قناة السويس.. قفزة جديدة
منذ افتتاحها فى ١٧ نوفمبر سنة ١٨٦٩، إلى ١٧ نوفمبر الجارى، سجلت إحصائيات حركة الملاحة بقناة السويس عبور ١.٤ مليون سفينة، بإجمالى حمولات صافية تصل إلى ٣٢.٤ مليار طن، وكميات بضائع تقدر بحوالى ٢٦ مليار طن، ما يعكس الأهمية الاستراتيجية للقناة، طوال الـ١٥٣ سنة، فى منظومة حركة التجارة العالمية، كما أن تحقيقها إيرادات بلغت ١٥٥.٤ مليار دولار، جعلها، منذ أن «راح الدخيل»، من أهم موارد النقد الأجنبى للخزانة العامة للدولة.
منذ تأميمها، سنة ١٩٥٦، نجحت هيئة قناة السويس، فى التعامل الإيجابى مع تحديات كثيرة، وأقامت مشروعات عديدة لتطوير المجرى الملاحى، كان أضخمها وأهمها «قناة السويس الجديدة»، التى رفعت التصنيف الدولى للقناة، وقدرتها الاستيعابية، ومكنتها من استقبال الأجيال الجديدة من السفن العملاقة ذات الغواطس الكبيرة، التى تتزايد أهميتها يومًا بعد يوم فى صناعة النقل البحرى. إضافة إلى تعزيز قدرة القناة على مواجهة المواقف الطارئة، وزيادة عامل الأمان الملاحى. كما أدى تقليل زمن الانتظار والعبور، إلى انخفاض التكلفة الإجمالية للرحلات البحرية، وتخفيض انبعاثات الكربون من السفن العابرة بحوالى ٥٣ مليون طن، ما يدعم جهود القناة، لكى تصبح، بحلول سنة ٢٠٣٠، قناة خضراء.
إحصائيات حركة الملاحة بالقناة، خلال السنوات القليلة الماضية، أثبتت الجدوى الاقتصادية والفنية لـ«قناة السويس الجديدة»، التى تم افتتاحها فى ٦ أغسطس ٢٠١٥، وحققت عدة قفزات، وصولًا إلى المعدلات القياسية، أو القفزة الجديدة، التى تحققت، منذ بداية العام الجارى، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، سواءً من حيث أعداد السفن المارة وحجم حمولاتها، أو من حيث الإيرادات، التى من المتوقع أن تصل إلى ٧.٨ مليار دولار بنهاية العام. والرقم من بيان أصدره السفير بسام راضى، المتحدث باسم الرئاسة، بعد اجتماع عقده الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس الخميس، مع الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس.
أيضًا، مع صدور قرار رئيس الجمهورية، فى ٩ أغسطس ٢٠١٥، بإنشاء «الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس»، بدأت هيئة القناة تنتقل من مرحلة الاعتماد على رسوم عبور السفن كمصدر وحيد للعائدات، إلى مرحلة تنفيذ المخطط الشامل لإقامة مشروعات لوجستية وصناعية متنوعة ذات قيمة مضافة، ضمن المشروع الواعد لتنمية منطقة القناة. وبالفعل، قطعت الهيئة الاقتصادية شوطًا كبيرًا فى تمهيد البنية التحتية للمنطقة، جعلتها فى مصاف المناطق الاقتصادية الكبرى وأكثرها جذبًا للمستثمرين. ووضعت ثلاث خرائط استثمارية تفصيلية لمناطق شرق بورسعيد شمالًا، والقنطرة غربًا، ومنطقة السخنة جنوبًا، تتضمن كل خريطة منها، بشكل تفصيلى، طبيعة الاستثمارات والصناعات المتاحة والمساحات المتوافرة.
إلى جانب المقومات الجغرافية، التى تؤهل المنطقة لمنافسة المناطق الاقتصادية الإقليمية والدولية، انتقلت إليها بموجب القرار الجمهورى رقم ٣٣٠ لسنة ٢٠١٥ ستة موانئ مطلة على البحرين الأحمر والمتوسط: شرق وغرب بورسعيد، العريش، السخنة الأدبية، الطور، ثم ربطتها شبكة طرق وأنفاق عملاقة، بمدن الدلتا والعاصمة الإدارية الجديدة وشبه جزيرة سيناء: ١٣٩٧ كم شرق وغرب القناة، و٤٣٥ كم بسيناء وطريق تحيا مصر الرابط بين الأنفاق وطريق الإسماعيلية بورسعيد، وطريق هضبة الجلالة بطول ١١٤ كم، الذى يصعد إلى منسوب ٧٠٠ متر فوق سطح المياه. وبالتالى، صارت مناطق الهيئة الصناعية الأربع: السخنة المتكاملة، شرق بورسعيد المتكاملة، شرق الإسماعيلية، والقنطرة غرب، الوجهة المفضلة للاستثمارات الأجنبية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس وجّه، خلال اجتماعه، أمس، مع الفريق أسامة ربيع، ببدء تنفيذ تطوير بحيرة البردويل فى إطار مبادرة «سيناء البردويل» التى تسهم هيئة قناة السويس، من خلالها، فى جهود تنمية سيناء بالتعاون مع شركة ديمى البلجيكية. وهى المبادرة التى تهدف إلى زيادة إنتاج البحيرة من الأسماك الفاخرة، من ٤ آلاف طن إلى ١١ ألف طن سنويًا على المدى القصير، وصولًا إلى ٥٠ ألف طن على المدى المتوسط، إضافة إلى المساهمة فى استصلاح الأراضى وتعزيز الغطاء النباتى فى سيناء بمساحة تصل إلى ١٥ ألف كيلومتر مربع، عبر إعادة استخدام رواسب البحيرة، بعد معالجتها وتطهيرها وضخها فى التربة.