المناخ والتنمية.. وأهل الشر
دعاية لا تقدّر بثمن، لمؤتمر المناخ «كوب ٢٧» الذى تترأسه مصر، وتستضيفه مدينة شرم الشيخ، قام بها الموتورون و«أهل الشر»، حين قاموا بتسخير وسائل إعلامهم وعملائهم وكل أدواتهم، لـ«الغلوشة» على فعاليات المؤتمر، سواء باختلاق أحداث أو بالتركيز على تفاهات لا علاقة لها بتغيرات المناخ وتأثيراتها الكارثية، نرى أنها لن تستوقف المهتمين بمستقبلهم ومصائرهم و«أكل عيشهم»، لأكثر من دقائق، بل إنها قد تضيف إليهم قطاعًا من غير المهتمين، الذين ليس فى قلوبهم مرض أو غرض.
المهم، هو أنه فى ضوء «الاستراتيجية القطرية المشتركة» الجديدة، بين الحكومة المصرية ومجموعة البنك الدولى، المقرر إطلاقها قريبًا، واستمرارًا للشراكات والتعاون المثمر بين الجانبين، جرى أمس، الأربعاء، إطلاق «تقرير المناخ والتنمية»، CCDR، الخاص بمصر، الذى يُحدد الإجراءات، التى يمكن، إذا ما تم تنفيذها، خلال السنوات الخمس المقبلة، أن تؤدى إلى زيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، والحد من آثار تغير المناخ، وتعزيز قدرة مصر التنافسية فى الأسواق العالمية.
إطلاق التقرير، خلال فعاليات «مؤتمر المناخ»، جاء ليؤكد حرص الدولة المصرية على تحقيق التنمية الصديقة للبيئة، وتعزيز العمل المناخى، وتنفيذ الالتزامات الدولية نحو التحول المناخى وخفض الانبعاثات الكربونية، برغم أن مساهمتها فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، على مستوى العالم، تقل عند ٠.٦٪. أما ما تضمنه التقرير، فيؤكد أن مصر تعمل على تشخيص التحديات، التى قد تقف حائلًا أمام جهود التنمية والتحول الأخضر، حتى تتمكن من التعامل معها وتذليلها.
الحكومة المصرية قامت، أيضًا، بدعم من «الصندوق الأخضر للمناخ» وأصحاب المصلحة الآخرين، بوضع «الخطة الاستثمارية للاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية ٢٠٥٠»، التى تم الإعلان عنها، كحدث جانبى رفيع المستوى بالجناح المصرى، تضمن تسليط الضوء على رفع الطموح فى تعظيم مصادر التمويل المتاح، ودعوة ممولى المناخ للتعاون مع الحكومة والصندوق، لتسريع تنفيذ خطة المساهمات المحددة وطنيًا وخطة التكيف الوطنية، إلى جانب دعوة البلدان النامية الأخرى لاتباع نهج الاستثمار المناخى نفسه، بالشراكة مع أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين، لترجمة مساهماتها المحددة وطنيًا إلى خطط استثمارية.
مع برنامج «نوفِّى»، أو المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء، و«الاستراتيجية القطرية المشتركة»، و«الخطة الاستثمارية للاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية»، يأتى «تقرير المناخ والتنمية»، ليكمل رسم خارطة طريق جديدة، للتعاون بين الحكومة وشركاء التنمية، خاصة مجموعة البنك الدولى، خلال المرحلة المقبلة، فى تحقيق التحول الأخضر وتنفيذ جهود المناخ والتنمية جنبًا إلى جنب. وبشهادة مختار ديوب، المدير المنتدب لمؤسسة التمويل الدولية، فإن «لدى مصر استراتيجية طموحة لمكافحة آثار تغير المناخ».
التقرير يؤكد أن مسارات التنمية منخفضة الانبعاثات يمكن أن تعزز وتساعد الدولة المصرية فى بناء قدرة الاقتصاد على الصمود وامتصاص الصدمات وتدعيم قدرتها التنافسية، ويسلط الضوء على التحديات التى تواجه قطاع المياه، وتداعياتها على جهود التنمية، إضافة إلى تأثير التغيرات المناخية على المناطق الساحلية، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، وانعكاس كل ذلك على معيشة المواطنين ودخولهم.
يقترح التقرير سلسلة من الإجراءات المشتركة على مستوى جميع القطاعات لزيادة مواءمة الأهداف الإنمائية لمصر مع طموحها المناخى، تشمل تقييم الموارد الطبيعية، مثل المياه واستخدامها وتخصيصها بمزيد من الكفاءة.. وتدعيم أنظمة المعلومات، حتى تتمكن الحكومة والشركات والأفراد من التكيف بشكل أفضل وأسرع مع الصدمات المناخية والحد من مخاطرها.. والتركيز على خفض الانبعاثات من قطاعات النقل والطاقة والصناعة.. ووضع أسس زيادة مشاركة القطاع الخاص وضمان التنفيذ الكامل للقوانين الجديدة الخاصة بالكهرباء والطاقة المتجددة.. وإطلاق الفرص حتى يتمكن القطاع الخاص من الاستثمار بسهولة أكبر فى مجالات مثل إدارة النفايات والمخلفات، وإعادة تجهيز المبانى، والنقل الأخضر فى المناطق الحضرية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية ٢٠٥٠»، التى أطلقتها مصر فى مايو الماضى، تكاتفت فيها كل الوزارات وجميع القطاعات، لإنتاج مشروعات تهدف إلى التخفيف والتكيف مع الآثار السلبية فى قطاعات السياحة، والنقل، والتنوع البيولوجى، والتمويل، والصحة، والتخطيط الحضرى، والمياه، والزراعة، والطاقة والنفط والغاز، وتشجع مشاركة القطاع الخاص، بجذب أعداد متزايدة من الشركات الكبيرة والصغيرة، ومناقشة الحلول التى تقدمها، من أجل النهوض بالعمل المناخى.