رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا الريحانى؟!

منذ اللحظة الأولى لانطلاق مسلسل «الضاحك الباكي» وتشعر أن هناك حالة تربص به دون انتظار لتتابع الأحداث حتى يتم تقيم المسلسل موضوعيا ولا يبنى التقييم على الانطباعات الأولى، سواء من البدايات أو بالأحكام المسبقة. 

بداية معظم أعمال السير الذاتية تواجه بموجة انتقادات عنيفة مع بداية عرضها، ويرجع ذلك غالبا لانقسام الرأي العام عادة حول الشخصية، ما بين المؤيد والمعارض، أو المحب للشخصية والكاره لها، حدث ذلك في معظم الأعمال التى قدمت سيرًا ذاتية لشخصيات جدلية، مثل مسلسلات: إمام الدعاة، وأم كلثوم، والسندريلا، وفاروق، والعندليب، وأبوضحكة جنان، وغيرها.

الملاحظة الثانية هى أن إقحام العوامل غير الفنية في النقد الفني للأعمال الدرامية يفسده ويخرجه من سياقه المهنى باعتبار أن النقد الفنى علم له قواعد وأصول، وليس اجتهادات تبنى على الانطباعات والتوجهات الشخصية للنقاد.

برزت معارك الانطباعات الشخصية أثناء عرض مسلسل «فاروق»، وهو السيرة الذاتية للملك فاروق، فلم تستطع كاتبة المسلسل الدكتورة لميس جابر إخفاء انحيازها الشخصي للملك ولعهده وغرامها بأسرة محمد على، وهى حالة تفسد كتابة أى عمل درامى تاريخى، باعتبار أن البشر جميعهم خطاءون وليسوا ملائكة، وهنا نجد أن فريقا من النقاد دافعوا عن وجهة نظر كاتبة مسلسل فاروق بنفس منطق التأييد لشخصية الملك وللعصر الملكي، بغض النظر عن تزوير التاريخ والابتعاد تماما عن سلبيات الشخصية في الواقع والحقيقة، والعكس أيضا من نقاد آخرين لهم موقف من الملك وعهده، نفس الأمر تكرر مع مسلسل «إمام الدعاة» الذي يحكى عن السيرة الذاتية للشيخ محمد متولي الشعراوى، والذي أخفى أى سلبية في شخصية الشيخ، بل ذهب إلى الدفاع عنه والتبرير لمواقفه في قضايا عامة بعيدا عن تخصصه كعالم دين ومفسر للقرآن، وهو مجال عمل الشيخ الشعراوى، على عكس سيرته الذاتية كموقفه من دعم شركات توظيف الأموال، التى انتهت تجربتها بمأساة وبخراب بيوت لملايين المصريين، وهنا خلط النقاد بين الدفاع عن الشخصية الحقيقية والعمل الدرامي.

وأمام شخصية الفنان الكبير نجيب الريحانى فنفتقد للانطباعات الشخصية أو الحكم التاريخى عليها، فلا مجال للانقسام المجتمعي على شخصية لا نعرف عنها سوى 10 أفلام سينمائية لا يعرض منها سوى 7 أفلام فقط، ورحيل مبكر عام 1949، عن عمر 60 عاما، وقبل ظهور التليفزيون، فلم تسجل مسرحياته، رغم أن المسرح هو مجال عمله الأصلي والذي حقق من خلاله نجاحه وشهرته.

أما الانتقادات التى وجهت للمسلسل فتنحصر في الاستعانة بنجوم لا تقترب أعمارهم بالمراحل العمرية التى يمثلونها، كالفنانة فردوس عبدالحميد التى مثلت شخصية أم لطفل صغير والمفترض أن تكون في مرحلة عمرية أقل من عمرها الحقيقي، وكذلك الفنان عمرو عبدالجليل الذي مثل شخصية الريحاني منذ بداية مرحلة الشباب، وكلا الانتقادين غالبا له علاقة بعملية الإنتاج، فمسألة توفير ممثل لكل مرحلة عمرية ذات تكلفة مرتفعة جدا، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن تكلفة إنتاج مسلسل تاريخى كـ«الضاحك الباكي» مكلفة جدا، وهو ما يحمد للشركة المنتجة ولمؤلف العمل الكاتب والسيناريست الكبير محمد الغيطى، الذي درس شخصية الريحاني قبل إنتاج المسلسل بـ10 سنوات كاملة، ويحسب للمبدع الكبير محمد فاضل، الذي غاب سنوات عن الإخراج، وعاد رغم تقدمه في العمر وتصدى لهذا العمل الضخم والشاق.. وأخيرا يحسب لفريق عمل مسلسل «الضاحك الباكي» جمعه أكبر عدد من الفنانين العرب والأجانب لأول مرة بمشاركة نجوم من مصر والعراق ولبنان والجزائر وروسيا، وهو ما يليق بشخصية نجيب الريحاني ويليق أيضا بالفن المصري.