انتصار كبير للبشرية.. وتاريخى لقمة شرم الشيخ
بالإجماع، جرت الموافقة على الوثيقة، التى تمثل الاتفاق السياسى، فى الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، «كوب ٢٧»، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ، وكان أبرز، وأهم ما تضمنته هو الموافقة على إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار»، لتعويض الدول النامية، الأقل إسهامًا فى الانبعاثات المسببة للاحتباس الحرارى، والأكثر تضررًا من تبعات تغير المناخ.
الاتفاق على إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار»، وصفه أفيناش بيرسود، مفاوض دولة بربادوس، بأنه «انتصار صغير للبشرية»، بينما نرى أن عجز كل الدورات الستة والعشرين السابقة، عن مجرد مناقشة فكرة إنشاء هذا الصندوق، يجعلنا أمام انتصار كبير، وإنجاز تاريخى لقمة شرم الشيخ، ولرئاستها المصرية، التى أشاد الجميع، العدو قبل الصديق، بقدرتها الاستثنائية على تقريب المواقف، شديدة التباين، بين دول الجنوب والشمال، حتى تمكنت من الوصول إلى توافقات، تثبت أن العمل متعدد الأطراف لم يفقد مصداقيته بعد.
اتخاذ إجراءات تنفيذية فعالة، على الأرض، للحد من خطورة الكارثة المناخية، ليس بالسهولة التى قد يتصورها البعض. ولن يكون مفاجئًا لو عرضت رئاسة المؤتمر لقطات فيديو من قاعات المفاوضات تُظهر أشخاصًا يتثاءبون، كما فعلت رئاسة الدورة الرابعة والعشرين، «كوب ٢٤»، التى استضافتها مدينة كاتوفيستا البولندية، تأكيدًا على صعوبة المفاوضات، التى أدت إلى تأجيل الجلسة الختامية، حوالى عشر مرات!.
بين الأوروبيين، نعتقد أن إسبن بارث، وزير المناخ النرويجى، كان الوحيد، الذى أعرب عن سعادة بلاده بالاتفاق على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار. ولم نعرف بعد رأى جون كيرى، مبعوث الرئيس الأمريكى الخاص لشئون المناخ، الذى سبق أن أشدنا بأدائه المختلف، منذ شغله هذا المنصب، عما عهدناه حين كان وزيرًا للخارجية، والذى نرى أن مزاعم إصابته بـ«كورونا المستجد»، قد تحسمها، إصابة، أو عدم إصابة، نظرائه فى الاتحاد الأوروبى والصين والبرازيل و... و... وباقى الذين عقد معهم اجتماعات ثنائية!.
فكرة إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار»، كما أوضحنا، أمس، وفى مقالات أخرى سابقة، ظلت مطروحة طوال السنوات الثلاثين الماضية، لكن لم يتم وضعها فى جدول الأعمال الرسمى إلا فى قمة شرم الشيخ. وربما تدرك أهمية هذا الإنجاز، لو عرفت أن تنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا فى قارة إفريقيا، وحدها، يتطلب رقمًا يتراوح بين ٢٠٠ و٣٥٠ مليار دولار، سنويًا، بينما ما يتم توفيره ١٩ مليار دولار فقط، فى ظل عدم التزام الدول، التى توصف بأنها متقدمة بالـ١٠٠ مليار دولار، التى تعهدت بتقديمها، سنويًا، للدول النامية.
مع هذا الإنجاز التاريخى، جدّدت مصر دعوتها للربط بين اتفاقيات «ريو» الثلاث: تغير المناخ، التنوع البيولوجى والتصحر، التى كانت أطلقتها سنة ٢٠١٨، خلال رئاستها الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر التنوع البيولوجى، والتى ستجددها، مرة أخرى، فى الدورة الخامسة عشرة، التى تستضيفها مدينة مونتريال الكندية، الشهر المقبل. وفى محاولة لسد الفجوة الهائلة بين التعهدات والتخفيضات اللازمة لدرجة الحرارة، طالبت رئاسة المؤتمر الدول التى لم تقم بذلك بعد، بتحديث أهداف خفض الانبعاثات، لسنة ٢٠٣٠ بحلول نهاية ٢٠٢٣. كما أبقت هدف حصر الاحترار بـ١.٥ درجة مئوية حيًا، مع أن كل تقارير الأمم المتحدة يفيد بأن العالم قد يتمكن، فى أفضل الحالات، من حصر الاحترار عند ٢.٤ درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالى!.
.. وأخيرًا، «قامت مصر بواجبها الكامل، كدولة مُضيفة تولّت مهام رئاسة المؤتمر، وحملت هموم إفريقيا، كما كان منتظرًا منها. وما تمّ تحقيقه كان أفضل الممكن فى ظل الأوضاع الدولية الراهنة»، وما بين التنصيص ننقله من الدكتور نجيب صعب، الأمين العام للمنتدى العربى للبيئة والتنمية، أفد، رئيس تحرير مجلة «البيئة والتنمية»، الذى أكد أن «بين أعلى الأصوات التى تهاجم القمة بعض الذين كانوا يستجدون الحصول على دعوة بهدف السياحة فى شرم الشيخ، ولم يقدموا أى مساهمة إيجابية فى المؤتمر».