المرور.. قضية وعى
تشهد البلاد حاليًا طفرة غير مسبوقة فى شبكات الطرق وبناء الكبارى العلوية التى أدت إلى وجود حالة من السيولة المرورية وانسيابية غير عادية فى الحركة حتى فى ساعات الذروة وظهرت وسائل حديثة للمواصلات تماثل دول العالم المتقدم، حتى إن من يغيب عن مصر شهرًا واحدًا يرى عندما يعود أن هناك تغييرات فى خطوط السير واتساعًا فى الطرق الرئيسية وأيضًا الفرعية سواء فى القاهرة أو المحافظات المختلفة، حيث لم يترك السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أى بقعة فى القطر المصرى إلا وامتدت إليها يد النهضة والتطوير والتنمية التى نشهد بها جميعًا والتى تحمل سيادته مسئوليتها رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التى تشهدها البلاد بل والعالم بأسره.
يأتى هذا فى الوقت الذى اهتمت فيه وزارة الداخلية وإدارات المرور العاملة بها، على متابعة حركة وسائل النقل المختلفة فى جميع المناطق والمحاور المرورية ونشرت كاميرات لرصد المخالفات المرورية وكذلك أحدث أجهزة الرادار لضبط سرعة السيارات المحددة قانونًا بالإضافة إلى الدوريات الثابتة والمتحركة فى عمل دءوب على مدى اليوم يبذل فيه رجال المرور أقصى طاقتهم لضبط حركة المرور والحد من السرعات المتزايدة التى أصبحت مطمعًا للشباب وسائقى سيارات النقل العام والنقل الثقيل والميكروباصات والتريلات نتيجة اتساع الطرق وتمهيدها على أعلى مستوى لراحتهم وسلامتهم، إلا أن ما تراعيه الدولة لهم لا يراعونه هم مع أبناء وطنهم.
وعلى الرغم من كل ما تقدمه الدولة من تطوير رائع وتقدم مشهود فى منظومة النقل والطرق إلا أن هذا وللأسف الشديد لم يقابله تغيير فى سلوكيات بعض المواطنين سواء كانوا راكبين أو مترجلين، حيث أصبحنا نشهد كل أسبوع تقريبًا حادثًا مروريًا أبشع من الذى سبقه... فعلى سبيل المثال رأينا ذلك الباص الذى انقلب فى ترعة بالدقهلية وأزهق 22 روحًا فى حين قفز السائق منه قبل الحادث وشهد بعض من نجا أنه كان يتحدث فى الهاتف المحمول ويتعاطى مخدرات وهو ما ثبت فى التحليل الذى أجرى له.
وفى ذات الأسبوع فاضت أرواح عشرة أشخاص على طريق الداخلة - الفرافرة فى تصادم سيارة نقل ثقيل بميكروباص... وقبلها بأيام قليلة لقى سبعة أشخاص مصرعهم فى تصادم سيارتى ميكروباص على طريق سوهاج الصحراوى الشرقى.... وبعدها فاضت أرواح 11 شخصًا منهم 10 من أسرة واحدة فى حادث تصادم سيارتهم بسيارة نقل على طريق المنصورة - جمصة...ناهيك عن الحوادث الفردية التى لا تتناولها وسائل الإعلام لقلة عدد الضحايا خاصة داخل المدن ولعل حادث السيارة الخاصة التى كانت تقودها فتاة ومعها ثلاث من أصدقائها فى مدينة نصر واصطدامها بحاجز خرسانى أدى إلى وفاتها، يمثل أحد نماذج الاستهتار الذى يدفع الآباء والأمهات ثمنه من صدمات وآلام الفقد والموت... أما عن حوادث القتل والإصابة الخطأ فحدث ولا حرج، وتشهد على ذلك شوارع مدينة أكتوبر والشيخ زايد نتيجة قيادة صبية من صغار السن سيارات أولياء أمورهم بشكل يمثل قدرًا كبيرًا من الرعونة واللامبالاة التى تضيع فيها أرواح الأبرياء الذين يتصادف عبورهم الطريق أو حتى من يسيرون على جانبى الطريق.
إن ما قامت به الدولة من تطوير وتحديث الطرق وإنشاء محاور إضافية أو بديلة وأنفقت فى ذلك المليارات من الجنيهات من أجل راحة المواطنين وسلامتهم كان من اللازم والواجب أن يقابل من جهة المواطنين بالقدر الكافى من احترام قواعد المرور والالتزام بالسرعات المحددة سواء على الطرق السريعة أو فى داخل المدن حفاظًا على سلامتهم وسلامة أبناء وطنهم وهو الأمر الذى يتطلب أن نقف عنده ونطالب بضرورة اعتبار هذا التسيب وعدم الالتزام إحدى القضايا المهمة التى يجب أن نهتم بها ونعمل على التوعية والإرشاد من ناحية... وعلى تغليظ العقوبات وعدم قصرها على الغرامات المالية فقط من ناحية أخرى، وذلك سعيًا لتحقيق الردع والانضباط المطلوب حفاظًا على أرواح الأبرياء وأيضًا للحد من تجاوزات غير الأسوياء حتى لا تتحول جهود الدولة فى هذا المجال من النعمة إلى النقمة، فليس هناك أغلى من حياة الإنسان... وهنا يجب الإشارة إلى أن معدل حوادث الطرق فى مصر يمثل أعلى المعدلات السنوية الدولية وبالتالى فإنه من الواجب أن تمتد معركة الوعى والتوعية إلى تلك القضية.
وأقترح فى هذا الصدد ما يلى:
- ضرورة التشديد الكافى على منح رخص القيادة حتى لا يقوم بها من هو أهل لها خاصة سائقى سيارات النقل الثقيل.
- تشديد العقوبات على من يثبت قيادته تحت تأثير المخدرات أو أثناء تحدثه فى الهاتف بحيث يتغير التوصيف القانونى لها من الجنحة إلى الجناية.
- دراسة إمكانية استبدال المقطورات الملحقة بسيارات النقل بسيارات نقل كبيرة وحديثة... فما أكثر ما تسببت به تلك المقطورات من كوارث وفواجع تدمى القلوب وتحرق الأكباد.
- تخصيص حصص مدرسية ومحاضرات جامعية نظرية وعملية تقوم بها الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية والحكم المحلى لتعليم التلاميذ والشباب قواعد المرور واحترام تعليمات القيادة وحفظ الإرشادات المرورية، وذلك حتى يمكن أن تكون منظومة المرور ليست قاصرة على الردع والعقاب فقط بل يجب أن تبدأ بالتعليم والتثقيف والتدريب، ثم يتدرج الأمر بعد ذلك إلى العقوبات المختلفة فى حال عدم الالتزام بقوانين المرور المحددة سلفًا.
إن انضباط الشارع المصرى هو التتويج الحقيقى للإنجازات الضخمة التى تتم حاليًا والتى يجب أن يقابلها الالتزام والانضباط المفروض لكى تؤتى تلك الإنجازات ثمارها، ولكى تكون طريقنا إلى الجمهورية الجديدة التى نسعى إليها بفكر جديد وأساليب حضارية غير تقليدية ويكفى ما نراه أسبوعيًا من تلك الجولات الميدانية التى يقوم بها السيد الرئيس يوم الجمعة الذى اعتبره سيادته يوم عمل عاديًا بالنسبة له فقط فى حين أننا جميعًا ننعم فيه براحتنا الأسبوعية.
هذه هى القيادة وهذا هو القائد الذى يجب أن نتعلم منه ونسانده ونساعده فى تحقيق طموحاته وأحلامه لمصرنا الغالية بالتوعية السليمة التى تحقق الوعى والإرشاد لجميع أبناء الوطن.. وتحيا مصر.