«الكريسماس المعتم».. هل تختطف أسعار الطاقة والتضخم بهجة أوروبا ليلة عيد الميلاد؟
يتوقع الكثير من الخبراء، أن تختلف احتفالات الكريسماس في دول أوروبا عما اعتاد عليه كل عام وسينقصه الكثير من مظاهر البهجة التي ينتظرها الأوروبيون كل عام في هذه الليلة تحديدًا، ويرجع هذا إلى العديد من المتغيرات العالمية التي مثلت أزمات كبيرة ألقت بظلالها على شعوب العالم أجمع وبالأخص شعوب أوروبا.
نقص الطاقة الحاد وصل إلى أن دعت الحكومات الأوروبية بسببه شعوبها إلى ترشيد الاستخدام بشكل كبير، ووصل الأمر إلى دعواتها ترشيد الأسر لمرات الاستحمام كشكل من أشكال هذا التوفير، يعد واحدًا من الأسباب التي لن تجعل للاحتفال بالكريسماس هذا العام ذات الرونق الذي يصاحبه كل عام، حيث من المنطقي أن تخفت أضواء الكريسماس الصاخبة التي اعتادت شوارع أوروبا أن تشهدها في هذه المناسبة، فدول أوروبا تحتاج حاليًا إلى كل وات من الطاقة، فهي على موعد مع شتاء قارس قاس، ونقص في وقود التدفئة.
- باريس تعلن عن اتخاذ إجراءات لتوفير الطاقة وخطط لإطفاء الأنوار عند برج إيفل
مدينة باريس أصبحت أحدث مدينة أوروبية تعلن عن اتخاذ إجراءات لتوفير الطاقة وخطط لإطفاء الأنوار عند برج إيفل الشهير، قبل أكثر من ساعة من الموعد المحدد لها، كما تم خفض الأضواء المستخدمة في أعياد الميلاد (الكريسماس) المتغيرة باستمرار في الشارع، أما في المستقبل، فسيتم وقف تشغيلها في الساعة 11:45 مساء، بدلاً من الساعة الثانية صباحاً، كما سينتهي الاحتفال في الثاني من يناير بدلاً من التاسع من الشهر نفسه.
فيما كانت إسبانيا قد طالبت في أغسطس الماضي بوضع حد لإضاءة المباني العامة ونوافذ المتاجر بعد الساعة العاشرة مساء، كما أفادت تقارير بأن هناك أجزاء في سويسرا تطفئ نصف أضواء الإنارة في شوارعها أثناء فترة الليل، من أجل الحفاظ على الطاقة والتقليل من التلوث الضوئي.
وأشارت صحيفة "الموندو" الإسبانية إلى أن قطاع الإضاءة الخاص وحده يستهلك أكثر من 600 مليون كيلوواط/ ساعة من الكهرباء سنوياً، وعيد الميلاد يمكن أن يكون مميزاً للغاية إذا اتخذ الناس قرارات واعية للتخلي عن أشياء معينة، وتوفير الطاقة وإظهار التضامن.
- توقعات بنقص في وجبات عيد الميلاد بسبب أنفلونزا الطيور
ليست الأضواء فقط هي من سيطفئ شعلة بهجة الاحتفال بالكريسماس هذا العام في أوروبا، بل أن الوجبات الأكثر وسائل لتعبير الأوروبيين عن احتفالهم بهذا اليوم المميز باتت هي الأخرى معرضة لعدم التواجد على مائدتهم في هذه الليلة، ومنها وجبة "الفادو" التي تصنع من كبد "الأوز" مثيرة بذلك تعكير فرحة الأوروبيين، وهذا بسبب انتشار الإصابة بأنفلونزا الطيور.
و قد انتشر فيروس "أنفلونزا الطيور" بشكل واسع المدى في القارة الأوروبية، إذ أصاب ملايين من الطيور، و أدى ذلك إلى ذبح 46 مليون طائر، بما في ذلك العديد من البط والأوز، وهو ما أدى إلى إثارة قلق الأوروبيين الذين لن يستطيعوا تناول فطائر "الفادو" في عيد الميلاد، التي يتم إعدادها بكبد الأوز.
وقالت صحيفة "20 مينوتوس" الإسبانية، إن فرنسا من أكثر الدول التي تشتهر بهذه الفطائر، إذ أنها تعتبر أكبر منتج لها وأكبر مستهلك في العالم، ولكن الفرنسيين هذا العام سيعانون من عدم تناولها بسبب انفلونزا الطيور.
وقد بلغت مبيعات هذه الفطائر في فرنسا 53.77 مليون يورو في عام 2021، وذلك لوجود 24 مزرعة تربية وتسمين موجودة في البلاد والتي تم فيها إنتاج 516 طنا من فطائر من ما يقرب من مليون طائر.
- ارتفاع كبير فى أسعار المواد الغذائية الأساسية
وبشكل عام تعانى أوروبا كذلك من ارتفاع كبير فى أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الدجاج والحليب والبيض والخضار والأرز بشكل واضح حتى تجاوزت الـ20%، مما يتسبب فى تفاقم الأزمة التي تعاني منها أوروبا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة لمستويات غير مسبوقة فى بلدان العملة الواحدة.
كذلك فإن وسائل الاحتفال الأخرى مثل الكحول والتبغ وكذلك الغذاء بشكل عام تعاني هي الأخرى في أوروبا من عدة زيادات شهرية لكنها ثابتة في مساهمتها في تصاعد الأسعار مما سيتتسبب معه في تعكير مزاج الأوروبيين في يوم الاحتفال بالكريسماس، في الشهر الماضي كان مسؤولاً بالفعل عن 26% من الزيادة فيها.
وعلى الرغم من الزيادات في السلع الغذائية المختلفة، إلا أنه لا تزال أسعار الطاقة تقف كمحرك رئيسي للتضخم وتفسر ما يقرب من نصف الزيادة البالغة 10.6٪ التي لوحظت بشهر أكتوبر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى سعر الكهرباء، الذي تجاوز هذا المستوى مرة أخرى في أكتوبر ليصل إلى 45.6٪ بعد عدة أشهر دون 40٪، وارتفع الغاز إلى 77.6٪ وأصبح الفحم أكثر تكلفة بنسبة 64.2٪.
وقد أشار معهد الإحصاء الأوروبى "يوروستات" مؤخرًا إلى أن التضخم في منطقة اليورو بلغ 10.6% في أكتوبر مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، وعلى الرغم من أن تكاليف الطاقة لا تزال العامل الرئيسي نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا ، إلا أن الزيادة في الأسعار تؤثر بشكل أكبر على عربة التسوق، حسبما قالت صحيفة "الديباتى" الإسبانية.