إعلان القاهرة للمياه والتنمية
أسبوع القاهرة للمياه، الذى تنتهى فعاليات دورته الخامسة، اليوم الأربعاء، أصبح منصة إقليمية ودولية فاعلة، لدعم الحوار حول قضايا المياه. وفى ظل تشابك الأمن المائى وتغير المناخ، كان طبيعيًا أن تحمل هذه الدورة عنوان «المياه فى قلب العمل المناخى»، استكمالًا للنقاشات والجهود، التى تهدف إلى تكثيف التحرك الدولى بشأن هذين الملفين، أو التحديين، وتمهيدًا للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى تستضيفها مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل.
بحضور أكثر من ألف مشارك يمثلون ٧٠ دولة و٦٦ منظمة دولية وإقليمية، انطلقت فعاليات الأسبوع، الأحد الماضى، بكلمة للرئيس عبدالفتاح السيسى. وفى يومه الثانى، قام الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية والرى، بإطلاق وثيقة «إعلان القاهرة من أجل تسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة»، الذى سيكون مدخلًا رئيسيًا لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن مراجعة منتصف المدة: منتصف مدّة «العقد الدولى للمياه ٢٠١٨- ٢٠٢٨»، المقرر عقده فى مارس المقبل، الذى وضعت مصر الدورتين الرابعة والخامسة، السابقة والحالية، من أسبوع القاهرة، على مساره، وخصصت يومين كاملين فيهما، لمناقشة مختلف جوانبه.
للوثيقة، الإعلان، خمسة محاور عمل: دعم مناطق ندرة المياه بحالاتها المتنوعة مثل المجتمعات الريفية والمناطق القاحلة وغيرهما.. التعاون العابر للحدود من خلال برامج بناء القدرات وتبادل الخبرات.. تعزيز الترابط بين المياه والمناخ من خلال مبادرة التكيف مع التغيرات المناخية بقطاع المياه.. توسيع آلية التمويل الذكى بإعطاء الأولوية للتمويل الدولى الميسر والاستثمارات العامة والخاصة فى قطاع المياه والبنية التحتية والخدمات ذات الصلة.. ويركز المحور الخامس على تعزيز الابتكار لإدارة المياه بشكل مستدام وأكثر مرونة.
رؤيتنا الراسخة هى العمل سويًا، لتكريس وتقاسم الازدهار، بدلًا من التناحر، الذى يؤدى إلى تقاسم الفقر وعدم الاستقرار. وعليه، جدّدت مصر، بلسان رئيسها، التزامها، أو تعهدها، ببذل أقصى جهودها لتسوية قضية السد الإثيوبى على النحو الذى يحقق مصالح كل الأطراف، ودعت المجتمع الدولى إلى التعاون معها من أجل تحقيق هذا الهدف العادل، انطلاقًا من اقتناعها، رئيسًا وحكومة وجيشًا وشعبًا، بأن الالتزام بروح التوافق على مساحات المصالح المشتركة هو السبيل الوحيد لتجنب الآثار السلبية التى قد تنجم عن الإجراءات الأحادية.
تأسيسًا لهذا الاقتناع، وتلك الرؤية، جاء إعلان القاهرة ليؤكد أيضًا حرص مصر على الانخراط الفعال فى كل المحافل الدولية، وسعيها الدائم إلى تنفيذ الهدف السادس فى أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة: «ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحى للجميع وإدارتها بشكل مستدام». كما شهد أسبوع القاهرة جلسة مفتوحة للتعريف بمحاور «المبادرة الرئاسية للتكيف فى قطاع المياه»، المقرر إطلاقها خلال قمة شرم الشيخ للمناخ.
الحصول على الموارد المائية النظيفة، المأمونة والآمنة والكافية، حق أساسى من حقوق الإنسان، ويُعد شرطًا مسبقًا للنهوض بالدول وازدهار المجتمعات. غير أن مصر، كما لعلك تعرف، تعانى من ندرة المياه، وتكاد تقترب من حالة الندرة المطلقة، إذ تعتمد بنسبة ٩٧٪ على نهر النيل، ويبلغ عجزها المائى حوالى ٢١ مليار متر مكعب، سنويًا. إلى جانب ما نواجهه من تأثيرات التغيرات المناخية بأشكالها المختلفة: ارتفاع مستوى سطح البحر، ارتفاع درجة الحرارة، والتأثير المتوقع، وغير المتوقع، على الأمطار فى منابع النيل.
لعلك تعرف، أيضًا، أن لدينا «استراتيجية وطنية لإدارة الموارد المائية»، تهدف إلى توفير مياه الشرب وتحسين نوعيتها، وترشيد استخدامها وتنمية مواردها وتهيئة البيئة المناسبة لإدارتها بشكل رشيد. وهى الاستراتيجية التى جرى تحت مظلتها تنفيذ العديد من المشروعات، مثل تأهيل الترع بهدف زيادة كفاءة توزيع المياه وتوصيلها للمنتفعين، وتحسين أنظمة الصرف الزراعى، وتطبيق أنظمة الرى الحديثة المناسبة، وتنفيذ مشروعات كبرى، لإعادة استخدام المياه فى بحر البقر والحمام والمحسمة و... و... وغيرها.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر ستستضيف مركزًا إفريقيًا «للمياه والتكيف مع المناخ»، لدعم القدرات السمراء، وتعزيز مجالات التعاون الثنائى العديدة مع دول القارة، خاصة دول حوض النيل، التى أسهمت، ولا تزال، فى مساعدة هذه الدول على تحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة مواطنيها.