عندما تظاهرت بجوار الإخوان!
أؤمن بقول رسولنا الكريم «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، فما بالنا فى حالة تعاملنا مع جماعة الإخوان الإرهابية التى نشأنا وعرفنا الدنيا وهى تحيطنا من كل جانب فى مساجد ومدارس وجمعيات سيطرت عليها، وفى برامج وقنوات خصصت لنشر أفكارها، ومن خطباء الكاسيت لمشايخ الفتوى، لعلماء خلطوا بين العلم والدين لتوظيف أفكارهم لصالح الجماعة.
وعرفنا عن جماعة الشر الإخوانية تجارتها بالدين والسياسة، مستغلة أهم القضايا الوطنية لكسب التأييد واللعب على وتر المظلومية، وقضية فلسطين هى واحدة من أكثر القضايا التى تاجرت بها الجماعة والتى طالما سمعنا أشبالها وشيوخها يغنون بها «عالقدس رايحين.. شهداء بالملايين» ولا عمرنا سمعنا أن أحدًا من تلك الجماعة الكاذبة ذهب لـ«فلسطين» ولا اشترك فى أى عملية فدائية تساند الشعب الفلسطينى.
والثابت لنا أن جماعة الإخوان أكثر من استفاد من الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين، فكله تجارة بالنسبة لها، بداية من تفجيرات ممتلكات اليهود فى القاهرة والإسكندرية لإجبار يهود مصر على الهجرة وهى خدمة جليلة فشلت فيها عصابات اليهود، ثم الاستفادة والمتاجرة بحرب 48 التى استغلتها الجماعة فى تدريب 900 عنصر إخوانى على أعمال القتال ممن ذهبوا للحرب بجوار الجيش المصرى وكانوا فى الخطوط الخلفية للحرب ليعودوا كعناصر مدربة فى التنظيم السرى للإخوان، ولم تخبرنا أى من المصادر المحايدة عن أى دور لهم فى حرب فلسطين، اللهم إلا اتهامهم بقتل البطل أحمد عبدالعزيز أكثر القادة المصريين تحقيقًا للانتصارات على العصابات الصهيونية، وكان على وشك دخول مدينة القدس، فتم اغتياله بوشايات إخوانية.
وطوال تاريخهم لم تتوقف البكائيات على فلسطين والقدس، وحين دعوا للجهاد وجمعوا التبرعات كانت لأفغانستان، وذهب آلاف الشباب للحرب فى جبال تورا بورا، ولم تخطئ قدماهم ولو مرة واحدة للذهاب لـ«الضفة» أو أى المدن الفلسطينية المحتلة، وحين ظهرت لهم جماعة تمثلهم فى فلسطين كان هدفها الأول السيطرة، والعداء ممن لا ينتمون لهم لتبدأ - حماس - نشاطها باعتقال وقتل وتعذيب أبناء جلدتهم والنهاية انقسام للمقاومة وتفتيت للنضال وتقديم مبررات العدوان على الشعب الأعزل.
وفى تجربة شخصية مباشرة مع تلك الجماعة، دارت أحداثها حين وقعت مذبحة الحرم الإبراهيمى التى نفذها الصهيونى المتطرف «باروخ جولدشتاين» داخل الحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل الفلسطينية فجر يوم الجمعة 15 رمضان عام 1414 هـ / الموافق لـ 25 فبراير 1994، حين أطلق الصهيونى النار على المصلين المسلمين فى المسجد الإبراهيمى أثناء أدائهم لصلاة الفجر، فاستشهد 29 مصليًا وجرح 150 آخرون قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه- يومها دعت القوى الوطنية للتظاهر من داخل الأزهر للتنديد بالمذبحة، ولم تكن المظاهرات موجهة ضد الأمن المصرى، ولا الحكومة المصرية، ولم يكن مخططًا أن تخرج المظاهرت خارج أسوار الجامع الأزهر وقد شارك معظم الأحزاب والقوى الوطنية المصرية، وكنت من بين الشباب المشارك، ولم نكن نعرف أن جماعة الإخوان سوف تكون معنا، ولأن التظاهر كان لصالح فلسطين الحبيبة وللتنديد بالمذبحة فقط، وكنا نهتف ضد الاحتلال، ففوجئنا بأعضاء جماعة الإخوان يهجمون علينا من الخلف ليعتدوا علينا لإسقاط صور الزعيم جمال عبدالناصر التى تم رفعها تلقائيًا كالعادة فى مثل تلك المناسبات باعتباره أحد أهم رموز المقاومة، وكان أعضاء الجماعة يصرخون بأعلى أصواتهم لا لافتات تعلو على «لا اله الا الله».
فجأة تحول المشهد من مناصرة فلسطين والتنديد بالمذبحة، إلى الفوضى والخلاف بين صفوف الحركة الوطنية وأمام الكاميرات التليفزيونية التى كانت معظمها أجنبية، ولم تمر لحظات حتى قررت قيادات الجماعة الخروج من أسوار الجامع الأزهر، وإزالة السور الحديدى الذى يفصل شارع الأزهر لاتجاهين، وتم توجيه المتظاهرين ناحية ميدان العتبة، مما أجبر الأمن على التعامل مع المظاهرة باستخدام القنابل المسيلة للدموع.
وهكذا تحولت ساحة الأزهر إلى معركة بين الأمن المصرى والمتظاهرين المنددين بالمذبحة الصهيونية، لتنتهى المظاهرة باعتقال عدد كبير من الشباب كدت أكون منهم، ولا نعلم هل كان موقف جماعة الإخوان فى تلك المظاهرة لصالح الشعب الفلسطينى أم كان دورهم هو إفساد المظاهرة لصالح العدو كعادتهم !