ثم جاء بايدن
الشق الرئاسى فى مؤتمر المناخ، كوب ٢٧، بدأ الإثنين وانتهى الثلاثاء، ٧ و٨ نوفمبر، وحالت انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى دون مشاركة الرئيس جو بايدن، الذى كان قد أعلن أنه سيزور مصر فى ١١ نوفمبر. وبالفعل، هبطت طائرة الرئاسة الأمريكية فى مطار شرم الشيخ، صباح أمس الأول الجمعة. وبعد لقائه الرئيس عبدالفتاح السيسى ألقى كلمة فى المؤتمر، قبل أن يغادر إلى كمبوديا للمشاركة فى قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا، ثم إلى إندونيسيا لحضور قمة مجموعة العشرين.
فى كلمته، أمام المؤتمر، تعهّد الرئيس الأمريكى بتحقيق أهداف بلاده فى خفض الانبعاثات بحلول ٢٠٣٠، وطالب دول العالم ببذل المزيد من الجهد لمواجهة «أزمة المناخ»، التى «تهدد الحياة على كوكب الأرض». وربط بين التغيرات المناخية والاقتصاد و«الحياة على الكوكب ككل». ثم أعلن عن «صفقة قيمتها ٥٠٠ مليون دولار لدعم الطاقة النظيفة فى مصر». وقال إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى سيعملان معًا لكى تتمكن الدولة المصرية من تحقيق مستهدفاتها الوطنية فى مواجهة تغير المناخ.
جاء الرئيس الأمريكى مصطحبًا وزير خارجيته ومستشاره للأمن القومى، وسبقتهم نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النواب، يرافقها وفد من المجلس، وكان قد سبقهم جميعًا جون كيرى، مبعوث شئون المناخ. وبعد إقراره بأن مصر هى «أم الدنيا»، والمكان الأنسب لاستضافة مؤتمر المناخ، ثمّن «بايدن»، مجدّدًا، أو مرة ثانية، خلال لقائه الرئيس السيسى، قوة ومتانة العلاقات بين البلدين، وكرّر تأكيده أن بلاده ترى «مصر صديقًا وحليفًا قويًا تُعوِّل عليه فى المنطقة»، وأعرب عن تطلعه إلى «تكثيف التنسيق والتشاور المشترك حول جميع القضايا الإقليمية والدولية، فى ضوء الثقل السياسى الذى تتمتع به مصر ودورها المتّزن فى محيطها الإقليمى، وإسهاماتها، تحت قيادة الرئيس السيسى، فى تحقيق الاستقرار لكل شعوب المنطقة».
قبل لقاء الجمعة، التقى الرئيسان، فى ١٦ يوليو الماضى، خلال زيارة الرئيس الأمريكى الأولى للمنطقة، بعد توليه الحكم، للمشاركة فى «قمة جدة للأمن والتنمية»، التى دعا إليها العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجمعت قادة العراق والأردن ودول مجلس التعاون الخليجى، والتى شدّد فيها الرئيس السيسى على أن مبادئ احترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، والإخاء، والمساواة، هى التى تحكم علاقات الدول العربية البينية، وينبغى أن تكون هى الحاكمة لعلاقاتها بجوارها الإقليمى، وعلى الصعيد الدولى.
فى اللقاءين، أكد «بايدن» تطلع إدارته إلى تفعيل أطر التعاون الثنائى المشترك. ولدى تناولهما مستجدّات القضية الفلسطينية، أشاد بالجهود المصرية «الحثيثة والمحورية» للحفاظ على التهدئة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، بينما شدّد السيسى على موقف مصر الثابت «الرامى للتوصل إلى حلٍّ عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطينى وفق المرجعيات الدولية». كما تطرق الرئيسان إلى قضية السد الإثيوبى، وأكد الرئيس السيسى تمسك مصر بالحفاظ على أمنها المائى وضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى مُلزِم لملء وتشغيل السد يضمن أمننا المائى، وفقًا لمبادئ القانون الدولى، ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.
كان طبيعيًا أن يجرى خلال المباحثات تبادل الرؤى حول القضايا الإقليمية والدولية، خاصة الأزمة الأوكرانية وتطورات الأوضاع فى ليبيا واليمن وسوريا، و... و... وكالعادة، أكد الرئيس السيسى أن الوصول إلى تسويات سياسية لتلك الأزمات يرتكز بالأساس على ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية وإنهاء تواجد المرتزقة والمقاتلين الأجانب. وفيما يتعلق بملف مكافحة «الإرهاب والفكر المتطرف» أكد الرئيس السيسى «إرادة الدولة المصرية الثابتة، حكومة وشعبًا، لمواصلة جهودها الحثيثة لمواجهة تلك الآفة، وتقويض خطرها أمنيًا وفكريًا»، فى حين أشاد الرئيس الأمريكى بنجاح الجهود المصرية الحاسمة وما تتحمله من أعباء فى هذا الإطار.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «بايدن» حقق أفضل نتيجة، فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، أو انتخابات فترة منتصف الولاية الرئاسية، منذ ٢٠ سنة تقريبًا، وتمكّن نسبيًا من عرقلة الاكتساح الجمهورى، الذى كان متوقعًا. لكنه سيواجه، على الأرجح، كونجرس أكثر معارضة، أو عدائية، وبالتالى، ستتضاءل فرص تحقيق أولويات إدارته، خلال النصف المقبل من ولايته.