كيف تطرف المسلمون لأول مرة فى تاريخهم؟!
1- التساؤلات الأولية المنطقية!
هل الإسلام ديانة عنيفة تدعو لسفك الدماء؟! كيف جنح المسلمون إلى العنف (الدينى) لأول مرة فى تاريخهم؟! والأهم لماذا استمرت ظاهرة الجنوح للعنف فى التاريخ الإسلامى لفترات تاريخية طويلة؟!
لا يستطيع أى مسلم يفكر بمنطقية أن يتجنب قفز هذه الأسئلة إلى ذهنه حين يغرق فى قراءة تاريخ المسلمين منذ وفاة النبى محمد (ص).. وأول ما يلجأ إليه المسلم للعثور على إجابات يقينية هو القرآن الكريم، المصدر الأوحد لمضمون الرسالة السماوية وما ثبت تواتره من أقوالٍ نسبت للنبى الكريم (ص)، والتى لا يتجاوز عدد نصوصها ثلاثمائة حديث أوردها علماء الحديث فى أكثر من كتاب!
عند قراءة القرآن الكريم تجد إجابة السؤال الأول قاطعة.. فالإسلام ديانة تدعو لحرية العقيدة والتسامح والرحمة.. وإن قرأنا القرآن الكريم بتدبر قراءة مصحوبة بما كُتب عن أسباب النزول– أو حتى دون ذلك– سنجد حقيقة أخرى قاطعة، ملخصها أن ما يعرف بآيات القتال هى آيات نزلت فى وقت الحرب أى فى حالة عارضة فى حياة الأمم، وأن مثلًا كلمة (وإذا لقيتم الذين كفروا) معناها اللقاء فى ميدان الحرب وليس اللقاء العابر فى الشارع!
ثم يؤكد القرآن الكريم على صفة الرحمة للنبى (ص) فى أكثرٍ من موضع، والمتواتر من سنة النبى (ص) يؤكد تلك الصفة بشكلٍ عملى قاطع.
إن كان هذا هو ما نجده فى المتون الدينية اليقينية، فكيف تغير المسلمون لأول مرة فى تاريخهم وخالفوا هذا المضمون؟ ثم لماذا استمرت الأجيال المتعاقبة تسقط فى نفس الخطأ بصورٍ مختلفة حتى الآن؟!
فى التاريخ تكمن الأسرار وتسطع الإجابات، حتى وإن تحاشى سطوعها البعض!
2- كلمة السر الأولى أكبر عملية خلط فى تاريخ المسلمين!
كلمة السر الأولى والكبرى- فى نشأة هذا التناقض الكبير بين ديانة الإسلام النظرية التى تعبر عنها النصوص اليقينية وسيرة صاحب الرسالة محمد (ص)، وبين سلوك المسلمين بعد سنوات قليلة من وفاة النبى وحتى الآن- هى شخصية من بُعث النبى بينهم!
ما حدث هو أن شخصية العرب قد طغت على ديانة الإسلام سلوكيًا، ثم حدثت وقائع ما سمى بحروب الفتوحات التى استولى فيها العرب المسلمون على بلاد كثيرة وحكموها بقوة السلاح، فأخذ أهل تلك البلاد سلوك شخصية الحكام وكأنها هى تعالم الديانة!
إنها أكبر وأخطر عملية مزج فى تاريخ المسلمين وبدأت مع السنوات الأولى للإسلام، وهى المزج بين شخصية القبائل العربية وعاداتها وسلوك أفرادها وبين تعاليم الإسلام!
وقد سبقت هذه العملية فى البلاد المستولى عليها، عملية أخرى تمت فى شبه الجزيرة العربية وقبل وفاة النبى(ص)، فعلى سبيل المثال حين نزلت آيات ما يعرف بأزياء المسلمات، اختلفت القبائل فى فهمها، ونفذتها كل قبيلة حسب فهمها وحسب مدلولات ألفاظها لدى القبيلة، أى أن العرب أنفسهم لم يكونوا متفقين تمامًا على فهم محدد للإسلام، وهذا سر إرسال الخلفاء بعض الذين عرف عنهم العلم مع الجيوش الغازية لتعليم أهل البلاد الإسلام!
لكن لم يكن هؤلاء- من حيث العدد أو التوسع الجغرافى الذى شهد سرعة متناهية لتمدد الدولة– قادرين على إتمام هذه المهمة الثقيلة، فكان أن أخذت تلك الشعوب ما رأته من ممارسات أفراد كل الجيوش الغازية على أنه مما أتت به هذه الديانة الجديدة!
فعلى سبيل المثال وفى تفاصيل فتح مصر استولى عمرو بن العاص على حصن بابليون فى حوالى أبريل عام 641م ثم شرع فى الاستيلاء على باقى البلاد، وبعدها بأيام قليلة تتحدث المصادر عن بعض من أسلموا من المصريين وانضموا للمسلمين، وأنهم كانوا أشد من العرب المسلمين على المصريين الذين قاتلوا العرب! وقد كان ذلك قبل أن يتعلموا أى شىء من الإسلام!
كان سلوك هؤلاء لا علاقة له بديانة لم يتعلموا منها شيئًا بعد، وإنما كان لإرضاء الحكام الجدد!
فى الفترة من تمام اكتمال العمليات العسكرية فى مصر واستتباب حكمها للعرب وحتى انتظام الحياة وبناء المساجد التى عملت على تعليم المسلمين المصريين أحكام الإسلام، لم يكن هناك من مصدر ينهل منه مَن أسلم من المصريين سلوكًا أو عادات أو أحكام أو مفاهيم إلا الجنود العرب المكونين لقوام جيش عمرو، والذين كان فى غالبيتهم من عرب الجنوب (قبيلة عك اليمنية) المعروف عنها العنف والغلظة!
حتى مع بناء مسجد عمرو وتحوله لمنبر تعليمى دينى، لم يكن كافيًا أبدًا لتعليم جموع المصريين الإسلام، ولم يصبح هذا ممكنًا قبل مرور عشرات السنوات التى كان المصريون قد تشبعوا خلالها بالسلوك العربى البدوى، معتقدين بذلك أنهم ينفذون تعاليم الإسلام!
وبعض من تم إرسالهم من شبه الجزيرة إلى مصر لتعليم المصريين الإسلام استهوتهم أشياء أخرى، فتركوا ما أرسلوا من أجله ومثال ذلك أبوعبد الرحمن العُمرى الذى جاء لمصر لتعليم أهلها الحديث، فلما عرف عن استيلاء بعض القبائل على مناطق الذهب جنوب شرق مصر جمع مزيجًا من القبائل العربية واشترى عبيدًا وسيطر على مناجم الذهب وصار زعيمًا لجميع القبائل هناك!
لذلك يمكننا القول إنه فى القرنين الأول والثانى بعد ظهور الإسلام، كان النقل عن سلوك العرب وعاداتهم هو المصدر الرئيسى للشعوب التى استولى العرب على بلادها، والذى نقلوا عنه ما غرس فى تلك الشعوب لقرون آتية!
ومن مراجعة صفحات التاريخ– خاصة بعد انتهاء فترة عمرو بن العاص- نجد بشكلٍ واضح أن هذا المصدر فى ممارساته كان بعيدًا كل البعد عن تعاليم الإسلام!
3- كلمة السر الثانية شرعنة وتديين ما ليس دينًا!
كلمة السر الثانية هى ما تم تدشينه من أمهات الكتب بمختلف تفرعاتها، من حديث وفقه وسيرة فى القرن الثالث الهجرى. قام بوضع المؤلفات علماء عرب وآخرون من مناطق تم غزوها عسكريًا أو أسلم بعض أهلها عن طريق التبادل التجارى مع قبائل العرب.
قدم واضعو هذه الكتب شرعنة لما كان متعارفًا عليه من عادات العرب، فمثلًا حرموا الآلات الموسيقية التى لم يعرفها العرب وقت النبوة بينما أباحوا ما كان معروفًا.
بعضهم الآخر حرّم الموسيقى بناء على عادة عربية جاهلية كانت الموسيقى فيها دائمًا مرتبطة بممارسات أخرى من شرب الخمور والزنا، ولم يستطيعوا فصل الموسيقى كممارسة منفردة.
فى السياسة قدموا شرعنة دينية لما آل إليه الصراع السياسى بين المسلمين الأوائل مثل مبايعة الإيمان المتغلب بحد السيف، ومثل أسطورة أن يكون الخليفة قرشيًا وغيرها من عشرات المسائل.
وفيما سمى فقه المرأة نجد العجب العجاب فى التعامل مع المرأة بنظرة بدوية صرفة، لدرجة أن أحدهم قال بعدم إلزام الرجل بالإنفاق على زوجته فى مرضها أو موتها لتوقف بند المتعة مقابل الإنفاق!
فى القرن الثالث تحديدًا كانت هناك فرصة كبرى لأن تتحرر ديانة الإسلام مما علق بها فى القرنين السابقين، وذلك بعد أن اتسعت الدولة وتشعبت الثقافات، لكن ذلك لم يحدث لسبب واحد. ذلك السبب هو سيطرة العرب على مقعد الخلافة، وسيطرة فقهاء العرب على الخليفة!
كان التعذيب أو القتل هو جزاء من يعارض هؤلاء الفقهاء من العلماء الآخرين أو الفلاسفة أو حتى العوام. بدأت فكرة الإرهاب الفكرى تغزو الفكر والتاريخ الإسلامى منذ ذلك التاريخ!
4- المرحلة الثالثة.. إعادة بعث الفكر وصبغه بمزيد من التشدد!
كلمة السر الثالثة فى الترتيب الزمنى أتت متأخرة بعض الشىء وارتبطت بأحداث سياسية كبرى. غزو التتار أعاد بعث الفكر الإسلامى المتشدد من جديد وأضاف له أبعادًا وقضايا ومسائل أخرى.
طبيعة الحدث أدت لخلق فكرٍ عنيف أقرب لفكر المقاومة المسلحة للاحتلال. وكان يمكن لهذا الفكر أن يوضع فى موضعه كفكر سياسى ارتبط بأحداث عارضة لولا شطط بعض العلماء آنذاك، ومحاولتهم فرض تطرفهم الجديد على مسائل قديمة بأثر رجعى!
فبعد أكثر من ستة قرون من دعوة الإسلام وممارسة المسلمين بعض العادات كزيارة قبر النبى (ص) منفردة دون الحج أو العمرة، وبعد أن كان المسلمون يتشفعون بالنبى (ص) بصيغ معينة دون أن يتهم بعضهم بعضًا بالكفر، حاول بعض فقهاء القرن السابع الهجرى أن يغيروا تلك العادات وأفردوا المؤلفات لتكفير من يقوم بها وبغيرها من السلوك المجتمعى الشعبى!
5- المسلمون المعاصرون يجددون بعث أفكار القرن السابع!
الخطوة التالية أتت بعد قرون أخرى، حين تمت إعادة بعث فقه القرن السابع لإيجاد شرعية دينية تقوم عليها إحدى كبرى الدولة المسلمة المعاصرة!
وكان نجاح هذه الخطوة هو مصدر توهج الفكر المتطرف مرة أخرى والتقاطه من جانب بعض المهاويس فى منطقة الشرق الأوسط ومن ذلك مصر!
تمت إعادة تدوير فكر وفتاوى القرن السابع الهجرى ومحاولة إسقاطها على مسائل حديثة ومعاصرة مستجدة مع إعادة تكوين الدول الوطنية على أسس معاصرة!
مرة أخرى يهدر المسلمون فرصة تاريخية لتحرير وتطهير وتجديد الفكر الإسلامى مع دخول الدول المسلمة فى العصور الحديثة.
فبدلًا من تنشيط العقول وإطلاق العنان لها لتقديم فكر جديد يتناسب مع مستجدات العصر، نجد أن اتجاهًا آخر مضادًا قرر الالتفات للوراء وإعادة بعث الفتاوى القديمة، بل ومحاولة بعض المسلمين فرضها وتطبيقها بالقوة المسلحة فى دولهم!
6- أمثلة على مخالفة الفكر الإسلامى لمتون الديانة الإسلامية!
الملاحظ فى تلك الرحلة الممتدة أننا نتتبع مساءل وقضايا وممارسات لا علاقة لها بالمتون النظرية للديانة ذاتها، وكأن هناك ديانة موازية تم تدشينها بالتوازى مع وفاة النبى (ص)، ديانة تقوم على عادات العرب ومعتقداتهم وسلوكهم، وتتداخل فى صراعاتهم القبلية السابقة للإسلام!
ديانة نصوصها المقدسة هى أقوال الفقهاء والعلماء، والذين كانت تواريخ ميلاد بعضهم تتلو وفاة صاحب الرسالة بقرون!
يمكننا أن نضرب بعض الأمثلة على ذلك. فلو أننا مثلا سألنا عبر محرك جوجل سؤالًا دينيًا (ما هو حكم بناء دور عبادة مسيحية فى أرض الإسلام؟). الإجابة صادمة، تبدأ وترتكن إلى نصوص مقدسة من تلك الديانة الموازية! يقول ابن فلان! يقول شيخ الإسلام! يرى فلان! وتنتهى معظمها إلى نتيجة تجسد ذلك التطرف الذى لا علاقة له بديانة الإسلام! بل إن أحدًا من تولوا منصبًا دينيًا رفيعًا فى مصر منذ ما يقرب من قرنين له مؤلف يرى بضرورة هدم تلك الدور فى مصر!
بل إن بابًا فقهيًا كاملًا دشنته تلك الديانة الموازية اسمه فقه الصغار! لإشباع إحدى أهم السمات القبلية وهى الشعور بالتعالى والفخر القبلى! وتخفوا وراء كلمة واردة فى آية قرآنية كريمة فى موقفٍ حربى وفسروها بما يتماشى مع أهوائهم!
فعلقوا أجراسًا فى رقاب أهل الذمة، وختموا رقاب بعضهم، وألبسوهم ألوانًا مختلفة وغيرها من الممارسات التى وضعوها تحت راية كلمة (الصغار)! رغم أن الكلمة فى القرآن الكريم، ولأى دارس لأبسط قواعد اللغة العربية لا تعنى أى ممارسة أخرى مصاحبة لدفع الجزية. وأن دفع الجزية فى ذاته هو الصغار!
شيوع فكرة أن المسلمين يعادون غالبية الفنون إنما كان مصدره تلك الديانة الموازية التى استقت أحكامها ومبادئها من إرث العرب قبل الإسلام وعودته للحياة بعد وفاة النبى (ص).
فآلات الموسيقى غير المعروفة لديهم وقت الرسالة تم تحريمها! والموسيقى ذاتها تم تحريمها لدى البعض الآخر! والنحت يثير لديهم فكرة التعبد للأصنام فحرموه!
بل حتى العلوم ذاتها صادفت مواجهات عتية من جانب رجال الدين دون أن ينتبهوا للحقائق التاريخية. فحين ظهر الإسلام لم يكن العرب لديهم معرفة بكثير من العلوم، بينما كانت شعوبٌ أخرى على علم تام بعلومٍ كثيرة.
حين غزا العرب تلك الدول لم يهتموا بتلك العلوم، بل عادوا بعضها واستبدلوها بعلوم اللغة والكلام التى لا تقيم حضارة أو تبنى أمم!
وحين بدأت علوم أخرى فى الظهور اتخذ العلماء منها موقفًا معاديًا متماشيًا مع نفس الفكر القبلى الذى أهمل العلوم القديمة!
7- كيف نواجه إرث القرون لنبنى أمة عصرية!
كيف نواجه التطرف الدينى فى بلادنا؟ إجابة هذا السؤال ليست بتلك البساطة التى يحسبها بعضنا. لأن كثيرًا منا يحملون فى عقولهم قطعة من هذا التطرف الدينى فى مسألة ما أو مسائل كثيرة!
كما أن رجال الدين لن يغيروا رؤاهم العتيقة بسهولة، وسوف يحاولون بكل الطرق أن يلتفوا على الهدف الرئيسى لأى دعوة للتغيير أو المواجهة تقودها الدولة أو أى قوى مستنيرة.
الطريق طويل جدًا ويصعب حصره فى وسيلة واحدة، لكنه لا بد أن يشتمل على اتجاهين رئيسيين، الأول اتجاه الهدم. والاتجاه الثانى الموازى هو اتجاه البناء.
الهدم يشمل هدم ما أقامته تلك الديانة الموازية فى عقول المسلمين عبر القرون ببيان فساد تلك الديانة وافتئاتها على ديانة الإسلام الأصلية. هدم الأساس هو أقرب الطرق لتحقيق الأهداف. فإن تهدم الأدوار العليا أولا سوف يستغرق ذلك وقتًا طويلًا وسوف يستنزف طاقة الراغبين فى التغيير، وهو ما تتمناه قوى الجمود، بأن تستنزفنا فى تفاصيل المسائل الفرعية وتستغرقنا فى متاهات أقوال منظريها!
لكن الأفضل والأسرع والأكثر إثارة لتشنج قوى الجمود هو أن نتجه مباشرة للأسس الأولى التى أقيم عليها هذا البناء الباطل فنبين تهافته وبطلانه فى سنوات ميلاده الأولى!
ثم لا بأس بعد ذلك من أننا نقوم بعمليات تنظيف نهائية بأن نفتح جميع موروثات تلك الديانة ونستطلع رؤاها فى كل مسألة على حدة. ثم نبين فساد الاستدلال وفساد التقديس ونبين بشرية المصدر المنظر للمسألة!
فمثلًا ما تم الافتراء به على النبى (ص) من روايات تحض على العنف وسفك الدماء مثل القول (لقد أتيتكم بالذبح) التى بمقتضاها قام مجرمون فى العقود الأخيرة بممارسة القتل بدم بارد.. بدلًا من الاستغراق فى محاولات تفسير بائسة للمتن، الأجدر أن نواجه هذا البناء الذى ينسب القول للنبى (ص) عن طريق روايات شفوية متناقلة تمر عليها عشرات السنوات!
وفى قضية الخلافة التى أريقت بسببها الدماء ومازالت تراق، فبدلًا من أن يخرج أحدهم متلونًا يحاول أن يمرر إلى عقولنا فكرًا فاسدًا عن خلافة عصرية فى شكل اتحاد دول إسلامية، يجب علينا إثبات بطلان الفكرة من أساسها!
أما عن اتجاه البناء، فهو ألا ينبغى القيام بالهدم دون ملء المساحات التى ستفرغ بالهدم ببناء حقيقى تم حجبه عمدًا والتسفيه منه مثل رحمة الإسلام ورحمة الرسول (ص) وحرية العقيدة وتسامح النبى (ص) مع أتباع جميع الديانات الأخرى!
ومثل نفض الغبار عن أحداث ووثائق هامة مثل العهد النبوى فى المدينة، وفى مصر تحديدًا مثل نفض الغبار عن مصر الحقيقية قبل الإسلام وكيف كانت أقرب فى ممارسات أهلها وإرثهم للإسلام من أى شعوب أخرى حتى تلك التى أتت بالإسلام إلى مصر!
الحذر من الخديعة مهم جدًا. وأقصد بالخديعة أن تسغرقنا بعض القمم الدينية– تحت وطأة الضغط الشعبى عليها فى لحظة معينة ومطالبتها بالتغيير– فى إشكاليات التغيير الشكلية دون الاقتراب من المضمون!
وهذا فى الحقيقة ليس قولى أنا، إنما هذا ما أفصحت به قيادة دينية كبرى فى مصر بمجرد تحدث الرئيس عن أهمية تجديد الخطاب الدينى، حيث صرحت تلك القيادة بأن ما سوف تتم الاستجابة له من تجديد هو تجديد الشكل فقط دون المضمون، لأن المضمون – حسب تعبير تلك القيادة- تم تجديده عبر القرون وغير قابل للمساس!
لا ينبغى أن يمل من يحلمون لأوطانهم بمستقبل أفضل، ولا ينبغى لهم أن ييأسوا ويستسلموا لتلك الخديعة. معارك تغيير الشعوب معارك طويلة الأمد ولا يكتب النجاح إلا لطوال النفس والعزيمة!