وهم فرص العمل بالخارج.. ضحايا عمليات النصب والاحتيال في سلطنة عمان يتحدثون
في الفترة الأخيرة وقع عدد كبير من المصريين في فخ عمليات النصب والاحتيال من قبل مكاتب السياحة، التي استهدفت المصريين الراغبين في الحصول على فرص العمل بالخارج، وبالأخص داخل سلطنة عمان، ليقنعوهم بإصدار تأشيرة سياحة يتم تحويلها فيما بعد إلى تأشيرة عمل، ثم الحصول على إقامة كاملة بالسلطنة.
لا تمر سوى أيام قليلة ليُكشف سر عمليات النصب والاحتيال، حين يكتشف المصريون أن فرص العمل التي سافروا من أجلها لا توجد من الأساس، بل والتأشيرات السياحية لا تصلح سوى للسفر سياحة فقط، وحين يحاولون التواصل مع شركات التوظيف ومكاتب السياحة التي أوقعتهم في ذلك الفخ، يجدون جميع وسائل التواصل معهم مغلقة تمامًا.
“الدستور” ترصد في السطور التالية أساليب مكاتب التوظيف وشركات السياحة المحتالة التي ورطت عدد كبير من المصريين الراغبين في الحصول على فرص عمل بالخارج، وبالأخص داخل سلطنة عمان، وذلك بالحديث مع ضحايا عمليات النصب والاحتيال على مدار الفترات السابقة.
السفارة المصرية تُحذر
حذرت السفارة المصرية بسلطنة عُمان، بالأمس، أبناء الجالية المصرية من عمليات النصب والاحتيال التي يتعرض لها الباحثين عن فرص عمل بالخارج من خلال التأشيرات السياحية إلى سلطنة عُمان، مؤكدة انه ظهر في الآونة الأخيرة تعرض عدد كبير من المصريين إلى عمليات نصب واحتيال من قبل بعض الشركات والمكاتب السياحية، لاستقدامهم إلى سلطنة عمان بواسطة تأشيرات سياحية بدعوة توفير فرص عمل مقابل مبالغ مالية.
الأمر الذي تبين عدم صحته فيما بعد، ويتسبب بعد ذلك في تعثر عودة المصريين إلى أرض الوطن لأسباب قانونية أو مادية، كما يتعرض البعض للضغط لممارسة أعمال غير قانونية، لذا أهابت السفارة بالمصريين المسافرين إلى سلطنة عُمان باتباع كافة وسائل الحذر لتفادي عمليات النصب والاحتيال من قبل بعض الكيانات والأفراد غير الموثوق بها.
شركات مصرية متورطة
داخل محافظة كفر الشيخ، تعرض عدد كبير من المصريين الراغبين في الحصول على فرص عمل بالخارج للنصب العلني من قبل شركات سياحة ادعت قدرتها على توفير تأشيرات دائمة داخل سلطنة عمان، وحصلت مبالغ مهولة من المصريين الراغبين في السفر، وكُل ذلك كان يتم داخل مجموعات عبر موقع «فيسبوك» تروج لإعلانات الوظائف داخل سلطنة عمان.
يقول أنور الجزار، أحد المواطنين الذين تعرضوا للنصب والاحتيال من قبل إحدى شركات السياحة بكفر الشيخ، إنه دفع مبلغ مالي قدره 10 آلاف جنيه كعربون اتفاق مقابل الحصول على عقد عمل كمشرف معماري داخل إحدى شركات سلطنة عمان، وكان من المفترض أن يدفع النصب الآخر من المبلغ فور وصوله وتسلمه الوظيفة.
كان الاتفاق يشمل حصول «الجزار» على تأشيرة سفر سياحة ثم تحويلها إلى تأشيرة دائمة داخل سلطنة عمان، وبالفعل اتبع جميع الخطوات المتفق عليها ليحقق مبتاغاه، ويسافر للحصول على الوظيفة، ولكنه فوجئ بالحقيقة المرة حين وصل سلطنة عمان، واكتشف أن تأشيرة السياحة لا يمكن تحويلها إلى أي شئ آخر، وحين حاول التواصل مع الشركة التي وفرت له فرصة السفر، لم يستطع الوصول إليها إطلاقًا.
تأشيرة مضروبة
محمد الأمير أيضًا كان ضحية أخرى لعمليات النصب التي تتبعها شركات السياحة الوهمية في توفير فرص عمل زائفة بالخارج، فقد حاول منذ سنوات عدة الحصول على أي فرصة سفر، لتحسين أوضاعه المادية، حتى وقع في فخ الشبكات الإجرامية التي تروج إعلانات وظائف مضللة، وتستهدف أموال المواطنين بطرق غير شرعية.
قال «الأمير» في حديثه لـ «الدستور»، إنه انضم لمجموعة عبر «واتساب» كانت مختصة في توفير وظائف داخل سلطنة عمان، وحين عثر على الوظيفة التي يتقنها جيدًا، سرعان ما قدم فيها، ليحقق حلمه الذي طال انتظاره سنوات عدة.
وأضاف: «الشركة أبلغتنا أن هناك فرصة للحصول على عقد عمل بالسلطنة للسائقين، ومدة العقد كانت عامين، والراتب قدره 280 ريال، ولكن بشرط دفع مبلغ مالي في البداية قدره 15 ألف جنيه قبل إمضاء العقد واستلامه، و15 ألف بعد السفر وتسلم الوظيفة والإقامة داخل السلطنة».
اختتم «الأمير» معبرًا عن لحظة الصدمة التي عاشها حين اكتشف عملية النصب الذي وقع ضحيتها، وتّبين أن التأشيرة التي حصل عليها ما هي إلا للسياحة فقط، بل ولم يجد أي فرص عمل للسائقين داخل الشركة التي توجه إليها، وكان الرد عليه حاسمًا من قبل مسؤولي الشركة، بأنهم لم يعلنوا عن أي وظائف ولا يدركون من هي الشركة المصرية التي اتفقت معه على السفر».
وهم السفر من عمان إلى السعودية
«إحنا اتنصب علينا من شركة سياحة وهمية، مطلعش عندهم مكتب بسلطنة عمان زي ما قالولنا»، بدأ أحمد صفوان حديثه مع «الدستور»، واصفًا الفخ الذي وقع فيه برفقة مجموعة من المصريين تجاوز عددهم الـ 20 فردًا، حين أوهمتهم إحدى شركات السياحة في عمان، بإمكانية توفير فرصة سفر لهم إلى السعودية، لكن عن طريق عمان أولًا.
واستكمل: «دفعنا 5000 ريال شامل لكل شئ كما اتفقنا معهم، ولكن اكتشفنا أن مصيدة النصب تبدأ حين يبلغوا المسافرين بحسابهم فور الوصول إلى عمان، وعند وصولنا تّبين أن حجز (بي سي أر) كان مزورًا، وأيضًا حجز الفنادق، وتعرضنا هناك للمسائلة القانونية من قبل سلطات المطار».
«كانوا هيرجعوا الناس لولا عرفوا الظروف اللي حصلتلنا، وقالولنا هنخليكم تعدوا لكن بشرط إننا نعمل ندفع في المطار ٢٥٠ لحجز مسحة كورونا»، أشار «صفوان» إلى لحظة خروجهم من مطار عمان، والبدء في التواصل مع الشركة التي استقطبتهم، ليصطدموا بالواقع الأليم، وهو عدم وجود فندق للإقامة من الأساس.
وتابع: «رمونا في سكن مهين، كنا بننام على الأرض، أنا وخمسة من أصحابي في أوضة واحدة، ولما حاولنا نتواصل معاهم علشان نرجع فلوسنا اللي دفعناها زيادة في المطار، عملولنا حظر علشان منعرفش نوصلهم».
أكد «صفوان» أن صاحب الشركة عماني الأصل، ويعمل معه مدير مصري، والمسؤول عن استلام المبالغ المالية مصري أيضًا، جميعهم هاربين الآن، بسبب القضايا المهولة التي تحررت ضدهم من قبل مصريين نُصب عليهم داخل سلطنة عمان، وقدوم الشرطة بشكل يومي إلى السكن الذي يقيمون به، لمطالبة بدفع الإيجار الذي لم يُدفع من الأساس، وبالبحث عن الأشخاص المذكورين لتقديمهم إلى العدالة.
عقوبات رادعة
وبالتواصل مع الخبير القانوني أشرف الجنايني، أكد أنه يجب التحذير دائمًا من عمليات النصب والاحتيال التي أصبحت متكررة بشكل دائم، وتستهدف الراغبين في الحصول على فرص عمل بالخارج، كما من الضروري توعية المواطنين بالفرق بين تأشيرة السياحة وتأشيرة العمل، لأنه لا يمكن تحويل تأشيرة السياحة إلى تأشيرة عمل، بجانب عدم وجود ما يسمى بتأشيرات مفتوحة في سلطنة عمان.
حذر الخبير القانوني من التعامل نهائيًا مع أشخاص أو شركات مجهولة في الاتفاق على فرص عمل بالخارج، ونّوه إلى ضرورة التأكد من نوعية التأشيرات بصفة عامة، وأهمية مراجعة كافة التفاصيل المتعلقة بالسفر، من تذاكر الطيران مؤكدة الحجز، وفندق الإقامة، وعقود العمل الموثقة، والتواصل مع الشركة المسؤولة عن الوظائف في سلطنة عمان للتأكد بجدية قبل السفر.
أما عن القانون الذي يردع المحتالين، أوضح: «تنص المادة رقم 336 من قانون العقوبات، على أن يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور وإما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكًا له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة».
وأكد أن العقوبة هنا تتضمن الحبس لفترة تراوح ما بين شهر وحتى 3 سنوات، أما في حالة الشروع فى النصب، تتراوح العقوبة بين 24 ساعة وحتى سنة، بجانب وضع المتهم تحت رقابة الشرطة مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين.