شيخ الأزهر لعلماء المسلمين: لن نستطيع مواجهة التحديات بالتشرذم
عقد الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، اليوم السبت، اجتماعًا بأعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، في مقر قصر الصخير بمملكة البحرين.
جاء ذلك بحضور رئيس المجلس معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد آل خليفة، وأعضاء المجلس، ووفد علماء الأزهر المرافقين لفضيلة الإمام الأكبر، حيث أدار هذه الجلسة بين علماء الأزهر وعلماء البحرين، والمستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين.
وأكد شيخ الأزهر، خلال الاجتماع مع أعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية البحريني، أن البحرين تمثل تعبيرًا صادقًا للأخوة العميقة، وقد رأيت ذلك حقيقة في لقاء ملك البحرين قبل سنوات في مشيخة الأزهر والآن في البحرين، وهذا هو السر في أنَّ الله تعالى يفيض على هذا البلد بالكثير من الخير.
وأشار إلى أن اجتماع اليوم يجمع العلماء المهمومين بهموم الأمة، وأولها هموم التحديات الصارخة التي تتربص بأمتنا ليل نهار، وتصنع لها البرامج وترصد لها الأموال، لتحارب الدين، مضيفًا أن الاتحاد بين علماء المسلمين سُنة وشيعة ضروري وحتمي.
وأضاف شيخ الأزهر: نحن المسلمون- بمختلف مذاهبنا ومدارسنا الفكرية- مؤهلون للاتحاد والتلاقي على أرضية مشتركة، فنحن أبناء دين واحد ولغة واحدة، وتجمعنا مشتركات إنسانية وقيم أخلاقية وعادات مجتمعية متشابهة، وتتوفر لدينا كل مقومات الاتحاد، ولكن هناك صراعات وأجندات ومصالح مادية يتصدرها بيع الأسلحة، تتخذ من عالمنا الإسلامي سوقًا لترويج بضائعها ولا سبيل لهم في ذلك سوى ببث الفرقة والطائفية بيننا نحن المسلمون، فهم يتغذون على ضعفنا، وهم حريصون على ألا نتحد.
ولفت إلى أن الأزهر انفتح في الحوار الإيجابي على مختلف المؤسسات الدينية حول العالم، ويأتي في مقدمة أولوياته التقاء ووحدة المسلمين مع بعضهم بعضًا، وأن يتحدوا لمواجهة التحديات وتجاوز الأزمات.
وأوضح الإمام الأكبر، أنَّ العلماء هم حماة الأمة ولا يصح أن يكونوا بأي شكل من الأشكال طرفًا في هذا النزاع، وأنَّ المسئولية على العلماء مضاعفة أمام الله وأمام ضمائرنا، وعلى علماء المسلمين ألا يملوا من بيان سماحة الإسلام وقبوله للتعددية الدينية بين البشر ومسألة التعدد المذهبي بين المسلمين، وقد تربينا في الأزهر على قبول المذاهب المختلفة، ولن نستطيع مواجهة التحديات بالتشرذم أو الاختفاء أو التخلف عن هذه المهمة السامية، وقد كانت هناك محاولة لتجار سوق الفتنة أن يحدثوا ذلك في مصر قبل سنوات بين المسلمين والمسيحيين، لكن الأزهر تنبه لهم فأنشأنا بيت العائلة المصرية مع الكنائس المصرية، وبذلنا كل الجهود لوحدة الصف، وهذا ما ينبغي أن يحدث على مستوى العالم الإسلامي أجمع.
من جانبه، أعرب معالي الشيخ عبدالرحمن محمد بن آل خليفة، رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عن ترحيبه بشيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين في مملكة البحرين، وتقديره الشديد للإمام الأكبر، وقيادة مؤسسة الأزهر الشرعية والعلمية والعملية والقيادية على المستوى الإسلامي والعالمي.
وأشار إلى أن ملتقى الحوار بين الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني ثمرة من ثمار مواقف شيخ الأزهر الوسطية التي تنبع من مصادر التشريع الإسلامي الذي جاء بخير أمة أخرجت للناس، مؤكدًا أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يقدم مثالًا للتعايش بين علماء المسلمين سنة وشيعة ومثالًا للمواطنين في البحرين وجميع المقيمين على أرضها.
وأكد رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ترحيبه بما طرحه شيخ الأزهر من وحدة بين المسلمين ودعوة للتقريب بين علماء المسلمين والحوار بينهم، وأن المجلس يعمل على التقريب بين المذاهب في البحرين وتعزيز الوحدة بين المسلمين والتقاليد الإسلامية السمحة، وأنه يعتبر نموذجًا فريدًا في تشكيلاته لتأكيد وحدة الهدف والمصير بين المسلمين، ومتابعة الحوار بين الإسلام والديانات السماوية الأخرى.
وعبّر رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عن استعداد المجلس أتم الاستعداد لتعزيز العمل المشترك مع الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، وتعزيز أطر التنسيق حول مختلف القضايا العامة للمسلمين بما يقوي جانب المسلمين ويعلي كلمتهم ويعزز موقفهم، استجابة لتلك التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة الإسلامية وجمهور المسلمين حول العالم، سواء على المستوى الفكري أو الثقافي أو التربوي أو الاجتماعي، لذلك نحن بحاجة إلى تضافر الجهود، وأن نقيم دراسات جادة وعلمية تؤصل لتلك القضايا والتحديات، وتحللها وتقدم لها الحلول وتصوغ لها البرامج والمشروعات العملية التى تحفظ لأمتنا عقيدتها وهويتها وقيمها، وتحفظ لمجتمعاتنا استقرارها، وللأسرة كيانها، وللبشرية فطرتها، وللفرد إنسانيته.
وركز المستشار محمد عبدالسلام، في تقديمه للجلسة، على ما طرحه شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وما حظيت به دعوة شيخ الأزهر، في ختام ملتقى البحرين للحوار، من اهتمام إقليمي وعالمي.
وأكد أنها دعوة وفرصة كبيرة للحوار، حيث وجه فضيلته دعوة ونداء إلى عُلماءِ المسلمين في العالم كلِّه على اختلافِ مذاهبهم ومدارسهم الفكرية، وبخاصة إخوتِنا من المسلمين الشِّيعة، إلى المسارعة بعقدِ حوارٍ (إسلامي إسلامي) جاد، من أجلِ إقرار الوحدة والتَّقارُب والتَّعارف، ونبذ الفُرقة والفتنة والنِّزاع الطَّائفي؛ لتجاوز صفحة الماضي وتعزيز الوحدة الإسلامية.