أكتوبر.. إرادة وطن
تحت هذا العنوان، أقامت قواتنا المسلحة، صباح أمس الثلاثاء، ندوتها التثقيفية السادسة والثلاثين، بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة، التى أجبرت التاريخ على أن يسجّل لهذه الأمة «أن نكستها لم تكن سقوطًا، وإنما كانت كبوة عارضة»، وأتاحت لنا أن نجلس، أمس واليوم وغدًا، لنقص ونروى «كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء».
رجال الكتيبة «١٣٩ صاعقة»، كانوا بين هؤلاء الأبطال. وباسمنا جميعًا، وباسم كل المصريين، أدى الرئيس عبدالفتاح السيسى التحية العسكرية لهم، معربًا عن عظيم شكره، وشكرنا، واعتذاره، واعتذارنا، لعدم الاهتمام بهم من قبل. وكما أسعدنا تكريم هؤلاء الأبطال، والاعتذار لهم، ورؤية «الرجال أو من تبقى من الرجال الذين قدموا لبلدنا الكرامة والعزة والنصر والشرف دون مقابل»، أسعدنا أيضًا أن تعلن إدارة الشئون المعنوية لقواتنا المسلحة، عن مشروعها لتوثيق البطولات والإنجازات، فى أفلام تسجيلية، ورسوم متحركة للأطفال، بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وعدد من الوزارات المعنية.
النصر، كان فعلًا، وليس قولًا، إرادة الوطن. وبالإرادة نفسها، التى عبرت الكبوة العارضة إلى النصر المجيد، اجتاز المصريون أزمات عديدة، طوال السنوات الثمانى الماضية، ويواجهون، الآن، بثبات، أزمات أخرى، متزامنة ومتداخلة. وصباح أمس الأول الإثنين، ترأس الرئيس السيسى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لا ليقدم التهنئة للشعب المصرى وجيشه، بمناسبة النصر المجيد، فقط، بل ليناقش، أيضًا، مع المجلس مهام قواتنا المسلحة، وجهودها، فى حماية ركائز الأمن القومى المصرى على كل الاتجاهات الاستراتيجية. وبالتزامن، كان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، يعقد اجتماعًا لمتابعة جهود مختلف أجهزة الدولة فى التعامل مع تداعيات الأزمة الأوكرانية، بحضور وزراء البترول والثروة المعدنية، التموين والتجارة الداخلية، الزراعة واستصلاح الأراضى، و... و... ومدير مركز الأزمات بقواتنا المسلحة.
الأمة، التى «لم تفقد إيمانها أبدًا بطلوع الفجر»، وعبرت الجسر الفاصل بين اليأس والرجاء، منذ ٤٩ سنة، تجتاز الآن، بالإرادة نفسها، ليلًا طويلًا وثقيلًا آخر. إذ كانت قد انتهت أواخر ٢٠١٩، من تطبيق المرحلة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الشامل، الذى مكّن الاقتصاد المصرى من الصمود أمام وباء «كورونا المستجد»، وعزّز من قدرته على تحقيق معدلات نمو موجبة خلال سنة ٢٠٢٠. وفى أبريل ٢٠٢١، تم إطلاق المرحلة الثانية أو «البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية». ومع اندلاع الأزمة الأوكرانية، فى فبراير الماضى، وتفاقم تداعياتها العالمية والمحلية، كلّف الرئيس السيسى، فى أبريل ٢٠٢٢، بصياغة حزمة متكاملة من المقترحات للتعامل بشكل عاجل مع تبعات أو تأثيرات تلك الأزمة.
استجابة لهذا التكليف، قام رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر صحفى عالمى، عقده فى مايو الماضى، بالإعلان عن «الخطة العاجلة لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية»، التى تضمنت ٥ محاور رئيسية: «تمكين القطاع الخاص، دعم وتوطين الصناعات مع زيادة الصادرات، تبنى خطة واضحة لخفض الدين العام وترشيد استخدامات النقد الأجنبى، تنشيط البورصة المصرية، وتوسيع قاعدة المستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية». وقبل أن يتوجه إلى مركز المنارة للمؤتمرات، لحضوره الندوة التثقيفية، استعرض الدكتور مصطفى مدبولى، صباح أمس، تقريرًا أعده مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، بشأن متابعة الموقف التنفيذى لتلك الخطة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى قام، صباح الإثنين، يرافقه الفريق أول محمد زكى، القائد العام لقواتنا المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، والفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكارى لشهداء قواتنا المسلحة، وعزفت الموسيقات العسكرية سلام الشهيد فى تقليد عسكرى عريق، وفاءً لشهداء مصر الأبرار. ثم قام الرئيس بوضع إكليل من الزهور على قبر الرئيس الراحل محمد أنور السادات وقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة، قبل أن يتوجه إلى كوبرى القبة، ليضع إكليلًا آخر على قبر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ويقرأ الفاتحة، أيضًا، على روحه الطاهرة.