إنقاذ آخر شواهد الحدث التراثى الأهم فى القرن العشرين!
نداء عاجل إلى هيئة الآثار المصرية! «1»
لا يختلف اثنان من المهتمين بالتراث المصرى والإنسانى على أن قيام أكثر من خمسين دولة بالمشاركة مع مصر والسودان بعملية إنقاذ الآثار المصرية والسودانية فى ستينيات القرن الماضى هو الحدث التراثى والحضارى الأهم فى تاريخ اليونسكو، وهو الحدث الأوحد الذى اجتمع عليه العالم رغم الخلافات السياسية آنذاك!
نتج عن ذلك الإنجاز العملاق إنقاذ أكثر من سبعة عشر معبدا بخلاف مئات القطع الأثرية الأخرى التى تم العثور عليها أثناء عمليات الإنقاذ. وحين بدأت حركة السياحة ببحيرة ناصر كانت هناك أربعة شواهد باقية من هذا العمل التاريخى الكبير وهى:-
- ونش عملاق فى مياه البحيرة فى منطقة وادى السبوع.
- أحد المراكب الكبيرة التى تم استخدامها فى نفس الموقع عام 1964م.
- قطع عملاقة من الفلنكات الخشبية مثبتة فى مطلع معبد الدكا لتسير فوقه ناقلات القطع الأثرية.4-
- وأخيرا كانت هناك باخرة باقية فى منطقة معبد عمدا كان قد تم استخدامها أثناء عملية إنقاذ الآثار.
منذ سنوات قليلة فوجئنا باختفاء كل من الونش والمركب الكبيرة من منطقة وادى السبوع وعلمنا أنه قم تم بيعهما (خردة)!
ثم قبل جائحة كوفيد مباشرة كانت هناك عملية تطوير لكل من منطقتى وادى السبوع وعمدا، وتم نزع الفلنكات الخشبية وإلقاؤها جانبا ولم تفلح مناشدة كاتب هذه الأسطر مع العمال لترك هذا الشاهد المهم خاصة أنه لم يكن يعترض مجرى التطوير ولم يكن بالموقع وقت هذه الواقعة لا مهندس ولا أثرى، ولم يكن هناك سوى عمال ينفذون أمر مقاول!
ثلاثة من الأربعة شواهد المهمة على هذا الحدث التاريخى لم تعد باقية، حيث تم بيعها خردة أو إلقاؤها فى الصحراء!
بقى الشاهد الأخير الذى أرفق صورته أو صورتها هنا..
وهى الباخرة أو العوامة (أمنحتب) التى لم تزل باقية فى منطقة عمدا غارقة فى المياه على ضفاف بحيرة ناصر. والسبب فى كتابة هذا المقال ما سمعته يتردد عن احتمال بيعها خردة!
إننى لا أريد أن أتجاوز فى وصف ما حدث سابقا، لكن انبهار جميع السائحين بتلك الباخرة، وقبلها انبهارهم بالونش العملاق وحرصهم على التقاط صوره يرجح وجهة النظر القائلة بأن واقعة بيع الونش والباخرة الأخرى فى وادى السبوع كانت خطيئة تراثية!
وأتمنى أن تنجح هذه المناشدة ليس فقط فى إيقاف واقعة مماثلة سنفقد بعدها جميع هذه الشواهد المهمة، لكن فى القيام بإنقاذ هذا الشاهد الأخير – الباخرة الباقية بموقع عمدا والمرفق صورها - من التلف التام، وإتاحة فرصة دخولها لزائرى المنطقة ولو بتذكرة منفردة بعد أن يتم الآتى :---
1-جذب السفينة إلى اليابسة وحماية أسفلها.
2-عدم تغيير ملامحها إطلاقا أو إعادة دهانها حتى لا تفقد شخصيتها وأهميتها.
3-تنظيفها من الداخل والخارج ووضع لافتات إرشادية عليها.
4-تجهيز سلم خشبى لتسهيل زيارتها.
5-يمكن زيارتها بتذكرة رمزية يخصص عائدُها للعناية بالمناطق الأثرية على ضفاف بحيرة ناصر.
(2)
من يملك حل لغز إضاءة معابد عمدا والدر؟!
واقعة غريبة يمكن أن تصلح لأن تكون لغزا حقيقيا..!
بخلاف موقع أبى سمبل الأثرى، فهناك على ضفاف بحيرة ناصر ثلاثة مواقع أثرية كبيرة (موقع كلابشة الجديد – موقع وادى السبوع الجديد – موقع عمدا الجديد) تم اختيارها لإعادة تشييد المعابد التى تم إنقاذها فى ستينيات القرن الماضى. وفى كل موقع منها يوجد ثلاثة معابد.
كان هناك نظام إضاءة تقليدى داخل هذه المواقع الأثرية تقوم على استخدام مولدات تعمل بالسولار. وكان طبيعيا أن نسمع فى بعض الأحيان عبارة (مفيش جاز). حتى جاءت عملية التطوير الأخيرة، والتى بدأت قبل جائحة كوفيد مباشرة وتمت إقامة وحدات طاقة شمسية بكل من (موقع وادى السبوع وموقع عمدا).
فى موقع وادى السبوع أصبح الأمر منتظما ومنطقيا باستخدام الطاقة الشمسية. لكن ما حدث فى موقع عمدا الذى يشمل (معبد عمدا- معبد الدر- مقبرة بنوت) يمثل لغزا حقيقيا ربما يوجد من يعرف سره أو مفتاح حله!
فوحدة الطاقة الشمسية فى منطقة عمدا تضىء فقط استراحة العمال ولا تضىء المعابد!
بقيت معابد المنطقة تضاء بمحول الكهرباء القديم وبقيت جملة (مفيش جاز) تطل برأسها من وقتٍ لآخر!
فماذا حدث فى تنفيذ عملية إضاءة منطقة عمدا الأثرية ؟!
وإذا كان مقررا الإبقاء على طريقة الإضاءة القديمة، فلماذا تم إنفاق هذه الأموال لإقامة وحدة الطاقة الشمسية هناك ؟!
هناك أسئلة حقيقية عما تم فى عملية التطوير الأخيرة فيما يتعلق بإضاءة منطقة عمدا أتمنى أن يكون لدى أحد ما إجابات حقيقية لهذه التساؤلات!
(3)
متى يتم إنقاذ وحماية ألوان ومناظر معابد (عمدا-الدر- بيت الولى)؟!
من جملة الآثار التى تم إنقاذها وإعادة تشييدها على ضفاف بحيرة ناصر، هناك ثلاثة معابد تتميز باحتفاظها بمجموعة رائعة من المناظر المنقوشة والملونة. بعض هذه المناظر متفردة من حيث الجمع بين تميز الموضوع وحالة الألوان الممتازة.
تعود هذه المعابد للدولة الحديثة (الملك تحتمس الثالث القرن الخامس عشر قبل الميلاد- والملك رمسيس الثانى القرن الثالث عشر قبل الميلاد).
تتلخص محنة هذه المعابد فى خطرين يهددان بقاء هذه الألوان على المدى المتوسط والبعيد. الخطر الأول هو فضلات الطيور التى غطت بعض مناظر وألوان بيت الوالى بالفعل.
ويتشارك مع هذه المعابد الثلاثة فى مواجهة هذا الخطر الجزء الخارجى من معبد وادى السبوع – كما تبين صورة لأحد التماثيل الخارجية للمعبد وصورة لتماثيل الفناء الأول - والجزء الخارجى من معبد كلابشة أيضا.
أما الخطر الثانى الذى تواجهه هذه الآثار، فهو صغر حجم هذه المعابد خاصة معبد عمدا ومعبد بيت الوالى مما يسبب احتكاك لا يمكن تجنبه أحيانا بين جدران المعابد وبين الزائرين مع تجمع أصغر عدد من السائحين فى نفس الوقت فى المعبد.
منذ سنوات قليلة جدا كتبتُ فى نفس هذا المنبر الإعلامى الهام مناشدة تخص هذه المعابد الثلاثة، لكن لم يتم أى شىء وبقى الحال على ما هو عليه وزادت سوءً حالة هذه المناظر الملونة.
كل ما نتمناه لهذه الكنوز هو..
أولا أن يتم تنظيف هذه الألوان مما لوثها من فضلات طيور بطريقة علمية صحيحة...
ثم ثانيا – وكما هو قائم بالفعل فى مقابر ومناطق أثرية أخرى- حماية جميع جدران هذه المعابد الثلاثة بحاجز زجاجى!
وثالثا تنظيف الأجزاء الخارجية من معبد وادى السبوع بالطرق العلمية الصحيحة ثم حماية الفناء المفتوح تحديدا بسقف مثل كلابشة عبارة عن شبك لا يحجب الضوء وإنما يمنع الطيور من الدخول!
هل هذا كثير على تلك الكنوز التى دفعت مصر ثلث تكاليف إنقاذها فى وقتٍ كانت مصر فيه أحوج إلى كل جنيه؟! هل هذا كثير على تلك الكنوز الإنسانية التى وحدت دول العالم فى ذروة الخلافات السياسية فانتفضت تلك الدول العالم ملبية نداء مصر لإنقاذها؟!
وأخيرا فهل هذا يصعب على هيئة عملاقة مثل هيئة الآثار المصرية؟!