«محمد خان».. بقلم «محمد خان»
نور الشريف أنقذ أول أفلامه «ضربة شمس» وتكفل بالإنتاج
منذ أيام كانت ذكرى رحيل شاعر السينما محمد خان، وقد رأيناها مناسبة لإعادة عرض كتابه المهم «مخرج على الطريق» والذى سجل فيه ملامح مهمة من تجربته السينمائية.
الكتاب الذى يجمع كثيرًا من المقالات التى كتبها بنفسه، والتى يتحدث فيها عن السينما وعن حياته وعن الفن بشكل عام، وعلاقته بكبار الممثلين والمخرجين فى الوسط، وهو كتاب «مخرج على الطريق» الصادر عن دار الكتب خان.
يقول «خان» عن فيلمه الأول «ضربة شمس» إنه وبعد أن عرض فكرة الفيلم على الفنان الكبير نور الشريف تحمس للفكرة، لكن كان هناك عائق وهو من سيتحمل تكلفة إنتاج الفيلم؟
كانت السينما فى هذه الفترة أواخر السبعينيات تعانى من أزمة تتمثل فى عدم وجود منتجين يعرفون معنى وقيمة الفن، فلجأ غالبية مخرجى تلك الفترة إلى طرق بديلة للإنتاج، فمثلًا يوسف شاهين أسس شركة إنتاج خاصة به، واستعان ببعض الشركات من دول مختلفة مثل فرنسا والجزائر.
كذلك فعل خيرى بشارة لكى يخرج أول أفلامه «الأقدار الدامية»، وفعلها كل من عاطف الطيب وداود عبدالسيد وغيرهما، وكان من الصعب للغاية أن يجد خان منتجًا للفيلم، ولكن نور الشريف حل المشكلة وغامر وقرر أن يكون ليس فقط بطل الفيلم بل منتجه أيضًا.
لم ينظر خان فارس السينما الشجاع إلى النقاط السلبية فى تلك الأزمة فقط بل رأى فى الأزمة نقاطًا إيجابية، حيث كان يرى أن هذه الأزمة ستشجع صناع السينما الحقيقيين ومن يحبون السينما على تأسيس سينما مستقلة يستطيعون من خلالها تقديم نوع الفن الذى يحبونه، وهو ما حدث بالفعل.
يقول خان عن تجربة واحد من أهم أفلامه «زوجة رجل مهم»: «حينما أخرجت الفيلم عن سيناريو لرءوف توفيق، كانت مبادرة منا نحو تقديم فيلم جاد يدور عن فاشستية رجل سلطة متتبعًا إياه منذ صعوده نحو المزيد من السلطة إلى سقوطه، حيث يدمر أقرب الناس إليه قبل أن يدمر نفسه».
ويكمل فى موضع آخر: «بعد عزل شخصية الضابط هشام عن عمله بالمباحث، الذى لعب دوره أحمد زكى.. اشترى سيارة واستأجر سائقًا حتى يبدو أمام سكان الحى وكأنه لا يزال محتفظًا بوظيفته وبهيبته أمام الجميع، وفى مشهد تتعطل السيارة على أطراف المدينة ويحاول السائق تصليحها، إلا أنه لا يكف عن تأنيب السائق بلهجة قاسية، مما يدفع السائق للتمرد عليه، وتركه فى وسط الطريق».
يتابع: «الغرض من هذا المشهد كان تجسيم سقوط هشام، وفى المونتاج اكتشفت أكثر من مشهد آخر يؤكد هذا الإحساس بالسقوط وفقدان السلطة التى كانت فى يديه من قبل، وبالتالى حذفت المشهد بأكمله».
يواصل خان فى الكتاب حكى المزيد من الكواليس المتعلقة بأفلام تعد من أهم أفلام السينما العربية، والتى أخرجها، مثل «عودة مواطن» و«الحريف» و«موعد على العشاء» وغيره، ليحكى لنا كواليس أخرى حدثت أثناء تحضير فيلم «أحلام هند وكاميليا».
وكتب: «فشلت فكرتى الطموحة فى جمع كل من فاتن حمامة وسعاد حسنى فى فيلم واحد، على الرغم أن كلتيهما أبدت فى البداية وفى العموم استعدادها لخوض التجربة».
وبعد فشل فكرة خان فى جمع أكبر نجمات التمثيل فى زمانهن، أدت كل من نجلاء فتحى وعايدة رياض الدورين. ونتعرف داخل الكتاب بجانب هذه الكواليس على مدى اهتمام خان بالتفاصيل الصغيرة للغاية، وكيف يؤسس للشخصيات التى تظهر على الشاشة، فهو يهتم باسم الشخصية الذى قد يحمل أكثر من دلالة ورمزية، وحتى عمق الشخصية وتشريحها النفسى والفلسفى.
أحب خان التصوير الخارجى، وفى الشوارع العامة، هذا العشق للشارع المصرى ظهر من أول أفلامه واستمر معه، حيث كان يحب تصوير حياة المواطنين كما هى، ويحب التعبير عن الواقع كما هو، فيذيب الفوارق بين الحقيقة والخيال وبين ما هو واقعى وما ما هو متخيل، وهذا يعطى المزيد من الصدق للعمل الفنى.
وربما هذا الحب وهذه العلاقة بين خان والشارع المصرى جاءت لتؤكد لنفسه وللآخرين أنه مصرى ١٠٠٪، وأنه يعرف هذه الشوارع الخالقة للحواديت، ولذلك حين حصل على الجنسية المصرية سعد للغاية، وكتب مقالًا عن هذه المناسبة.
وعن دور المرأة فى أفلامه يقول خان إن المرأة دائمًا ما تكون قوية حتى لو ظن البعض أنها عكس ذلك، كما فى «زوجة رجل مهم» و«موعد على العشاء»، وهى دائمًا ما تؤثر فى مجرى الأحداث وتحمل إسقاطات سياسية واجتماعية.