعنا على الخروج من أنانيتنا لكي ننفتح على ألم الآخرين واحتياجاتهم؛ بالإضافة إلى الالتزام، وفي بعض الحالات البطولي، للعديد من الأشخاص الذين بذلوا أنفسهم لكي يتمكن الجميع من أن يتغلبوا بشكل أفضل على مأساة حالة الطوارئ. من هذه الخبرة جاء الوعي الأقوى الذي يدعو الجميع، الشعوب والأمم، لكي يضعوا كلمة "معًا" في المحور مرة أخرى".
واستطرد:"والواقع معًا، في الإخوة والتضامن، نحن نبني السلام ونضمن العدالة، ونتغلب على أكثر الأحداث إيلامًا. إن الأجوبة الأكثر فعالية على الوباء كانت في الواقع، تلك التي شهدت مجموعات اجتماعية ومؤسسات عامة وخاصة ومنظمات دولية متحدة مع بعضها البعض لكي تجيب على التحدي، تاركةً مصالحها الشخصية جانبًا. وحده السلام الذي يولد من الحب الأخوي والمُتجرِّد يمكنه أن يساعدنا في التغلب على الأزمات الشخصية والاجتماعية والعالمية".