وختامه توصيات ومقترحات
ما شهدته جلسات «المؤتمر الاقتصادى- مصر ٢٠٢٢»، طوال أيام انعقاده الثلاثة، ترجمته الجلسة الختامية إلى توصيات ومقترحات، رسمت خارطة طريق مستقبلية، لتحقيق المستهدفات القومية، وتجاوز التحديات التى تواجهها القطاعات ذات الأولوية. وخلاصتها، أو ترجمتنا نحن لها، هى أننا ماضون فى تهيئة مناخ أكثر تحفيزًا للاستثمار، وتحسين جودة الحياة، وتوفير مليون فرصة عمل سنويًا، بعد أن قامت دولة ٣٠ يونيو بتنفيذ مشروعات قومية كبرى، باستثمارات تجاوزت ٧ تريليونات جنيه.
سنبدأ من الآخر، من المحور الأخير، الخاص بتطوير قطاع الصناعة، الذى شملت توصياته سرعة الانتهاء من الرؤية المتكاملة لـ«استراتيجية الصناعة الوطنية»، واستهداف بعض الصناعات المهمة، وتعميق التصنيع المحلى، خاصة فى الصناعات الهندسية والكيماوية والنسجية والغذائية، إلى جانب تنمية الصادرات الصناعية، وتسهيل إجراءات النفاذ إلى الأسواق الجديدة، وتفعيل دور مكاتب التمثيل التجارى والمعارض الدولية، مع تعزيز دور مبادرة «ابدأ»، لدعم القطاع الصناعى، وتفعيل قانون تفضيل المنتج المحلى، ومنح أراضٍ للمصانع، وتحويل المناطق الصناعية إلى مدن سكنية متكاملة، يسكنها العاملون فيها لتقليل تكلفة انتقالهم.
ملامح «استراتيجية الصناعة الوطنية»، جرى استعراضها فى جلسة عنوانها «خارطة طريق لتطوير قطاع الصناعة.. تحديات وآليات تحفيز القطاع». وفيها، أشار جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى، إلى أن نمو معدلات الإقراض للقطاع الصناعى خلال السنوات الثلاث الماضية، يؤكد اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوى، موضحًا أنه استحوذ على الجزء الأكبر من أرصدة الإقراض والخصم المقدمة من الجهاز المصرفى.
كلام نائب محافظ البنك المركزى يقودنا إلى التوصيات الخاصة بمحور السياسات المالية والنقدية، التى تضمنت إصدار مؤشر للجنيه المصرى مُقومًا بالذهب وبعض عملات أهم الشركاء التجاريين، وتفعيل سوق المشتقات للعملة، والعقود الآجلة، كأداة تحوط ضد مخاطر تذبذب سعر الصرف، و... و... والعمل على استمرار خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى. وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن هذه النسبة كانت قد وصلت فى يونيو ١٩٨١ إلى ١٥٩٪، ونزلت إلى ١٠٢.٨٪ فى يونيو ٢٠١٦، ثم إلى ٨٧.٢٪ فى يونيو الماضى، ونستهدف النزول بها إلى ٧٢٪ بحلول ٢٠٢٧، أى خلال خمس سنوات. كما عرفنا من الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أننا حريصون على تنويع مصادر التمويل لخفض تكلفة التنمية.
مع الإصلاح الهيكلى والمؤسسى والمالى والإدارى لمنظومة التعاونيات والاتحادات المرتبطة بالنشاط الزراعى، لدعم قدرتها على القيام بدور أكبر فى ملف الأمن الغذائى، تضمنت توصيات محور القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، تسهيل الحصول على قروض تمويل للمشروعات الصحية، خاصة فى المجتمعات الجديدة بقروض ميسرة وفائدة مميزة، وتسهيل إجراءات الشراكة مع الدولة فى المستشفيات القائمة والجديدة، من خلال إدارة القطاع الخاص للمنشآت الصحية بنظام حق الامتياز، إلى جانب تقديم حزمة متكاملة من الحوافز الضريبية والتمويلية؛ لتشجيع القطاع الخاص على توفير خدمات تعليمية متنوعة تتناسب مع مختلف شرائح المجتمع، خاصة الطبقة المتوسطة، وبما يراعى أهداف التنمية المكانية فى المحافظات المختلفة.
تضمنت توصيات محور القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، أيضًا، اتخاذ إجراءات تنفيذية من شأنها تصدير العقار عالميًا، والترويج للمنتج العقارى، إلى جانب إنشاء منطقة اقتصادية خاصة لصناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عالية التقنية، على المدى القريب، واللجوء إلى آلية القائمة البيضاء التى يتم تسجيل هذه الشركات بها، بالإضافة إلى توحيد الجهة الخاصة بتحصيل الرسوم على المستثمرين فى قطاع السياحة، والإسراع بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون رقم ٨ لسنة ٢٠٢٢: قانون المنشآت الفندقية والسياحية.
.. ولا يبقى غير الإشارة إلى أن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، كان قد شدّد على أن الحكومة ستقوم، على الفور، بتنفيذ توصيات المؤتمر أو مقترحاته، وستتخذ كل ما يتطلبه ذلك من قرارات وإجراءات تنفيذية، سواء بإصدار تشريعات أو قرارات من رئيس الجمهورية، أو مجلس الوزراء. وعليه، نتوقع، كما توقّع الدكتور محمد العريان، أحد أهم الخبراء الاقتصاديين فى العالم، أن نتجاوز كل الأزمات المحلية والدولية المتداخلة، وأن تنتهى هذه «الرحلة الوعرة للغاية»، إلى وجهة أفضل، تتميز بنمو أكثر شمولًا واستدامة، وبنظام مالى أكثر استقرارًا.