القمة الأمريكية الأفريقية.. خبراء: دعم لوجستي لمكافحة الإرهاب.. ومشروعات تنموية لتحسين جودة الحياة
أبدى عدد من الخبراء والسياسيين تفاؤلهم بشأن النتائج المرتقبة من القمة الأمريكية الإفريقية، التى تستضيفها الولايات المتحدة فى العاصمة واشنطن، برعاية الرئيس جو بايدن، وحضور عدد كبير من زعماء وقادة القارة السمراء، على رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وتوقع الخبراء والسياسيون أن تولى واشنطن أهمية كبرى لدعم القدرات الأمنية والعسكرية لدول القارة السمراء؛ لتمكينها من القضاء على الجماعات الإرهابية، بالتوازى مع ضخ استثمارات جديدة وإقامة مشروعات تنموية من شأنها تحسين جودة الحياة وكسب ثقة وود الزعماء والشعوب الإفريقية.
سليمان عوض المزينى: خطوة مهمة تخدم مصالح الجانبين
قال سليمان عوض المزينى، رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد جامعة عمر المختار فى ليبيا، إن القمة خطوة مهمة بالنسبة للطرفين، الإفريقى والأمريكى، فى ظل وجود حاجة ماسة للتقارب على جميع المستويات.
وأضاف، لـ«الدستور»، أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول تبنى علاقات متينة مع الدول الإفريقية من أجل حماية مصالحها فى شتى بقاع العالم، وهذا ما دفعها باتجاه عقد هذه القمة.
وتابع: «هناك رغبة حقيقية من جانب واشنطن لتعزيز الشراكة مع إفريقيا، وعلى الجانب الآخر تعوّل الدول الإفريقية على الولايات المتحدة لتكون أكثر جدية فى تعاملها مع عدة ملفات مهمة تتطلب شراكة فعالة بين الجانبين». وأشار إلى أن مكافحة الإرهاب من أبرز الملفات المطروحة للتعاون، وهو أمر لن يتم إلا بتعزيز التنسيق الأمنى والعسكرى لتمكين بعض الدول المستهدفة من التصدى للتنظيمات المسلحة الإرهابية ومنعها من التمدد أو الانتشار والسيطرة على مناطق جديدة، إلى جانب تمكين دول القارة من فرض السيطرة وحماية الاستقرار ونزع فتيل الحروب والصراعات الداخيلة. وقال «المزينى»: «هناك دول يستهدفها الإرهاب، مثل تونس ومالى والنيجر والجزائر وتشاد وليبيا ومصر، ويتوجب على واشنطن دعم هذه الدول؛ لأن قضية الإرهاب لم تعد قضية محلية أو إقليمية». وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل على دعم الدول الإفريقية المستهدفة لوجستيًا وعسكريًا، من أجل إتمام مهمة القضاء على الإرهاب فى إفريقيا.
محمود محمد حسن: على واشنطن أن تقدم طرحًا جديدًا
قال الباحث الصومالى، محمود محمد حسن، إن الإدارة الأمريكية الحالية تسعى إلى تحسين العلاقات مع إفريقيا بعد الفتور الذى شهدته خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب. وأضاف: «تجهز واشنطن أجندة عمل تركز على الاقتصاد والبيئة، تقدم طرحًا جديدًا للتعامل مع الدول الإفريقية كلاعب أساسى على الساحة الجيوسياسية الدولية، بدلًا من اعتبارها مسرحًا للتنافس بين الدول الكبرى». وتابع: «على الرغم من الشعارات والعناوين الجذّابة، فإن قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على رأب الصدع الحاصل بينها وبين العديد من الدول الإفريقية طواعية لا تبدو واضحة».
واستطرد: «لا تزال هناك عقبات أمام تصدير المنتجات الإفريقية إلى أسواق العالم بسبب القيود الأمريكية، إضافة إلى قضايا أخرى عالقة، مثل هجرة العقول ورءوس الأموال من إفريقيا، وجميعها يؤثر بالسلب على دول وشعوب القارة، فى حين يتم التركيز على ملفات ليست ذات أولوية لدى سكان القارة، كحقوق فئات بعينها والتعاون فى علوم الفضاء وغيرهما من الأمور». وأوضح «حسن» أن الدول الغربية عامة والولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا اعتادت على التركيز والضغط باتجاه مشروعات التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، رغم كلفتها العالية، وتابع: «هذا التركيز على الطاقة النظيفة يأتى فى قارة تسهم بأقل من ٤٪ مما يتم إطلاقه من الغازات الدفيئة، فى حين أن ارتفاع كلفة الطاقة الكهربائية والوقود يعوق النمو الاقتصادى اللازم لتحسين جودة الحياة فى القارة، ويترافق ذلك مع التأثيرات المدمرة للتغير المناخى الذى تتسبب به دول خارج القارة».
إيمان زهران: بروتوكولات فى الاقتصاد والاستثمارات
قالت الدكتورة إيمان زهران، أستاذ العلاقات الدولية، إن القمة تزامنت مع تغير نوعى فى التحركات الاستراتيجية لدول القارة الإفريقية، وسعيها لتنويع الشركاء، ويُضاف إلى ذلك أن تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية فرضت على الإدارة الأمريكية إعادة النظر فى علاقاتها بدول القارة السمراء، وخلق مساحات مشتركة تتوافق مع أجندتها الأمنية والتنموية.
وأوضحت أستاذ العلاقات الدولية أن القمة جاءت أيضًا فى سياق التنافس الدولى من جانب القوى الكبرى على بناء وتقوية الشراكات الاقتصادية والسياسية والأمنية مع القارة الإفريقية، وهو ما انعكس فى العديد من القمم التى جمعت الدول المتقدمة والبارزة اقتصاديًا مع إفريقيا، وتابعت: «القمة ستثمر عددًا من البروتوكولات الحاكمة للإطار التعاونى بين واشنطن ودول القارة، فى العديد من المجالات الاقتصادية والأمنية والتنموية ونظم الحوكمة والتجارة البينية والاستثمارات الأجنبية المباشرة والأمن الغذائى وتحسين النظم الصحية، فضلًا عن البناء على مخرجات قمة المناخ «كوب ٢٧».
السنوسى الحليق: تنسيق مع مصر للقضاء على الإرهاب
قال السياسى الليبى، السنوسى الحليق، إن القمة الأمريكية الإفريقية تدل على تعديل الميزان العالمى، موضحًا: «الآن سيكون للدول الإفريقية دور كبير، وأتمنى أن أرى شراكة إفريقية أمريكية تثمر إنشاء مشروعات تنموية فى القارة».
وأضاف السياسى الليبى: «الصراع بين الغرب والشرق صراع إقليمى، وللأسف الشديد خسر الفرنسيون كل أصدقائهم فى إفريقيا.. يحاول الأمريكان والأوروبيون تجديد صداقاتهم مع الدول الإفريقية بصفة عامة، ويحاولون طرد النفوذ الروسى والصينى من القارة».
وتابع: «أتمنى أن تضع الدول الإفريقية القضية الليبية على طاولة المفاوضات، لأن أمن ليبيا مرتبط بإفريقيا وبحوض البحر الأبيض المتوسط، وننتظر دعمًا كبيرًا لاستقرار ليبيا وإسقاط كل الأجسام السياسية المسببة للنزاع داخل ليبيا، والعودة إلى صندوق الانتخابات». وأكمل: «نتمنى أن تحمل القمة الأمريكية الإفريقية الخير لإفريقيا، والدول العربية مثل سوريا واليمن ولبنان. وأكد أن أزمة المناخ ستتسبب فى حدوث تغير ديموجرافى، ولا شك أن قضية مواجهة الإرهاب ستكون حاضرة، وسيجرى دعم الدول الإفريقية بالمال والسلاح، وسيجرى التنسيق مع مصر فى ملف الإرهاب للقضاء عليه فى القارة كلها، وستحدث مواجهة للجماعات الإرهابية، وعلى رأسها «بوكوحرام».