لماذا سميناها قمة التنفيذ؟
لا يمكن إنقاذ كوكب الأرض بالشعارات، بل بخطوات حقيقية سريعة وفعالة وملموسة نحو خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، وبناء القدرة على التكيف مع تبعات تغير المناخ، وتوفير التمويل اللازم للدول النامية، الأكثر تضررًا من الأزمة والأقل إسهامًا فيها. وعليه، حرصت مصر على تسمية الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى تترأسها، بـ«قمة التنفيذ»، وقررّت أن يكون هذا هو الهدف، الذى تتمحور حوله كل جهودها وتركز عليها كل مساعيها.
بتأكيده أن الحوار والنقاش هما السبيل لمواجهة التحديات وتجاوز الصراعات، ومعالجة أخطاء الماضى وتحسين أوضاع الحاضر وبناء المستقبل، اختتم الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى ٧ نوفمبر ٢٠١٨، فعاليات النسخة الثانية من «منتدى شباب العالم» بمدينة شرم الشيخ. وخلال افتتاحه الشق الرئاسى لـ«كوب ٢٧»، أو «قمة التنفيذ»، بالمدينة نفسها، أكد أمس، ٧ نوفمبر ٢٠٢٢، أن ما تطمح القمة إلى تحقيقه من أهداف ليس مستحيلًا، وإنما يقع، بلا شك، فى نطاق الممكن، إذا توافرت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لتعزيز العمل المناخى المشترك، وترجمة ما تنتهى إليه الاجتماعات والحوارات والنقاشات إلى واقع ملموس.
طوال السنوات الأربع، التى سبقت الحدث الأول، وتلك التى فصلته عن الحدث الثانى، كانت غاياتنا، غاية مصر، قيادة وشعبًا، هى أن يسكن الاستقرار فى ربوع هذا الكون، وأن تكتب للأبناء والأحفاد، بمداد من الحب والتسامح والإخاء، صفحات مشرقة فى كتاب الغد، يقرأونها آمنين مطمئنين. وها هى اليوم تبذل ما فى وسعها لإنقاذ الكوكب والوصول إلى واقع يعيش فيه البشر بشكل آمن، بيئيًا وصحيًا، وفى ظروف مواتية للحياة والعمل والنمو، دون إضرار بموارد عالمنا، التى ينبغى العمل على تنميتها واستثمارها وجعلها أكثر استدامة.
كنا قد أشرنا، أمس، إلى أن كلمات رؤساء الدول والحكومات، فى كل القمم السابقة، شدّدت على ضرورة تعزيز جهود التكيف للتعامل مع الكوارث المناخية، ولمواجهة آثارها المستقبلية، وحذّرت من أن الفشل فى ذلك يهدد حياة المزيد من البشر، و... و... وتضمنت وعودًا وتعهدات، بعيدة كل البعد عما شهدته غرف التفاوض، التى حرصت على إبقاء ثغرات تحيل أى قرارات أو تعهدات إلى حبر على ورق. وعليه، نرى أن الرئيس سدّد السهم وسمّى ورمى، حين طالب القادة بأن تكون توجيهاتهم لمفاوضيهم، الذين يستعدون الآن لبدء أسبوعين من المفاوضات، هى التحلى بالمرونة والعمل على بناء الثقة والتوافق للخروج بالنتائج، التى نتمنى أن تعالج أخطاء الماضى وتحسّن أوضاع الحاضر وتبنى مستقبلًا أفضل لهذا الكوكب وساكنيه.
قولًا وفعلًا، وضعنا فى مصر نصب أعيننا، كما قال الرئيس بلساننا، أهدافًا طموحة، عبّرنا عنها فى استراتيجية مصر الوطنية لمواجهة تغير المناخ، ونعمل بدأب على الإسراع من وتيرة التحول الأخضر بالتوسع فى الاعتماد على الطاقة المتجددة والنقل النظيف واتخذنا خطوات ملموسة نحو إحداث تحول هيكلى فى القوانين والتشريعات وآليات العمل الحكومية، لتعزيز الاستثمارات الخضراء. واستكمالًا لهذا التوجه، جاء البرنامج الوطنى للاستثمار فى مشروعات المياه والطاقة والغذاء، «نوفِّى»، وبات ما تشهده مصر من تحول نحو الاقتصاد الأخضر، فى كل المجالات، ترجمة عملية لما نادينا وننادى به من ضرورة التنفيذ الفعلى على الأرض، وخير دليل على أن الأمل فى التغلب على تحدى تغير المناخ لا يزال قائمًا إذا توافرت الإرادة.
.. أخيرًا، وفى وجود التحديات التى واجهناها طوال الفترة الماضية، ولا نزال نواجهها، وبرغم كثرة الشواهد، التى تلقى بظلال من الشك وعدم اليقين إزاء قدرتنا على حماية الكوكب، طمأننا الرئيس بتأكيده أن هناك شواهد أخرى تدعونا إلى التمسك بالأمل فى قدرة البشرية على صنع مستقبل أفضل.. وفى شعوب باتت أكثر وعيًا ودراية بحجم التحدى ومتطلبات مواجهته وبالثمن الباهظ للتقاعس أو التراجع.. وأيضًا فى حكومات تعلم، كما نتعشم، ما يتعين عليها القيام به، وتسعى إليه وفقًا لقدراتها وإمكاناتها.. وفى قطاع أعمال عالمى ومجتمع مدنى لديهما من الأدوات ما يؤهلهما للعب أدوار مهمة فى هذا الإطار.