هل تعرف إفرايم كاتسير؟!
لم نجد لهذا الرجل غير صورة وحيدة التقطها موشيه ميلنر، فى ١٩ نوفمبر ١٩٧٧، يقف فيها متجهمًا إلى يسار الرئيس الراحل أنور السادات، فى مطار بن جوريون، بينما كان مناحم بيجين، رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها، يقف على اليمين. كما لم نجد له غير تصريح واحد: «إذا كنا نأمل فى بناء عالم أفضل، يجب أن نسترشد بالقيم الإنسانية العالمية، التى تؤكد قدسية الحياة والحرية والسلام بين الأمم».
المولود فى ١٦ مايو ١٩١٦ بالعاصمة الأوكرانية كييف، هاجر مع عائلته إلى الأرض المحتلة، درس الفيزياء الحيوية فى الجامعة العبرية بالقدس وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وعمل فى الجامعة التى أسسها حاييم وايزمان، الرئيس الإسرائيلى الأول، وشارك فى إنشاء الإدارة العلمية بجيش الاحتلال واختير سنة ١٩٦٦ كبيرًا لعلماء ذلك الجيش. وفى بحث نشره سنة ٢٠٠١، عن أسلحة الدمار الشامل، أشار أفنير كوهين، الأستاذ فى جامعة ميريلاند، إلى أن كاتسير كان من بين الذين ضغطوا على ديفيد بن جوريون، رئيس الوزراء الإسرائيلى الأول، لإنشاء برنامج أسلحة كيماوية وبيولوجية. وظل اسمه إفرايم كتشيلسكى، Efraim Kaczalski، حتى قام، بعد انتخابه رئيسًا فى ٢٤ مايو ١٩٧٣، بتغيير اسم العائلة!.
تولى كتشيلسكى، الذى صار كاتسير، المنصب، إذن، قبل حرب أكتوبر المجيدة، بأربعة أشهر و٢٠ يومًا. كما تصادف، أن يغادره قبل ٤ أشهر و٢٩ يومًا من توقيع السادات وبيجين، فى ١٧ سبتمبر ١٩٧٨، على اتفاقات كامب ديفيد. ومنذ ترك الرئاسة، فى ١٩ أبريل ١٩٧٨، لم يرد اسمه فى وسيلة إعلام إسرائيلية أو دولية أو عربية، حتى تم نشر خبر رحيله فى ٣٠ مايو ٢٠٠٩، ونعى الحكومة الإسرائيلية له، باستثناء حصوله على الدكتوراه الفخرية من جامعة ميامى الأمريكية، سنة ١٩٨٣، وحصوله سنة ١٩٨٥ على جائزة من اليابان!.
نظام الحكم فى إسرائيل برلمانى، ورئيس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية وأقوى شخصية سياسية فى الكيان. لكن هناك صلاحيات متروكة للرئيس أبرزها التوقيع على القوانين والمعاهدة الدولية أو الثنائية، تعيين القضاة وأعضاء المجالس المتنوعة، اعتماد الممثلين الدبلوماسيين للدولة وقبول أوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين من دول أجنبية، إقامة مراسم رسمية واستقبال الرؤساء والملوك، وتكليف أحد النواب المنتخبين بتشكيل الحكومة، و... و... وهو المسئول الوحيد الذى يتمتع بسلطة العفو عن السجناء أو تخفيف عقوباتهم.
المنصب لا يتيح لشاغله التدخل فى القرار السياسى، ومع ذلك كان معظم شاغليه يدلون بآراء مخالفة لتوجهات الحكومة أحيانًا. وأحيانًا تدور نقاشات واسعة حول جدوى هذا المنصب، وتظهر مطالبات بإلغائه. ومن الطرائف أو العجائب أن شمعون بيريز، الذى شغل المنصب بين عامى ٢٠٠٧ و٢٠١٤، قام بالتفاوض مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس، وتوصل معه إلى اتفاق، كان من المقرر أن يتم توقيعه فى عمّان. لكن، وبينما كان بيريز فى طريقه إلى العاصمة الأردنية، طلب منه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء وقتها، أن يعود، فعاد!.
من العجائب أو الطرائف، أيضًا، ألبرت آينشتاين، عالم الفيزياء الشهير، وصاحب نظرية النسبية، كان المرشح الأول لرئاسة ذلك الكيان، لكنه رفض المنصب بسبب خلاف مع «أصدقائه» فى قيادة الحركة الصهيونية حول صيغة التعامل مع عرب فلسطين. وهو الخلاف الذى شرحه فى رسالة وجهها، سنة ١٩٢٩، إلى صديقه حاييم وايزمان، أو فايتسمان: «إذا لم ننجح نحن اليهود فى إيجاد طريق لتعاون شريف وحوار صادق مع العرب، فإننا لا نكون قد تعلمنا شيئًا من معاناة ألفى سنة مضت وسنستحق ما سيحدث لنا تبعًا لذلك». وبسبب رفض أينشتاين، وقع الاختيار على وايزمان، ليكون الرئيس الأول.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الإسرائيلى الحالى، إسحق هرتسوج، الذى يجلس على المقعد منذ ٢ يونيو ٢٠٢١، هو ابن حايم هرتسوج، الذى شغل المنصب بين ١٩٨٣ و١٩٩٣، والذى تلاه عيزرا وايزمان، ابن شقيق حاييم وايزمان، الذى تورط فى قضايا فساد، وعقد صفقة استقال بموجبها من المنصب، فى ١٣ يونيو ٢٠٠٠، قبل ثلاث سنوات تقريبًا من نهاية ولايته الثانية، مقابل عدم محاكمته.