روشتة اقتصادية فى 3 كلمات
فى الجلسة الافتتاحية لـ«المؤتمر الاقتصادى- مصر ٢٠٢٢»، الذى انطلقت فعالياته، أمس الأحد وتنتهى غدًا الثلاثاء، استوقفتنا ثلاث كلمات، نرى أنها رسمت صورة واضحة، وقدمت تشخيصًا دقيقًا وروشتة علاج، لأزمتنا الاقتصادية، وللوضع المتقلب الذى يعيشه العالم: كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى.. كلمة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء.. وكلمة الدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمى.
كلمة الرئيس، التى ندعوك إلى مشاهدتها كاملة على يوتيوب، يمكن تلخيصها فى أن شعبية القيادات السياسية والحكومات السابقة لم تكن بالقوة اللازمة التى تمكنها من تشكل قاعدة انطلاق لخارطة طريق اقتصادية صعبة تحتاج لسنوات عمل شاقة، وتتطلب دعمًا شعبيًا قويًا ومستمرًا.. وأن تكلفة الإصلاح كانت تزداد يومًا بعد يوم.. و... و... ووصولًا إلى تأكيده على أننا «كنا ماشيين على الحافة، والبلد كان ممكن تدخل فى فوضى ما ترجعش منها تانى، لكن الله سلم وحفظ وقدر ويسر أمرًا آخر وله الحمد والشكر والمنة».
المؤتمر، الذى دعا له الرئيس السيسى، الشهر الماضى، هو المؤتمر الاقتصادى الرابع خلال السنوات الأربعين الماضية. ولأن تشريح وضع الاقتصاد المصرى يستوجب تحليل مخرجات هذه المؤتمرات، لمعرفة أين وصلنا بعد كل مؤتمر، ولكى نضمن الخروج من المؤتمر الحالى بتوصيات واقعية، أكد رئيس الوزراء أهمية تحليل مخرجات مؤتمرين، من الأربعة: «المؤتمر الاقتصادى الكبير» سنة ١٩٨٢، والثانى «مؤتمر مصر المستقبل» سنة ٢٠١٥، وأرجع اختيار هذين المؤتمرين، إلى أننا كنا نمر وقت عقدهما بظروف استثنائية جدًا.
حرفيًا، كنا نسير على الحافة فى المرتين. إذ كانت مصر، قبل مؤتمر ١٩٨٢، تواجه اقتصادًا مُثقلًا بمشكلات فترة ما بعد الحرب، ونصر أكتوبر، وسياسة الانفتاح الاقتصادى، والعديد من الأزمات السياسية، التى انتهت باغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وعن مؤتمر ٢٠١٥، والكلام ننقله عن الدكتور مدبولى بتصرف بسيط، فقد كانت الدولة قد انتهت للتو من أزمات سياسية شديدة العنف، بين عامى ٢٠١١ و٢٠١٣، مع موجة إرهاب غير مسبوقة، ثم بدأت أولى خطوات الاستقرار السياسى. ولذا، كانت دعوة الرئيس السيسى لمناقشة أوضاع الاقتصاد المصرى وكيفية النهوض به.
الكلمة، التى اختار لها عنوان «الاقتصاد المصرى فى أربعين عامًا.. وماذا بعد؟»، بدأها رئيس الوزراء بالإشارة إلى أن هذا المؤتمر يأتى فى خضم أزمة عالمية، لم تشهدها دول العالم منذ الحرب العالمية الثانية، موضحًا أن مصر ليست بمنأى عن هذه الظروف، وتم تصنيفها من جانب جميع المؤسسات الدولية كواحدة من الدول الأكثر تأثرًا بهذه الأزمة العالمية الكبرى. وهو ما أكده، أيضَا، الدكتور العريان حين شرح، فى كلمته المسجلة، كيف أننا نعاصر اقتصادًا عالميًا تكتنفه حالة من عدم اليقين غير المعتاد، ورأى أن المؤتمر ينبغى أن ينصبّ تركيزه على النظرة المستقبلية والفرص والمخاطر وإمكانية إطلاق العنان لإمكانات مصر الكبيرة.
المثال الأبرز، لحالة عدم اليقين والوضع المتقلب، كان اقتصاد مجموعة السبع، الذى وصفه الدكتور العريان، بأنه «نخبة الاقتصادات المتقدمة»، والذى تعرض خلال الأسابيع الخمسة الماضية، لستة أمور، أو كوارث، توضح عدم الاستقرار الكامن وغير المتصور الذى نعاصره والذى تأسس فى الدول المتقدمة: انهيار فوضوى فى العملة.. زيادة غير منضبطة فى العائدات.. توبيخ علنى من صندوق النقد الدولى.. تحذيرات وكالات التصنيف.. تدخلات طارئة من البنوك المركزية.. وسياسات حكومية معاكسة انتهت باستقالة رؤساء وزراء.
.. وأخيرًا، نرى، كما يرى الدكتور محمد العريان، أننا فى رحلة وعرة للغاية، يتعرض فيها الاقتصاد العالمى لكثير من الصدمات. لكن ما طمأننا، كان تأكيده، وهو أحد أهم الخبراء الاقتصاديين فى العالم، على أن هذه الرحلة ستنتهى إلى وجهة أفضل، تتميز بنمو أكثر شمولًا واستدامة، وبنظام مالى أكثر استقرارًا. كما طمأننا، أيضًا، تشديد رئيس مجلس الوزراء على أن الحكومة ستقوم على الفور بتنفيذ توصيات المؤتمر، وستتخذ كل ما يتطلبه ذلك من قرارات وإجراءات تنفيذية عقب انتهائه مباشرة، سواء بإصدار تشريعات أو قرارات من رئيس الجمهورية، أو مجلس الوزراء، متعهدًا بأن تقوم الحكومة بصياغتها، سعيًا لسرعة إصدارها.