اطمئنى يا مصر
كما تعودنا على تلك الحماسة والبلاغة من السيد العميد ياسر وهبة، الذى كان يقوم بالشرح والتعليق أثناء الاحتفال بتخرج دفعات جديدة من الكليات العسكرية يوم الخميس الماضى، حيث اختتم كلماته بتلك العبارة المختصرة الشاملة والناجزة "اطمئنى يا مصر".. لقد انضم اليوم إلى صفوف القوات المسلحة المصرية الباسلة هؤلاء الخريجون من ضباط الغد فى يوم الحصاد الذى حضره السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، والذى جاءت كلمات سيادته برداً وسلاماً على قلوبنا عندما أعلن أن مصر قادرة على تخطى كافة التحديات، وأننا سوف نعبر المرحلة الصعبة الحالية التى يمر بها العالم أجمع وليس مصر وحدها.. وأن للقوات المسلحة والشرطة المصرية دوراً مهماً فى تحقيق أمن واستقرار البلاد، وأنه لن تتمكن أى دولة فى العالم أن تعبر مشاكلها سوى بالأمن والاستقرار، وأن الجهد المبذول لتحقيق هذا الهدف فى مصر ليس قاصراً على الجيش والشرطة فقط ولكنه جهد مطلوب من كل مصرى للحفاظ على الدولة المصرية.
بالأمس القريب حضرنا الاحتفال بتخرج أبطال جدد من رجال الشرطة المصرية، حيث أكدت التدريبات والتأهيل والتعليم على أن جهاز الشرطة على وعى كامل بكافة التحديات التى تتعرض لها جبهتنا الداخلية، ولعل من أبرز هذه التدريبات تلك التى حصلت عليها ضابطات الشرطة اللائى انتهت فترة دراستهن بأكاديمية الشرطة، حيث فوجئنا جميعاً بذلك العرض الذى قدمنه أمام السيد الرئيس وأمام عائلاتهن، والذى يؤكد أنه سوف يكون لهن دور كبير فى المرحلة القادمة، خاصة على ضوء المستجدات التى يشهدها العصر من تطور الفكر الإجرامى وتنوعه، فلم تعد الجريمة التقليدية فقط هى الموجودة على الساحة، ولكن هناك تحديات جديدة تستلزم قدرات خاصة واستثنائية تأتى بالعلم والمعرفة والتدريب الراقى والتأهيل العصرى المتقدم تتوافر له كافة الإمكانيات الحديثة لبناء رجل الأمن المحترف والواعى، الذى يحترم القانون ويعظم أعلى درجات الإنسانية واحترام حقوق الإنسان كعقيدة راسخة تساعد فيها ضابطات الشرطة زملاءهن من رجالها وصولاً إلى أعلى المعايير والمواصفات التى تواكب روح العصر.
ثم جاء تخرج أبطال جدد من شباب الكليات العسكرية فى احتفالية مهيبة شهدت عروضاً غير مسبوقة تؤكد اهتمام السيد الرئيس بتطوير وتحديث القوات المسلحة وتزويدها بأحدث منظومات التسليح، وذلك بما يتسق مع عمق رؤية سيادته وإلمامه بحجم التحديات والتهديدات والمخاطر وما يشهده العالم حالياً من اضطرابات وصراعات ومؤامرات تتطلب ضرورة أن يكون لدينا جيش قوي قادر على حماية أمن وسلام البلاد.. لقد انضم اليوم جيل جديد من ضباط القوات المسلحة إلى الجيش المصرى القوى الذى وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من القوة والقدرة على الردع، ولكنه فى ذات الوقت جيش يحمى ولا يعتدى.. يدافع عن أمن الوطن ومقدراته ولا يهاجم أحداً.
كنت أتابع طوابير العرض لطلبة الكليات العسكرية وكلية الشرطة، وفى ذات الوقت أتابع نظرات الفخر والإعزاز من أولياء أمورهم وتلك الفرحة المرسومة على وجوههم.. كذلك تابعت تلك الدموع التى انهمرت من عيون إحدى السيدات الفضليات وهى تحمل صورة زوجها الشهيد وكأنها تريده أن يرى ابنه فى يوم تخرجه وهو يقسم يمين الولاء والعطاء للوطن ويستكمل مسيرة والده فى الذود والدفاع عن الوطن.. وهنا كان هناك موقف إنساني للسيد الرئيس عندما لمح تلك الدموع حيث قدم التحية كعادته لأرواح شهداء مصر الأبرار قائلاً: "كل الاحترام والتقدير والمحبة للعطاء الذى قدمه الشهداء وأسرهم.. وأن دماءهم لن تضيع عند الله ونحن لن ننساها".
ما بين بطل ارتقى شهيداً.. وبطل بقى بطلاً صلباً مدافعاً عن أمن وكرامة الوطن، وأبطال جدد ينضمون إلى القوات المسلحة والشرطة المصرية، كان المشهد عظيماً هنا وهناك.. مشهد يرسم صورة رائعة لمصر الخالدة بعطاء أبنائها وبطولاتهم وتضحياتهم وعطائهم على مر العصور.. لقد شاهدنا جيلاً جديداً من الأبطال يحمل جينات الشجاعة والفداء بعد أن حقق حلم حياته فى استكمال مسيرة الدفاع عن الوطن الذى حافظ عليه أجداده وآباؤه.
كانت توجيهات السيد الرئيس أيضاً لأبنائه الخريجين تمثل ميثاق عمل يجب أن يقتدوا به، خاصة أن المسئوليات جسيمة والتحديات كبيرة، ولا بد أن يكون هذا الجيل الجديد من الأبطال على وعى ودراية بتلك التحديات، وأيضاً بتلك المحاولات الخسيسة من أهل الشر لزعزعة الاستقرار فى البلاد من خلال مؤامرات دنيئة لا تنتهى . فهذا قدرنا، ولكن تلك قدرتنا التى نستطيع بها إجهاض أى محاولات تؤثر على أمن واستقرار الدولة المصرية.. كما تضمنت توصيات سيادته الوقوف صفاً واحداً مع الشعب وعدم الالتفات للأكاذيب والشائعات وإدراك ما يحاك للوطن من مؤامرات.. وعلى الشعب أن يلتف حول جيشه وشرطته وأن يدرك تضحياتهم، ليس فقط بالدعاء لهم ولكن بالتعاون والعمل والإنتاج.. يد تبنى ويد تحمل السلاح.
ثم جاء المشهد الختامى لهذا الحفل المهيب لنرى أوائل الكليات المدنية وهم يشاركون إخوانهم من خريجى الجيش والشرطة وجميعهم يتقدمون يداً واحدة أمام السيد الرئيس ليؤكدوا لسيادته أنهم سوف يكونون خير عون للوطن كل فى مجال تخصصه ولن يبخلوا عنه بكل العلوم التى تحصلوا عليها فى الجامعات المختلفة.. وجميعهم أقسموا يمين الولاء للوطن.. وإنه قسم لو تعلمون عظيم.
ونعود إلى البداية وإلى كلمة "اطمئنى يا مصر" لنجد أنها لم تأتِ من فراغ ولكن من خلال معطيات حقيقية شاهدناها جميعاً بأن هناك أبطالا جددا ينضمون إلى كتائب الدفاع عن الوطن مسلحين بالعلم والوعى والتدريبات العالية والمستويات الراقية فى الأداء والاستعداد الصادق للعطاء والفداء والاستشهاد.. وتحيا مصر.