رسائل لن تصل إلى عمر خورشيد (8)
عزيزي عمر خورشيد
نحتفل هذه الأيام بذكرى أجمل أيام حياتنا ذكرى السادس من أكتوبر.
يوم انتظره من العام للآخر وسأظل انتظره ما حييت.
وأظنك كذلك وكل من يحبك مثلي.
منذ بدأ شهر أكتوبر ومع قرب يوم النصر يتذكرنا الجميع أنا وأنت ولحنك الملحمي الذي أعشقه، يشيرون إلى كل ما يخصك أو يخص رصاصتك ولحنها المعبر عن فرحتنا بعد الانكسار والهزيمة..
أجمل ما في هذا اليوم بخلاف اللقطات الأرشيفية التي تبث لحظات العبور على مقاطع محببة من الأغاني الوطنية هو ترقب فيلمك الخالد "الرصاصة لا تزال في جيبي"، أو لحنك الملحمي في أبرز مشاهد فيلم "العمر لحظة" وجملة البطلة في آخر الفيلم "علشان مصر تعيش أغلى الناس بتموت".
أما رائعة الرصاصة فهو حالة كاملة متكاملة أبدع مؤلفها في تجسيد أحاسيس الانكسار والخزي وعار العزيمة..
رابطاً بين الوطن وبين الحبيبة، فالخط الدرامي يسير بالتوازي،
فالعدو يغتصب سيناء، وهي جزء عزيز وغال من مصرنا الحبيبة.
والفاسد يغتصب الحبيبة...
يلوثها بالوحل.
ويحارب البطل على الجبهة ويحارب الجهل، وهو ما زال محتفظا برصاصة في جيبه.
حتى تأتي اللحظة الحاسمة وتصدر الأوامر بالعبور.
تبدأ معركة العزة والكرامة ويعبر الجنود ونعبر معهم كل شيء الهزيمة والحزن والإحباط للنصر والحلم والحياة للغد الذي يحمل أياما كلها إشراق وطموح ونجاح..
أكثر ما يميز هذا الفيلم هو مساحة المعارك التي أتاحت لنا الاطلاع على أدق تفاصيل العبور حتى ولو كانت مشاهد تمثيلية أو مشاهد مختزلة من ملحمة الحرب الحقيقية ومعاركها التي دارت بإعجاز كامل أفقد العدو توازنه.
أمتن كثيرًا لقنواتنا التي تحرص على إذاعة هذه القصص البطولية مدعمة بترجمة مكتوبة لتكون مادة أرشيفية تعيش للأبد.
ما يعيبها فقط هو عدم التنويه لإذاعة الأفلام الحربية بوقت كاف أو بثها بالتناوب بين القنوات المختلفة كما يحدث مع خريطة رمضان الدرامية.. فالحدث جلل ويستحق أن يحتفى به بشكل أكثر تنظيمًا وأكثر احترافية.
خاصة ونحن لم نعاصر هذه الفترة.، ونترقب هذه الأفلام بشغف تام..
من منا لم ير نفسه مكان البطل يحارب على الجبهة ويكتب بدمه "الله اكبر" على علم مصر بعد رفعه على الضفة الأخرى من القناة؟!
من منا لم يتخيل نفسه ضابطا أو جنديا يعبر زاحفا تحت نيران العدو؟!
من منا لم يرقص قلبه طربا مع لحنك المميز أثناء لحظات النصر والعبور العظيم... لذا أتمنى أن يتم تدارك هذا الأمر لأهميته لنا وللأجيال الجديدة ولكل الأجيال.
عزيزي عمر خورشيد
رصاصتك الرائعة شكلا وموضوعا مليئة بالرسائل الضمنية التي نحن في أمس الحاجة إليها في ظل فوضى المعلومات التي تتلاعب بالعقول وتزيف الحقائق..
استوقفني حوار بين بطل فيلمك وقائد وحدته.. عندما أخبره عن سر الرصاصة التي لا تزال في جيبه.. وكم كان يود أن يعود ومعه مائة رصاصة أو يزيد...!
ليجيبه:
من الطبيعي بعد كل هزيمة أن تظهر نفايات وتطفو على السطح تميت أجمل ما فينا..
صدأ يظهر على المعدن لبعض الوقت.. إذا قضينا على من تسبب بالهزيمة تختفي هذه النفايات ويزول هذا الصدأ لأن مصر أصيلة.
"الرصاصة مش مكانها غير صدر الطيار الإسرائيلي".
يواصل القائد حديثه في مشهد آخر"القيادة تسمي العمليات الحربية استنزافا لكن أنا أسميها حرب دفع الثمن".
"دي مش حرب عادية، دي حرب رد الاعتبار ودفع الثمن".
لابد أن نعي أن العدو الوحيد الذي يواجهنا هو عدو واحد مكانه معلوم وهدفه محدد.. وهو المتسبب في دفن أولادنا في سيناء وغيرها من أراضينا المحتلة استراتيجيا وفكريا.
العدو الذي يواجهنا في عصرنا هذا لا يحمل سلاحا ولا يرتدي زيا عسكريا، العدو الأكبر الذي نحن بمواجهته أشد فتكا إنه "الجهل"..
تسليط الضوء على النماذج التافهة ومتابعة زمن التريند وقتل الطموح والتقليل من شأن المجتهد...!
معركتنا الآن هي معركة وعي ...
حرب نفسية تسخف من البطولات وتقلل من حجم أي انجاز حقيقي؛
لذا نحن نواجه تحديا كبيرا، نتحدى أنفسنا قبل الآخرين.
لابد أن نتغير كما تغير بطل فيلمك.. كان فيلسوفا فتعلم كيف يحمل السلاح ولم يكتف بذلك، بل تعلم كيف ومتى يستخدمه...!!
لابد أن ندرك حقيقة أنه يقع على عاتقنا حماية المخدوع من الخادع ..لا نحمل المخدوع مسئولية أكبر منه... نحن بحاجة لتصحيح مسار فكري بطريقة عملية تصل للقلوب ببساطة.. نحن بحاجة لكل صاحب قلم شريف وكل صاحب قلب لا تملكه إلا مصر، نحن بحاجة لعقل يفكر بإخلاص ينحي مطالبه ومطامعه الشخصية جانبا من أجل أن نعبر بمصرنا الجديدة للمستقبل، أن نترك للأجيال الجديدة مجدًا يفتخرون به كالحضارة الفرعونية ونصر أكتوبر المجيد..
عزيزي عمر خورشيد
دعني أعترف لك بسر أود مشاركته معك هو أنني أدين لك بالفضل عن كل لحظة مرت علي وكان لحنك شريكا لي فيها، يزينه، لم أكن أعلم أن له مثل هذا التأثير الساحر في إلا بعد أن استمعت إليه بقلبي وروحي وليس أذني فقط.
لا أخفي عليك أنك رفيقي ودليلي في هذه الحياة.
أنت من أرشدتني إلى من يحبك مثلي وجمعتنا وما زالت تجمعني بمن يحبك ويحب رصاصتك التي انطلقت واستقرت في قلوبنا جميعا..
عزيزي عمر خورشيد
تأكد أن الرصاصة لا تزال في جيوبنا جميعا نحتفظ بها ويوما ما ستصوب لصدر كل من تسول له نفسه ويتصور أن يمس حفنة من تراب هذه الأرض.. تماما كنهاية فيلمك الملحمي عندما سألته البطلة عن الرصاصة ألا تزال معه؟!
أجابها أنها ستظل في جيبه كي يحميها... كي يطمئن عليها.. كذلك نحن لا نقل حرصا وحبا وخوفا على مستقبل هذا الوطن منه..
قد نختلف كثيرا لكن نتفق ونتحد إذا نادانا هذا الوطن وهذا ما يذهل العالم وسيظل لأننا في رباط ليوم الدين..
عزيزي عمر خورشيد
كن بخير لنكون كذلك..