دستور الآلات الشرقية: مراحل صناعة «القانون» سلطان الحب والطرب
آلة القانون آلة موسيقية وترية من الآلات البارزة في التخت الشرقي والعزف المنفرد، وتعتبر أغنى الآلات الموسيقية أنغاما وأطربها صوتا، وتعد آلة القانون بمثابة الدستور لكافة آلات الموسيقى الشرقية، حيث تشمل 3 دواوين ونصف الديوان، يغطي آلة القانون كافة المقامات الموسيقية، مما يجعلها أغنى الآلات الموسيقية نغماً، فهي تعد الآلة الأم في عالم النغم الشرقي.
يرجع تاريخ صناعة آلة القانون إلى آلة وترية قديمة تسمى بـ"قانو"، وهي تعود إلى الإمبراطورية الآشورية القديمة "قبل الميلاد"، حيث تقع في بلاد ما بين النهرين وكانت آشور على أعلى مستوى من الإنجازات التكنولوجية والعلمية والثقافية لذلك أطلق عليها "مهد الحضارة"، حيث عثر على نحت لآلة "قانو" الأشورية في المتحف الوطني العراقي ببغداد، ذكر الباحثون فيما بعد أن العصر العباسي شهد دخول آلة سُميت بـ"النزهة"، وهي شبيهة بآلة "قانو" الأشورية طوّر أبو نصر محمد الفارابي (870-950 م) آلة "النزهة" من حيث الشكل و المضمون، ومن المعروف عن الفارابي تمكنه من علم الموسيقى وبمعرفته وإتقانه علوماً أخرى كالفلك، والفلسفة، والفيزياء، والمنطق، وكان يجيد العزف ببراعة على عدة آلات، منها العود والناي والقانون، ويرجع الفضل له في تطور علم الموسيقى نظرياً وعملياً، وله أهم المؤلفات في مجال تطوير الموسيقى الشرقية، ومنها كتاب (كلام في الموسيقى)، و(إحصاء الإيقاع)، و(كتاب في النقلة)، و(الموسيقى الكبير)، وهذه المؤلفات أصبح لها دور كبير في تطوير علم الموسيقى، وأدخل الفارابي تحسينات على ما يقارب من 30 آلة موسيقية مختلفة بالقياسات الدقيقة، استطاع "أبو نصر الفارابي" عن طريق فكره الموسوعي أن يربط بين الفلسفة والموسيقى وعلم التعاليم بطريقة مختلفة عن الفلاسفة السابقين، وهو الدافع الجوهري وراء البحث عن موضوع فلسفة الموسيقى التعليمية لدى الفرابي.
وانتقلت بعد ذلك آلة القانون من العصر العباسي إلى أوروبا عن طريق الأندلس في حوالي القرن الثاني عشر الميلادي، ويتكون القانون من صندوق صوتي من الخشب على شكل شبه منحرف قائم الزاوية وهو الشكل النهائي لآلة القانون، يتم تصنيع آلة القانون بشكل دقيق، حيث تمر بعدة مراحل مختلفة أثناء التصنيع حتى تصل آلة القانون للعازف.