قرارات قمة الجزائر
بعشرين قرارًا، نقطة، توصية، مطلبًا أو بندًا، تضمنها بيان ختامى، شديد اللهجة نسبيًا.. وباجتماع للقادة العرب، بلا جدول أعمال ودون مشاركة الوفود.. وبعد «توترات تم احتواؤها»، تنتهى، اليوم الأربعاء، أعمال القمة العربية العادية الحادية والثلاثين، المؤجلة منذ سنتين، التى استضافتها العاصمة الجزائرية، وشارك فيها كل الدول العربية بمستويات تمثل مختلفة، إضافة إلى أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، والرئيس السنغالى ماكى سال، الذى تترأس بلاده الاتحاد الإفريقى.
حرصًا على تدعيم أواصر علاقات التعاون والإخوة مع الدول العربية الشقيقة، واستمرارًا لدور مصر المحورى فى تعزيز جهود دفع آليات العمل العربى المشترك، توجه الرئيس عبدالفتاح السيسى صباح أمس الثلاثاء، إلى الجزائر الشقيقة، للمشاركة فى القمة، وتشاور مع القادة العرب، أمس واليوم، بشأن مساعى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وتعزيز المصالح العربية، فى ظل التحديات القائمة المتعددة، على المستويين الدولى والإقليمى، وما فرضته تبعات وباء كورونا والأزمة الأوكرانية، من تحديات وضغوط مختلفة.
فى القمة، التى كان شعارها «لم الشمل»، أقر القادة العرب مشروع القرار الخاص بـ«الاستراتيجية المتكاملة للأمن الغذائى العربى»، وكرّر البيان الختامى، كالعادة، التأكيد على «مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية»، وعلى تمسك العرب بالسلام كخيار استراتيجى «وحل الصراع العربى الإسرائيلى وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام ٢٠٠٢ بجميع عناصرها». كما أشار البيان إلى تكليف «المجموعة العربية» فى الأمم المتحدة بالتأكيد لدى المجتمع الدولى على أن «سياسة الكيل بمكيالين يجب أن تتوقف، لأنها تشجع الحكومة الإسرائيلية التى تستغل الأزمة الدولية الحالية، فى تنفيذ مزيد من مخططاتها الاستعمارية».
لم يكتف البيان بالإعلان عن تضامن القادة العرب مع لبنان، بل أوصى بتوفير الدعم السياسى والاقتصادى للحكومة والمؤسسات الدستورية، وأكد حق اللبنانيين فى تحرير واسترجاع مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبنانى من بلدة الغجر. وبشأن ليبيا، جرى التركيز على ضرورة الحفاظ على وحدتها وسيادتها وسلامة أراضيها، ورفض كل أشكال التدخل الخارجى، ومحاربة التنظيمات الإرهابية وإخراج المرتزقة الأجانب، واستكمال توحيد المؤسسات الأمنية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع قاعدة دستورية تجرى على أساسها انتخابات حرة ونزيهة.
مع تنديد البيان بـ«التدخل الإيرانى فى سوريا»، استوقفنا تنديد البيان بالعدوان التركى على الأراضى السورية. وكذا مطالبته بـ«اتخاذ موقف عربى موحد من انتهاك القوات التركية للسيادة العراقية»، ودعوته الدول العربية، وفق العلاقات الثنائية، لمطالبة تركيا بسحب قواتها من الأراضى العراقية والكف عن الأعمال الاستفزازية فى العراق. وكان الأهم، فى رأينا، وما قد يعنى أن القادة العرب لمّوا الشمل، جزئيًا، هو إدانتهم استضافة تركيا العناصر التابعة للجماعات المتطرفة، وتوفير ملاذ آمن لها، وتمويل ودعم منصات إعلامية تحرض على استخدام العنف وتزعزع استقرار الدول العربية.
بعدد الكلمات، والإدانات والمطالبات، كان لإيران النصيب الأكبر من البيان، الذى أكد «الالتزام بوحدة اليمن وسيادته وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه»، وأعلن تأييد موقف الحكومة اليمنية المتمسك بخيار السلام، وأدان الهجوم والتصعيد العسكرى و«الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التى تمارسها الميليشيات الانقلابية الحوثية». وأكد «دعم وتأييد حق المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة فى الدفاع عن النفس ورد العدوان»، مثمنًا حرص الدولتين «على الالتزام بالقانون الدولى واحترامه».
انطلاقًا من هذه النقطة، وبعد تحميل إيران مسئولية كل ممارسات الميليشيات الحوثية، وتجديد إدانة احتلالها الجزر الإماراتية الثلاث، أدان البيان «سياسة الحكومة الإيرانية وتدخلاتها المستمرة فى الشئون العربية، التى من شأنها تغذية النزاعات المذهبية والطائفية»، وطالبها بالتوقف عن دعم الجماعات التى تؤجج هذه النزاعات، وبالذات فى دول الخليج العربية. وفى بند منفصل، أدان البيان التدخلات الإيرانية فى شئون مملكة البحرين.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى عقد عددًا من اللقاءات الثنائية مع القادة العرب، على هامش مشاركته فى القمة، جرى خلالها التباحث بشأن سبل تعزيز العلاقات وتبادل الرؤى بشأن آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.