البابا يستقبل أعضاء الحركة المسيحية للعمال فى الذكرى السنوية الخمسين لتأسيسها
استقبل البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، صباح الجمعة، في قاعة بولس السادس بالفاتيكان، أعضاء "الحركة المسيحية للعمال" في الذكرى السنوية الخمسين لتأسيسها، ووجّه لضيوفه خطاباً شجعهم فيه على الحفاظ على الانفتاح حيال العمال، لا سيما الأشد فقرًا وضعفًا، وطلب منهم أن يكونوا خميرة للعدالة والتضامن وسط النسيج الاجتماعي.
◄ تفاصيل اللقاء
استهل بابا الفاتيكان كلمته مشيراً إلى أن الحركة خطت خطواتها الأولى لخمسين سنة خلت بمباركة من البابا الراحل بولس السادس، وشكر الحاضرين على الجهود التي بذلوها، وعلى الخدمة التي يقدمونها للمجتمع الإيطالي من خلال نشاطات التنشئة والاهتمام بالعمال والخدمة المدنية.
وقال البابا فرنسيس: إن تاريخ الحركة طُبع بالمجانية والسعي الدءوب لعيش الشهادة المسيحية، لافتا إلى ضرورة الإقرار بعمل الروح القدس وسط المجتمع، في الأفراح والأتراح، وأمل أن يشكل الاحتفال بالعيد الخمسين مناسبة لعمل من التنقية والزرع الجديد.
ومضى البابا إلى القول إن التنقية مسألة مهمة جداً في جميع الاختبارات البشرية، مشيرا إلى أن الإنسان خاطئ وهو يحتاج إلى الرحمة، كحاجته إلى الهواء. وأضاف أن الانفتاح على الارتداد هو علامةُ شجاعة وقوة، ويتطلب منا أن نقبل حداثة الروح القدس دون أن نضع العراقيل. وذكّر فرنسيس بأن "الحركة المسيحية للعمال" أبصرت النور في أعقاب المجمع الفاتيكاني الثاني، وهي قادرة على الشهادة لخصوبة ذلك الموسم الكنسي والاجتماعي. وشجع ضيوفه على استعادة الاندفاع الذي ميز انطلاقة الحركة، والذي ينعكس من خلال مجانية الخدمة لصالح العمال. وأضاف أن المجمع الفاتيكاني الثاني دعانا إلى قراءة علامات الأزمنة، وهذا يجعلنا نتساءل: كيف نستطيع أن نبقى أمناء لخدمة العمال اليوم، وكيف نعيش الالتزام لصالح الارتداد الإيكولوجي وتحقيق السلام، ولصالح المجتمع الإيطالي على مختلف الصعد؟.
واعتبر البابا أن هذه التساؤلات تساعدنا على القيام بالزرع الجديد، وقال إن هذا الزمن ليس فقط زمن حصاد الثمار، بل هو أيضا زمن الزرع الجديد. وأوضح أن الجائحة والحرب عكّرتا صفو المناخ الاجتماعي، وهذا الأمر يتطلب من ضيوفه أن يزرعوا بذور الأمل، بدءا من أنفسهم، حاثا إياهم على إبقاء الأبواب مفتوحة، على أمل ألا يشعر الشبان بأنهم ضيوف وحسب إنما أيضا رواد، تحركهم قدرتهم على تصوّر مجتمع مختلف.
وتابع فرنسيس قائلا إن ضيوفه قادرون على التعبير عن قلق العمال وسط الجماعة المسيحية، معتبرا أنه من الأهمية بمكان أن يشعر العمال أنهم في بيتهم وسط الرعايا والجمعيات والحركات، كما لا بد أن تؤخذ مشاكلهم على محمل الجد، وأن تجد مطالبهم آذاناً صاغية. ولفت البابا في هذا السياق إلى انعدام المساواة الاجتماعية، وأشكال العبودية والاستغلال، والفقر العائلي الناتج عن غياب فرص العمل، أو عن تدني الرواتب، وأكد أن هذه المشكلات ينبغي أن تُعالج أيضا في الأوساط الكنسية. وشجع ضيوفه على الحفاظ على الانفتاح حيال العمال، لا سيما الفقراء والضعفاء منهم، وعلى إعطاء صوت لمن لا صوت لهم، وعلى أن يكونوا خميرة في النسيج الاجتماعي، وخميرة للعدالة والتضامن.
ثم أكد البابا فرنسيس أن مَثل العمال في الحقل في الإنجيل يعلمنا أن كل ساعة هي ملائمة لتقديم إسهامنا وللبحث عن حلول. وطلب من ضيوفه أيضا أن يلتزموا في تعزيز ظروف العمل بالنسبة للنساء، وإتاحة المجال أمام ولوج الشبان سوقَ العمل، حيث يتمتعون بدخل كريم ولائق، مع الحفاظ على فسحة للعائلة وللعمل التطوعي والعلاقات بين الأشخاص. وذكّر الحبر الأعظم بمبدأي التضامن والمساعدة، اللذين يشكلان ركيزة لمجتمع يشمل الجميع ولا يهمش أحدا، ويعزز المشاركة، لافتا، في هذا السياق، إلى أن العائلات والتعاونيات والشركات والجمعيات هي النسيج الحي للمجتمع.
ختاما، ذكّر البابا ضيوفه بأن الحرب العالمية الثالثة الدائرة حالياً تجعلنا ندرك أن التجدد يبدأ من الأسفل، حيث تُعاش العلاقات بتضامن وثقة، ودعا إلى التسلح بشجاعةِ الانطلاق مجددا من المصالحة والأخوة. ثم شكر «فرنسيس» ضيوفه على حضورهم، وسأل القديس يوسف أن يكون على الدوام مصدر إلهام لهم كي يعيشوا العمل بإيمان وشغف، متمنيا للكل ميلادًا مجيدًا.