مناخ بالى.. وقمة المناخ
المناخ السياسى المتوتر فى قمة قادة مجموعة العشرين، «جى ٢٠»، أزاح بقدر ما الأولويات الاقتصادية من على طاولة النقاشات، لكنه لم يمنع القادة من الاصطفاف، بقبعات وقمصان بيضاء، لزراعة أشجار «المنجروف»، Mangrove، فى إشارة مزدوجة إلى وحدة الصف، والتزامهم بحماية البيئة ومواجهة تغير المناخ. بينما كان سامح شكرى، وزير الخارجية، رئيس قمة المناخ «كوب ٢٧»، يعقد سلسلة من الاجتماعات مع وزراء دول المجموعة، المكلفين بتيسير المفاوضات، لدفع جهود التوصل إلى مواقف توافقية.
قادة مجموعة العشرين، الذين اجتمعوا الثلاثاء والأربعاء، فى جزيرة «بالى» الإندونيسية، جدّدوا التأكيد على أهداف مناخية طموحة، وتضمّن وعودًا أساسية بمواصلة الجهود لحصر الاحترار المناخى فى العالم بـ١.٥ درجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعية. كما التقى الرئيسان الأمريكى جو بايدن والصينى شى جين بينج، عشية القمة، لأول مرة، وجهًا لوجه، وناقشا الخلافات السياسية والاقتصادية بين البلدين، وقررا معاودة التعاون المناخى بين البلدين، بعد أن كانت الصين قد علقت، فى أغسطس الماضى، محادثاتها مع الولايات المتحدة، بهذا الشأن، ردًا على زيارة نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النواب الأمريكى، إلى تايوان.
المجموعة، التى تضم ١٩ دولة إلى جانب الاتحاد الأوروبى، انتهت فعاليات قمة قادتها، أمس الأول الأربعاء، بإصدار بيان ختامى، يقع فى ١١٨٦ صفحة، حاول التجاوب مع الأولويات، التى وضعتها الرئاسة الإندونيسية تحت شعار «نتعافى معًا، ونتعافى بشكل أقوى». وأمس الأول الأربعاء، حث رئيس قمة المناخ، «كوب ٢٧»، المندوبين على ضرورة التوصل إلى اتفاق بحلول اليوم، الجمعة، الذى تنتهى فيه فعاليات القمة. ومن المفترض أن يكون الوزراء قد بدأوا مناقشة النتائج، التى توصل إليها المفاوضون، طول الأيام الماضية.
يربط بين قمتى العشرين والمناخ، أيضًا، أن البيان الختامى للأولى شدّد على أهمية مشاركة جميع الدائنين، من القطاعين الرسمى والخاص فى تخفيف عبء الديون وتحمّل قدر منصف من الأعباء. فى حين تسعى القمة الثانية للخروج بمبادرات جادة لخفض أعباء الديون بالدول النامية، خاصة الإفريقية، من خلال تعزيز الفرص التمويلية المحفزة للتحول الأخضر عبر آليات ميسرة، وتعاون مؤسسات التمويل الكبرى لإيجاد حلول قابلة للتطبيق لتقليل أعباء الديون بالاقتصادات الناشئة، بما يُمكنها من الوفاء بمتطلبات التكيف المناخى، وتقليل الانبعاثات الضارة والاعتماد على الطاقة النظيفة؛ خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.
قادة مجموعة العشرين أقروا، للمرة الأولى، بـ«أزمة ديون متفاقمة» تواجهها دول متوسطة الدخل، وبأن المشاكل لا تقتصر فقط على الدول الفقيرة والأكثر فقرًا، ودعوا جميع الدائنين من القطاعين العام والخاص إلى الاستجابة سريعًا لطلبات معالجة الديون. وهنا، فى شرم الشيخ، قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، خلال لقائه وزراء مالية النمسا وهولندا واليونان ونائبى وزيرى المالية المكسيكى والإندونيسى، على هامش «كوب ٢٧»، إن «أكثر الدول الإفريقية يعانى من ارتفاع معدلات الدين العام، وتكاليف الحصول على تمويل مناسب فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية الصعبة؛ بما يزيد من أهمية دور بنوك التنمية متعددة الأطراف فى توفير التمويل المناسب للدول النامية والإفريقية للتكيف مع التغير المناخى، على نحو يسهم فى تحفيز الاستثمارات الصديقة للبيئة ودمج البعد البيئى والمناخى فى السياسات الاقتصادية والاستثمارات العامة».
.. وتبقى الإشارة إلى أن البيان الختامى لقمة قادة مجموعة العشرين قال إن «غالبية» الدول الأعضاء «تدين بحزم الحرب فى أوكرانيا»، وترى أنها «تقوض الاقتصاد العالمى وتسبب معاناة بشرية هائلة»، و... و.... وفى مؤشر على التفاهمات، التى قادت إلى اعتماد هذا الإعلان المشترك، أقر البيان بوجود «آراء أخرى وتقييمات مختلفة للوضع والعقوبات» لافتًا إلى أن المجموعة تدرك أنها ليست منتدى لحل المشاكل السياسية الأمنية، لكنها تقر بأن المشاكل السياسية والأمنية لها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمى.