العالم هنا.. لإنقاذ الأرض
بجلسة إجرائية يتسلم فيها سامح شكرى، وزير الخارجية، رئاسة المؤتمر من البريطانى ألوك شارما، رئيس الدورة السابقة، تبدأ اليوم الأحد، فعاليات الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى تترأسها مصر، وتستضيفها مدينة شرم الشيخ، وتستمر حتى ١٨ نوفمبر الجارى، ويشارك فيها غالبية قادة دول العالم، وأبرز خبراء التمويل والتنمية واقتصاديات المناخ، وأكثر من ٤٠ ألفًا من ١٩٧ دولة، يمثلون عشرات الحركات والجمعيات والمنظمات الإقليمية والدولية.
سعيًا إلى إقرار خطط واضحة، للتعامل مع قضايا التغير المناخى، وأملًا فى الانتقال من التعهدات إلى التنفيذ والخروج بنتائج واقعية ومتوازنة، تسد الفجوة بين التمويل المتاح وحجم احتياجات الدول النامية، اتبعت الرئاسة المصرية للقمة أسلوبًا عمليًا، وعلميًا، لإعداد قوائم بمشروعات جديرة بالاستثمار والتمويل، تتوافق مع أولويات الدول والمجتمعات التى تحتضنها. وأعدت، بالتعاون مع الأقاليم الاقتصادية الخمسة للأمم المتحدة ورواد المناخ والمؤسسات الاستشارية والمالية، مقترحات لإصلاح البناء المالى العالمى، الذى أفرط فى الاعتماد على أدوات الاستدانة على حساب الاستثمار والتمويل طويل الأجل.
مرت هذه السنة الذكرى الثلاثون لـ«مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية»، الذى استضافته مدينة ريو دى جانيرو، والذى جرى خلاله التوقيع على الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، التى دخلت حيز التنفيذ، فى مارس ١٩٩٤، والتى كان هدفها، ولا يزال، هو تثبيت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى عند مستوى يحول دون إلحاق الضرر بالنظام المناخى. ومع ذلك، ما زالت الجهود الدولية المبذولة، لتحقيق هذا الهدف، لا ترقى إلى المستوى المأمول، وبات على كاهل مصر، خلال رئاستها واستضافتها «كوب ٢٧»، عبء تطوير وتفعيل الخطط اللازمة لإنقاذ كوكب الأرض. فى حين عاد بعض الدول، التى توصف بأنها متقدمة، إلى استخدام الفحم، على خلفية الأزمة الأوكرانية، وقامت خارطة الطريق، التى رسمتها «وكالة الطاقة الدولية»، السنة الماضية، بتغليب مصالح الدول الصناعية على حساب باقى دول العالم!
الأزمات الصحية والاقتصادية والسياسية، وتحديات الغذاء والطاقة وسلاسل الإمداد، التى طالت آثارها شتى أنحاء العالم، تمثل بلا شك، أعباء إضافية على كل الدول، خاصة النامية منها، غير أن الرئيس عبدالفتاح السيسى شدد، فى كلمته أمام الاجتماع المغلق لرؤساء الدول والحكومات حول تغير المناخ، الذى عقدته الأمم المتحدة، فى ٢١ سبتمبر الماضى، على أن تلك الأزمات وهذه التحديات لا ينبغى أن تمنعنا من الاعتداد بالتقارير العلمية الموضوعية، التى تؤكد، بشكل قاطع، أن تغير المناخ، يظل التحدى الوجودى الأخطر، الذى يواجه كوكبنا وأن تداعياته تزداد تفاقمًا، يومًا بعد يوم، مع كل ارتفاع فى درجات الحرارة.
فى الكلمة نفسها، جدد الرئيس مطالبته للدول الصناعية بالوفاء بتعهد الـ«١٠٠ مليار دولار»، وبتعهد مضاعفة التمويل الموجه إلى التكيف، وبالإسراع من التوافق على هدف التمويل الجديد، لما بعد ٢٠٢٥، لكى لا تنظر إلينا الأجيال القادمة وتقول: «كانت لديكم فرصة فأضعتموها، وها نحن اليوم ندفع الثمن باهظًا». ولو عدت إلى الكلمة التى ألقاها الرئيس فى قمة المناخ، سنة ٢٠١٤، ستجده يطالب بضرورة وجود تحرك دولى أساسه مبدأ الإنصاف والمسئولية المشتركة مع تباين الأعباء والقدرات، لدعم ومساعدة الدول العربية والإفريقية، الواقعة فى نطاق المناطق الجافة والقاحلة، الأقل إسهامًا فى التغير المناخى، والأكثر عرضة لتأثيراته.
اللافت، أن متطلبات التمويل السنوية للتمويل المناخى فى الدول النامية تتجاوز عشرة أمثال المائة مليار دولار، التى تم التعهد بها فى كوبنهاجن سنة ٢٠٠٩، ثم فى باريس، سنة ٢٠١٥. إذ تتراوح تقديرات حجم تلك المتطلبات أو الاحتياجات بين ٢.٨ تريليون دولار، فى تقدير «اللجنة العلمية للأمم المتحدة لمتطلبات الطاقة» و٤.٥ تريليون دولار، طبقًا لتقدير مؤسسة «ماكنزى» لاحتياجات الطاقة واستخدامات الأراضى!.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الشق الرئاسى من القمة، الذى يبدأ غدًا، الإثنين، وينتهى بعد غد، يتضمن ست موائد مستديرة عالية المستوى، موزعة على اليومين، سيلقى فيها القادة والزعماء كلمات تتناول جهود بلادهم، الحقيقية أو الخيالية، الحالية أو المستقبلية، فى مواجهة تداعيات التغيرات المناخية.