دعم فرانكفونى لقيس سعيد
بإعلان ختامى، تضمن توصيات وقرارات، قيل إنها ستكون بمثابة خارطة طريق مشتركة، لعمل الدول الأعضاء بالمنظمة، خلال الفترة المقبلة.. وبالتأكيد على أن بإمكان «المنظمة الدولية للفرانكفونية» أن تلعب «دورًا مهمًّا» فى حل الأزمات الدولية الراهنة، انتهت، أمس الأول الأحد، القمة ١٨ للمنظمة، التى استضافتها جزيرة جربة التونسية، بحضور أكثر من ٣٣ رئيس دولة وحكومة ووفود تمثل ٨٠ دولة ومنظمة إقليمية ودولية، من بينها دول غير أعضاء بالمنظمة، مثل مصر والإمارات ومولدافيا وصربيا.
مصطلح الفرانكفونية، أطلقه الجغرافى الفرنسى أونسيم روكولو، سنة ١٨٨٠، ليصف الدول التى تستعمل اللغة الفرنسية. وبعد ٩٠ سنة، جرى استخدام المصطلح نفسه لوصف المنظمة، التى تأسست فى نيامى، عاصمة النيجر، بهدف تنظيم العلاقات، وتعزيز التعاون بين الدول الناطقة بالفرنسية، أو التى تنتشر فيها تلك اللغة، التى كان اسمها فى البداية «مؤسسة الفرانكفونية»، ثم تغير اسمها سنة ١٩٩٨ إلى «الوكالة الحكومية الدولية للفرانكفونية»، ثم إلى «المنظمة الدولية للفرانكفونية»، سنة ٢٠٠٥، وعادة ما تعقد قمتها كل سنتين، لمناقشة القضايا السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والتقنية، وإقرار برامج التعاون، بين الدول الأعضاء.
القمة، التى حملت شعار «التواصل فى إطار التنوع.. التكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية والتضامن فى الفضاء الفرانكفونى»، هى أول تجمع للمنظمة، منذ ثلاث سنوات، أو بعد القيود التى فرضها وباء «كورونا المستجد». وخلال جلستها الافتتاحية، قام نيكول باشينيان، رئيس الوزراء الأرمينى، بتسليم رئاسة المنظمة لتونس خلال السنتين المقبلتين. وكان أبرز ما شهدته هو إعلان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، عن اعتزام بلاده منح تونس قرضًا قيمته ٢٠٠ مليون يورو. وذكر البيان الصادر عن قصر الإليزيه أن ماكرون «جدّد دعم فرنسا لتونس والشعب التونسى فى مواجهة التحديات التى تواجهها البلاد». كما رحب الرئيس الفرنسى، بحسب البيان، بالحوار البنّاء والمفتوح بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولى، آملًا أن يؤدى إلى اتفاق نهائى.
تعيش تونس، منذ سنة ٢٠١١، أزمة اقتصادية حادة، زادت حدّتها مع تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد وغياب الاستقرار السياسى فى البلاد. ثم أسهمت الأزمة الأوكرانية فى تفاقم سوء الأوضاع، فى الدولة الشقيقة، التى تتجاوز ديونها ١٠٠٪ من ناتجها المحلى الإجمالى، وتوصلت بصعوبة إلى اتفاق مبدئى مع صندوق النقد الدولى، منتصف أكتوبر الماضى، للحصول على قرض جديد بنحو مليارى دولار، يتم صرفه على أقساط تبدأ فى ديسمبر المقبل، مقابل التزام الحكومة التونسية بإنجاز إصلاحات تشمل الرفع التدريجى للدعم الحكومى عن منتجات أساسية غذائية وفى مجال الطاقة، وإعادة هيكلة شركات عامة تحتكر العديد من القطاعات.
المهم، هو أن عقد القمة، فى ذاته، يُعد نجاحًا كبيرًا للدولة التونسية، ولرئيسها قيس سعيد، الذى يواجه ضغوطًا خارجية، من أجل إطلاق حوار مع «إخوان تونس» وداعميهم، الذين أعلنوا عن مقاطعتهم الانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها فى النصف الثانى من الشهر المقبل، ويشككون منذ الآن فى نتائجها، كما سبق أن رفضوا الدستور الجديد، الذى أقره الشعب التونسى باستفتاء جرى فى يوليو الماضى، ورفضوا، أيضًا، القرارات الاستثنائية، التصحيحية أو التاريخية، التى صدرت، فى يوليو ٢٠٢١، وأنهت عشر سنوات من اختطاف «حركة النهضة» الإخوانية للدولة الشقيقة. ولعلك تتذكر أننا أشرنا، وقتها، إلى أن معركة التونسيين لاسترداد وطنهم، ستطول، لو لم يتم بتر أظافر الإخوان واستئصال جذورهم.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الوفد المصرى الذى شارك فى قمة «المنظمة الدولية للفرانكفونية» ترأسه المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، الذى التقى الرئيس التونسى على هامش فعاليات الجلسة الافتتاحية، ونقل إليه رسالة تحية وإخاء من الرئيس عبدالفتاح السيسى، متضمنة دعم مصر الكامل للإصلاحات التى يقودها. كما التقى «الملا»، أيضًا، الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى طلب نقل خالص تحياته إلى الرئيس السيسى، وأشاد باستضافة مصرية لقمة المناخ، كوب ٢٧، بكل كفاءة واقتدار.