مسئولية الكلمة
"إن الكلمة مسئولية".. هكذا تحدث السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما التقى مع السادة وزراء الإعلام العرب، حيث أكد أهمية الإعلام ودوره فى مساندة جهود الدول لتحقيق الاستقرار والتنمية.. وأيضاً للإعلام دوره الكبير فى نشر الوعى ومكافحة الفكر المتطرف وخطاب التحريض الذى تتعرض له الشعوب العربية.
لم يعد دور الإعلام مجرد نقل أخبار أو أحداث أو وقائع، بل لقد وصل دور الإعلام إلى صناعة الأحداث نفسها والمشاركة فيها، ومن هنا فإن المسئولية التى يحملها هى مسئولية مضاعفة، فهو يعيش الأحداث السلبية كانت أم الإيجابية ثم يقوم بنقلها للمتلقى الذى يريد أن يعرف ما يدور حوله من أحداث وسياسات تنتهجها دولته، وهنا تكون الكلمة أمانة والقلم سيفًا، فإذا كانت غير صادقة فهى بلا شك سوف تؤدى إلى نتائج قد تؤثر فى استقرار البلاد أو على الأقل التشكيك فى الإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع.
دائماً ما يتحدث السيد الرئيس عن أهمية دور الإعلام فى دعم مسيرة الوطن والتصدى لمحاولات تزييف العقول ونشر الأكاذيب والشائعات المغرضة.
لقد أصبح الإعلام سلاحاً لا يقل فى خطورته عن الأسلحة القتالية، بل أحياناً تصل خطورته إلى أنه يُحدث وقيعة بين الدول، وبعضها تترتب عليه أزمات سياسية واقتصادية لمجرد مقال أو برنامج أو لقاء نقل فيه صورة غير حقيقية لتوجهات دولة ما تجاه دولة أخرى، وربما كان ذلك بقصد أو عن غير قصد، وأظن أن جميعنا يعلم أن هناك قنوات موجهة ضد الدولة المصرية فقط.. وتصب كل اهتمامها وأهدافها على التشكيك وافتعال الأزمات ونشر الأكاذيب.
لقد حبانا الله بالعديد من الإعلاميين الشرفاء الذين يقومون بواجبهم على ضوء مواثيق الشرف الإعلامية التى أقسموا عليها.. والقارئ الفطن يستطيع أن يكتشف صدق وأمانة هؤلاء الإعلاميين الذين تعلموا فى معاهد الإعلام الوطنية أو فى التليفزيون المصرى العريق من خلال جهابذة رجال الفكر والثقافة.. بيد أننا نرى- وتلك حقيقة لا يجوز إنكارها- أن هناك من امتهن تلك المهنة.. وهى فى الحقيقة ليست مهنة من وجهة نظرى، فهى مزيج من الدراسة والوعى والثقافة والقبول.. ولا بد من التركيز على مفهوم القبول، وأعنى به مدى تقبل المشاهد أو المستمع أو القارئ لذلك الإعلامى الذى ينقل له الخبر أو يحلل مضمونه واقتناعه به وتصديقه.. والقبول هو هبة من الله، سبحانه وتعالى، اختص بها عباده الصادقين الذين يقومون بواجبهم تجاه وطنهم بكل تجرد وإخلاص فى أى مجال من المجالات التى يعملون بها ومنها بطبيعة الحال "الإعلام".
عندما نقول إن الكلمة مسئولية فإننى أعنى أن كل صاحب فكر وصاحب قلم مسئول أمام الله وأمام ضميره فيما ينقله إلى أبناء وطنه.. فهو يستطيع أن ينقل ويعرض أفكاراً هدامة يؤثر بها على عقول البسطاء والشباب، وهو ما تحاول الفضائيات المعادية تصديره للبلاد، وللأسف من خلال شراذم ممن يعتقدون أنهم إعلاميون معارضون.. أو أن ينقل أفكاراً رشيدة معتدلة حقيقية يجعل من خلالها القارئ متفهماً لظروف بلاده متعاوناً معها ومسانداً لها.
لقد تسلل إلى الإعلام المصرى أعداد من الذين أتيحت لهم فرصة الظهور فى الوسائل المختلفة عن غير دراسة أو ثقافة أو قبول، وانصب دورهم على إثارة موضوعات من شأنها تكدير الرأى العام أو المكايدة لبعضهم أو نقل هيافات من الأحداث أعتقد أن ظروف البلاد حالياً غير مهيأة لتقبلها.. حتى عندما يتصدى هؤلاء للإعلام الموجّه ضد الوطن فإنهم لا يجيدون تنفيذ ذلك باحترافية وموضوعية بل بالأصوات العالية وأحياناً بالقذف والسب وكأنهم لا يعلمون أن السياسة هى فن الممكن، بمعنى أن عدو اليوم قد يكون حليف الغد، وهنا نجد هؤلاء يظهرون فى شكل مخزٍ ومسىء لدولتهم عندما تتحسن علاقة الدول وبعضها.
لقد وضع السيد الرئيس فى لقائه مع وزراء الإعلام العرب رؤية عميقة وواضحة من السهل تنفيذها، سواء على مستوى كل دولة على حدة، أو من خلال التعاون المثمر بين الإعلام العربى.. تلك الرؤية تعتمد على الصدق والأمانة والوعى والثقافة، وإعداد أجيال جديدة من الإعلاميين تتمتع بالحضور والقبول والثقافة والمصداقية لدى المواطن العادى الذى سئم من التابوهات العتيقة التى نراها يومياً عندما يتحدث أحدهم لمدة ساعتين متواصلتين فى العديد من الموضوعات التى لا تهم ولا تفيد الشرائح الأعم والأهم من الشعب.. تخيل أنك تجلس أمام التليفزيون لتسمع وتشاهد شخصاً واحداً يتحدث لمدة ساعتين وفى قناة أخرى شخصًا آخر يتحدث فى ذات الموضوع وبنفس الأداء.. هل سوف تستمر فى متابعتهما؟ من المؤكد أنك سوف تبحث عن برنامج آخر فى قناة عربية أو أجنبية أو عن فيلم أو مسلسل لأنك ضقت ذرعاً بما تسمعه منهما على مدار الأسبوع.
إن مسئولية الكلمة تجعلنا دائماً نبحث عن الحقيقة، ومن هنا فإن وضع استراتيجية إعلامية عربية دعا إليها السيد الرئيس أصبحت ضرورة ملحة فى المرحلة الحالية؛ لتبادل الأفكار والثقافات والرؤى بين مسئولى الإعلام العربى الذين يتحملون أمام وطنهم مسئولية الكلمة وشرفها، حيث يجب أن يتكاتفوا جميعاً لصد التيارات الهدامة التى تستهدف المواطن العربى وتؤثر على ولائه وانتمائه لوطنه العربى.
الكلمة أمانة والقلم أمانة والإعلام أمانة، ولعن الله من خان الأمانة وحفظ الله من صانها وكان أميناً عليها وباحثاً عن الحقيقة لأجل الحقيقة ومصلحة الوطن والمواطن محترماً عقول الناس فى كل كلمة تصدر منه لأنها مثل الرصاصة إذا خرجت لن تعود، لذلك يجب أن تكون حساباتك دقيقة فى كل كلمة تكتبها، فهى أولاً وأخيراً ليست مجرد كلمة بل هى مسئوليتك أنت عن هذه الكلمة.. وتحيا مصر.