شهادة من صندوق النقد
فى تقرير «آفاق الاقتصاد العالمى» الصادر، أمس الأول الثلاثاء، رجّح صندوق النقد الدولى أن تواجه الاقتصادات الثلاثة الأكبر، الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبى، انكماشًا وتعثرًا، وقال إن هناك خطرًا متزايدًا من انزلاق الاقتصاد العالمى إلى حالة ركود عام، محذرًا من أن هذا السيناريو المتشائم سيكون مؤلمًا جدًا لكثير من الدول. لكنه توقع أن يواصل الاقتصاد المصرى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وأن تتحسن مؤشراته لأعوام مقبلة، وأكد أنه اكتسب قدرًا من الصلابة يمكنه من التعامل الإيجابى المرن مع الأزمات الدولية.
الاقتصاد العالمى يواجه «فترة من هشاشة تاريخية»، بحسب كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولى. وخلال مؤتمر صحفى عقده، صباح الثلاثاء، أكد بيير أوليفيه جورينشاس، كبير الاقتصاديين فى الصندوق، أن «الأسوأ لم يأت بعد».
لكن ما طمأننا هو أن «جورجييفا» و«جورينشاس» وتقرير «آفاق الاقتصاد العالمى»، أشادوا بالمرونة، التى تعاملت بها الحكومة المصرية مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وأكدوا أنها تبنت سياسات استباقية، للتكيف مع الصدمات الخارجية.
وطمأننا، أيضًا، أن الصندوق، الذى خفض توقعات نمو معظم الاقتصادات العالمية، توقّع أن يتخطى معدل نمو الاقتصاد المصرى، بنسبة كبيرة، متوسط النمو العالمى، ووضع مصر فى قائمة الدول التى بلغت توقعات نموها ٦٪ فأكثر.
أرقام الصندوق تقول إننا استطعنا خلال العام المالى الماضى، المنتهى فى ٣٠ يونيو ٢٠٢٢، تحقيق معدل نمو ٦.٦٪، وفائض أولى ١.٣٪، وخفض العجز الكلى إلى ٦.١٪ من الناتج المحلى الإجمالى، والوصول بمعدل الدين إلى ٨٧.٢٪.
وتوقع التقرير أن تحقق مصر أعلى معدل نمو بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن تقود «مجموعة الدول المستوردة للنفط» بنمو مدفوع بصادرات الغاز وقطاعى السياحة والاتصالات.
وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن قطاع النفط سجل فوائض بحوالى ٥ مليارات دولار، وأن صادراتنا من الغاز بلغت شهريًا ٦٠٠ مليون دولار، ونستهدف زيادتها إلى مليار دولار فى يناير المقبل.
مع تحذيره من وصول الدين، فى الاقتصادات الناشئة والنامية، إلى مستويات حرجة، وبينما تستهدف الحكومة المصرية خفض نسبة الدين إلى ٧٥٪ من الناتج الإجمالى المحلى، بحلول سنة ٢٠٢٦/٢٠٢٧، توقع صندوق النقد انخفاضه إلى ٧٩.٩٪، فى السنة نفسها، أى بفارق ٤.٩٪ عما نستهدفه.
كما توقّع الصندوق انخفاض عجز الحساب الجارى إلى ٣.٤٪ فى ٢٠٢٢/٢٠٢٣، ثم إلى ١.٦٪ سنة ٢٠٢٦/٢٠٢٧، وكذا انخفاض العجز الكلى، إلى ٧.٣٪ فى ٢٠٢٢/٢٠٢٣، وصولًا إلى ٦.٢٪ سنة ٢٠٢٦/٢٠٢٧. وفوق ذلك، توقع أن تنخفض معدلات البطالة، لتسجل ٧.٣٪ فى ٢٠٢٣ و٢٠٢٤، و٦.٧٪ بنهاية السنوات الأربع. كما وصف الصندوق خطوات توسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا، بأنها «جديرة بالترحيب».
الثابت، هو أن الإجراءات الاقتصادية، التى اتخذتها مصر خلال الثمانى سنوات الماضية، أسهمت فى تعزيز قوة الاقتصاد المصرى، ومكنته من امتصاص الصدمات والتغلب على تداعياتها السلبية. والثابت، أيضًا، هو أننا مستمرون فى إجراء الإصلاحات الهيكلية، وتوطين الصناعة، بالتكامل مع القطاع الخاص، المحلى والأجنبى، الذى قامت الدولة بدعمه، أو تمكينه، وأطلقت «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، التى من المتوقع، أو المنتظر، أن تجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة ١٠ مليارات دولار سنويًا، خلال السنوات الأربع المقبلة. ويمكنك أن تضيف مشروع «حياة كريمة» لتطوير وتنمية الريف المصرى، ذلك المشروع العملاق، الذى يحقق كل المعادلات الخاصة بعملية التنمية الشاملة المتكاملة، ويخدم أكثر من ٦٠ مليون مواطن مصرى ويعمل على تحقيق مستوى حياة لائقة ويخلق الكثير من فرص العمل.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الحكومة المصرية، برغم كل ما سبق، تتفاوض مع صندوق النقد الدولى، منذ مارس الماضى، ولا يزال، بشأن برنامج جديد، يهدف إلى مساندة خطة الإصلاح الاقتصادى الوطنى الشامل. فى حين أن التحديات بالغة الخطورة المترتبة على تشابك الآثار السلبية لوباء «كورونا المستجد» والتبعات غير المسبوقة الناتجة عن الأزمة الأوكرانية، تفرض على الصندوق، وكافة شركاء التنمية الدوليين، التعاون بدرجة أكبر، وأكثر سرعة، للتغلب على المخاطر الاقتصادية، الراهنة والمحتملة.