لماذا وكيف يجب أن نعيش في عالم دون نفايات؟ هذه الروشتة تجيب
لماذا وكيف يجب أن نعيش في عالم دون نفايات؟، أحد المشكلات التي يطرحها كتاب “حياة خالية من النفايات .. دليلك إلي عالم نظيف”، من تأليف جيرين أوزجان تاتار، والصادر عن دار العربي للنشر، في نسخته العربية.
بداية يعرض الكتاب للكوارث البيئية التي كانت نتيجة للتغيرات المناخية، حيث يشير المؤلف إلي أنه: عالمنا منذ بداية عام 2020 يعاني من الكوارث مثل: الزلازل، والحرائق في أستراليا، وأسراب الجراد القادمة من قارة إفريقيا وصولًا إلى الشمال، ووباء "كوفيد19"، وأكثر شهور الشتاء سخونةً في القطب الشمالي على مر التاريخ، وفي السنوات الأخيرة تحطيم الرقم القياسي في درجة الحرارة، وندرة المياه، والعاصفة الرملية في"أنقرة"، وفي "أزمير" في يوم يحدث فيضان، وفي يوم آخر عاصفة، ويوم آخر إعصار، ويوم آخر بَرَد.
مع الأسف هذه أحداث ليست متعلقةً فقط بعام 2020 أو 2021، ولكنَّها مجرد عدد قليل من الكوارث التي زرعت بذورها منذ وقت طويل. علاوةًع لى ذلك، ليس هناك فقط هذه الكوارث التي تؤثر على العالم بأسره بل وهناك مشكلات إقليمية ومحلية أيضًا. التلوث البلاستيكي في المحيطات، الارتفاع السريع في متوسط درجة الحرارة بسبب استخدام الوقود الحفري ،الذوبان السريع للأنهار الجليدية القطبية، غرق المستوطنات تحت الماء؛ بسبب ارتفاع منسوبها، الأشخاص الذين لا يستطيعون شرب المياه النظيفة؛ نتيجة الاستهلاك غير الواعي لموارد المياه العذبة، القضاءعلى الغابات من أجل الزراعة والثروة الحيوانية، إلخ..
ــ مسببات الكوارث البيئية
ويلفت الكتاب إلي: في الواقع، السبب وراء كل هذا هو أنَّنا نعتقد أنَّ الموارد في العالم غير محدودة واستهلاكنا الذي لا رجعة فيه بشكل موجه نحو الإنسان الأناني. الحقيقة هي أنَّ التربة، والمياه، ومصادر الطاقة التي نستخدمها اليوم، والمواد الخام للعديد من الأشياء، وحتى الأكسجين هي موارد محدودة. في البداية، عاش البشر المعتمدون على الصيد والجمع في وئام مع الدورة الطبيعية للحياة، تمامًا مثل الحيوانات الأخرى. إذا استطاع الإنسان الصيد؛ فإنَّه يأكل لحم الحيوان الذي يصطاده، ويستخدم جلده أوفروه في صناعة الملابس والأشياء الأخرى، ويصنع أدوات لنفسه من عظامه. تمكنتا لحيوانات من أن تتكاثر نظرًا؛ لأنَّ معدل الصيد كان منخفضًا، وبقيت أعدادها على حالها تقريبًا، وبالمثل في البحث عن الطعام، تم جمع الطعام والأنواع النباتيةا لأخرى حسب الحاجة، وتم توفير المأوى والملبس والوجبات الضرورية.
في هذه الفترة، أُتيحت الفرصة للطبيعة لتجديد نفسها، ثم اكتشف البشر النار، واكتشفوا أنَّه إذا تم طهي شيءٍ ما بواسطة النار، فسوف يمكنهم الاحتفاظ به لفترة طويلة. أدركوا أنَّهم يمكنهم التحكم في بيئتهم من خلال النار، وهو ما أعطاهم القوة، وهم من ناحيتهم، لم يروا أي ضرر في استخدام هذه القوة. بمرورالوقت، بدأوا في فهم دورة الطبيعة، وكيفية زراعة نبات من بذرة، وزراعة البذور التي تشبعهم، وإنتاجها في هذه الدورة، أي بمعنى آخر بدأوا في الزراعة. فبالنار فتحوا لأنفسهم مجال الزراعة وزرعوا نباتات محدودة، قاموا بتربية بعض الحيوانات، وأمنوها وأطعموها، ثم استخدموا لحومها وحليبها وبيضها وفروها وجلدها وريشها. في الواقع، كانت نقطة التحول هي اكتشاف مايمكنهم القيام به، لكن على الرغم من أنَّ عدد السكان كان قليلًا فإنَّ هذه الأعمال هي التي لم تؤد العالم إلى الانقراض. بعد ذلك، زاد العمر الافتراضي للشخص الذي أكل وتطور، وزادت خصوبته وبالتالي زاد عدد السكان وانتقل إلى مناطقَ أكبر.
أسس أنظمةً اجتماعيةً مختلفةً للغاية، وشيد مدنًا ودولًا، وحطم دولًا وحارب، وزاد انتشار الإنسان في كل مكان. ثم اكتشف ذات يوم كيفية استخدام قوة البخاروقام بتصنيع الآلات، ثم اكتشف كيفية استخدام هذه الآلات بشكل أكثر إنتاجيةً. حدثت نقطة التحول الثانية هنا بالضبط .فبالفعل كان الإنسان قد انتشر في جميع أنحاء العالم بسبب عدد السكان الكبير جدًّا، أصبح الآن يمكنه الانتقال إلى الإنتاج التسلسلي.استخدم الوقود الحفري: الفحم والنفط والغاز الطبيعي؛ لتشغيل الآلات مع ازدياد ثرائه، حوَّل المزيد من الأراضي إلى أراضٍ زراعية؛ لإطعام عدد السكان المتزايد. انخفض محصول الأراضي المحولة إلى أراض زراعية، ففي هذه المرة لجأ إلى المواد الكيميائية مثل:الأسمدة الصناعية والمبيدات الحشرية التي تُسمى المواد الحافظة. أصبح كل من الأرض والطعام والماء مسمومين، لم تكن الحيوانات التي أكلوها كافيةً، بل وضعوها داخل المصانع، وأعطوها أغذيةً علاجيةً؛ حتى تكبر بسرعة وتُذبح وتُباع.
تجاهل الإنسان أنَّ لدى هذه الحيوانات مشاعروعواطف ووضعها في عمليات الإنتاج التسلسلي للمصنع كما لو كانت جمادًا، كانت تلد باستمرار، لكنَّها لم تُطعم صغارها قط، ويُعبأ حليبها بأكمله ويُباع للبشر.
ــ المواد البلاستيكية أكبر مصادر ملوثات البيئة
ويضيف الكاتب: ثم اكتشف مخترع ما مادة البلاستيك. أدرك أنَّه يمكن تخزين كل شيء في البلاستيك،ث م بدأ تخزين كل شيء من الطعام إلى المشروبات وحتى الملابس في البلاستيك. كان المصنعون يفضلون عمليات الإنتاج والتعبئة الرخيصة والضارة لتحقيق أرباحهم الخاصة، وتوجه المستهلكون إلى خيارات "أسهل" في جميع مجالات الحياة، من الأكل إلى الشرب، ومن ارتداء الملابس إلى التجول، ومن النوم إلى الاغتسال، وذلك بفضل المساهمة الكبير ةللإعلانات، حيث قالت الإعلانات للمستهلكين:" أنتم تستحقون ذلك"، ولكن الإعلانات أيضًا لا تريد المستهلكين أن يسألوا عن التفاصيل. مع بقاء عقلية الصيَّاد مع إدراك مفهوم"الندرة"، استهلك البشر كل شيء دون توقف ولم يحققوا في هذا الاستهلاك لكي يحصلوا على مايستحقونه، أو بالأحرى لينالوا ما يستحقونه بسهولة أكبر.
بينما كان البشر يستهلكون المنتجات المصنعة، كان المنتجون يستنفذون العالم. أصبحت التربة فقيرةً؛ حيث تُزرع باستمرار دون أي تغذية لها، ثم تسممت بعد أن تم "تخصيبها" بالمواد الكيميائية الاصطناعية، هذا السم انتقل إلى المياه الجوفية، وأصبح الماء غير صالح للشرب، فسمم الحيوانات والنباتات التي تشربه، ولوث البحر الذي انسكب فيه. تم "تغذية" الماشية بجميع أنواع المواد الكيميائية، نُقلت كل الأطعمة المعلبة أحيانًا داخل البلد، وأحيانًا بين البلدان وأحيانًا عبرالمحيط. استُهلكت كمية كبيرة من الوقود الحفري لهذا الغرض، ثم دخلت هذه الأطعمة، بكل موادها الكيميائي ةوانبعاثاتها الكربونية، إلى مطبخنا وسممتنا، هذه السموم لم نخزنها في أجسادنا بحسب، بل ألقيناها في القمامة ولم نفكر فيما سيحدث بعد ذلك، فقمنا بتلويث البيئة بـ "القمامة".علاوةً على ذلك، فإنَّ بعض النفايات التي نسميها قمامة لم تكن حتى نفايات، بل كانت بقايا، مثل:المخلفات العضوية التي يمكن أن تعود إلى التربة كمغذيات، ومخلفات غير عضوية يمكن إعادةم عالجتها.
لم تتحلل البقايا العضوية وغير العضوية التي بقيت معًا في مدافن النفايات الصلبة، أي في مكبات نفايات المدينة بطريقة صحية، فأنتجت غاز الميثان وأطلقت المواد الكيميائية الموجودة فيها في التربة والمياه. أي أنَّنا قمنا مرةً أخرى بتلويث التربة والمياه والهواء. ناهيك عن العمليات الغذائية، فقد أُسيء فهم مسألة النظافة التي ظهرت لمكافحة المرض في ذلك الوقت. لقد أساء البشر فهم النظافة؛ لجأ الإنسان إلى جميع أنواع الكيماويات التي تقتل البكتيريا الضارة وكذلك البكتيريا النافعة لتنظيف نفسه وبيئته.هكذا لوث جسده وماءه وتربته وهواءه .
في النهاية، لم يستطع العالم تحمل ذلك. فارتفع متوسط درجة الحرارة في العالم بسبب غاز الميثان والغازات الدفيئة الأخرى.أصبحت الحرارة أكثر سخونةً، وأصبح البرد إما بردًا قارسًا أو باردًا جافًا. أصبحت المياه سامةً، والحيوانات سامةً، والنباتات سامةً. توقف العالم عن الإنتاج، وكذلك البشر بالطبع، أصبحت أجسامنا، التي لا تستطيع تناول طعام صحي، أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض .قتلنا البكتيريا المفيدة لدينا وجعلنا أنفسنا عرضةً للخطر، انتشرت الأوبئة، والحيوانات التي تسببت في الوباء هلكت، أصبح توازن العالم أكثر اضطرابًا بشكل ملموس، غمرت المياه "البندقية"، واحترقت قارة أستراليا، وكانت هناك فيضانات لا يمكن السيطرة عليها في"بنجلاديش" بسبب الأمطار الغزيرة.
وعن التلوث البلاستيكي في المحيطات يضيف: قد يقول الكثير من الناس: "حسنًا، نحن لا نعيش بجوار المحيط"، أو قد يقول البعض: "ماذا سيفعل بنا ذوبان القطبين؟" أوقد يقولوا: "انهيار أو حرق أو تدمير الغابات هناك لن يؤثرعلينا، فنحن لدينا غابات جميلة"، لكن لا ينبغي أن ننسى أنَّ النظام البيئي للعالم هو واحد، ما يحدث هناك يؤثر علينا، وما يحدث هنا يؤثر على الآخرين. في الحقيقة ما نسميه النفايات أو القمامة يتكون في الغالب من المخلفات العضوية ومخلفات التعبئة والتغليف. أحيانًا، تضاف منتجات المنسوجات إلى هذه النفايات. في الواقع، هذه هي المخلفات التي نراها، لكن هناك أيضًا نفايات لا نراها ولا ندركها مثل: المياه التي نستخدمها، والمياه المستخدمة في الإنتاج، والغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري.
ــ الثمن الذي تدفعه البيئة بسبب النفايات التي نخرجها من منازلنا.
وفقًا لبيانات "هيئة الإحصاء التركي (TUİK)"، في عام 2018، قام كل فرد بالتخلص مما يعادل 1.16 كجم من القمامة يوميًّا أي (423.5 كج مسنويًا)، إلا أنَّه في عام 2010، كان 1.14 كجم يوميًّا.على الرغم من أنَّ زيادة 20 جرامًا يوميًّا قد تبدو صغيرةً، فإنَّها تسببت في الواقع في زيادة سنوية قدرها 7 ملايين طن، وفقًا لـ"هيئة الإحصاء التركي أيضًا، ففي عام 2018، تخلصنا مما يعادل 32.2 مليون طن من القمامة. علاوةً على ذلك، ووفقًا لوزارة البيئة، فإنَّ 65٪ أي (21 مليون طن) من النفايات المنزلية عبارة عن بقايا عضوية (صالحةً لتسميد التربة) مثل:( طعامنا وسيقان أوراق الخضروات وقشور الطعام والقطن الذي نستخدمه)، في حين أن 0.38٪ فقط أي (123 ألف طن) سماد. ما تبقى من نفاياتنا المنزلية عبارة عن ورق قابلًا لإعادة التدوير، وورق مقوى، ومعدن، وبلاستيك ومنتجات نسيجية، ولكن يتم إعادة تدوير 12٪ فقط أي (حوالي4 ملايين طن) من32 مليون طن من النفايات. يتم تخزين ما تبقى (حوالي28.5 مليون طن) من المخلفات غير المعاد تدويرها وغير المحولة إلى سماد بشكل منتظم أو غير منتظم مثل: (الدفن في الأرض، وتكديسها في مدافن نفايات البلدية). علاوةً على ذلك، على الرغم من أنَّها قد تبدوكميةً صغيرةً، فإنَّ 536 طنًّامن النفايات يُصب الآن في الأنهار والجداول والبحيرات.
أما عن تلوث الماء فيقول الكاتب: وفقًا لبيانات "مركزالإحصاء التركي، في عام 2018، سحب كل فرد متوسط 224 لترًا من المياه يوميًّا وأنتج 188 لترًامن مياه الصرف الصحي. في عام 2010، سحب 216 لترًا وأنتج 182 لترًامن مياه الصرف الصحي. إذا نظرنا إلى فارق الثماني سنوات، نرى أنَّ سحب 8 لترات إضافية من الماء يوميًّا تسبب في زيادة أكثر من 1.4م ليارمتر مكعب لاستخدام المياه، أما زيادة 6 لترات من مياه الصرف الصحي تسببت في زيادة أكثرمن 1.2مليارم ترمكعب من مياه الصرف الصحي.
في عام 2018، سحبنا ما يعادل 6.2 مليارمترمكعب من المياه وأنتجنا 4.8 مليارمترمكعب من مياه الصرف الصحي. تمت معالجة 4.2 مليارمترمكعب من مياه الصرف الصحي. بمعنى آخر، تمكنا من تنقية كمية أقل من المياه التي استخدمناها، واستهلكنا القليل من موارد المياه العذبة.وفقًا لغرفة المهندسين البيئيين في عام 2018، كانت 26٪ فقط من مياهنا صالحة للشرب، ومن أصل 750 جدول وبحيرة لدينا تم تقييم 6 منهم فقط بأنَّها نظيفة. تم تصنيف مياه الصرف المنزلية، والنفايات الصلبة، وتربية الحيوانات، والإنتاج الصناعي على أنَّها أهم أسباب هذا التلوث.
ــ ما هي البصمة المائية؟
ويوضح الكاتب: تعد البصمة المائية مؤشرًا على استخدام المياه العذبة، وهي ليست فقط حصيلة المياه التي نستخدمها كمُنتِج أو مستهلك، ولكن أيضًا المياه التي نستهلكها بشكل غير مباشرمثل: تصنيع المنتجات التي نستهلكها، ونقلها، وتأثيرالنفايات.
تنقسم البصمة المائية إلى ثلاثة عناصر: الأخضر والأزرق والرمادي. تشيرالمياه الخضراء إلى كمية مياه الأمطارالمستهلكة للزراعة والغابات، وتشيرالمياه الزرقاء إلى المياه السطحية والجوفية المستهلكة في إنتاج المنتجات والخدمات، وتشير المياه الرمادية إلى مصدر المياه النظيفة الذي تُلوث أثناء مراحل إنتاج المنتج أو من خلال أنشطتنا التي نقوم بها في المنزل.
يبلغ متوسط البصمة المائية السنوية للفرد في العالم 1.243 مترمكعب، أما في تركيا 1.977 مترمكعب. قمت أيضًا بحساب إجمالي البصمة المائية لبيتي بإجمالي 802 مترمكعب سنويًّا، حيث 465 مترًا مكعبًا منها أخضر و79 مترًامكعبًا من اللون الأزرق و258 مترًا مكعبًا من المياه الرمادية، يمكنك أيضًا حساب بصمتك المائية من مواقع الإنترنت.