مدير مركز التميز للاستدامة: أول إنتاج لمحطة الضبعة 2028
قال الدكتور أحمد العوضى، مدير مركز التميز للاستدامة بجامعة عين شمس، الباحث فى ملف النفايات النووية بمعهد البيئة، إن إقدام مصر على إنشاء محطة الضبعة النووية يضعها فى مصاف الدول المتقدمة بإنتاج الطاقة النظيفة، بما يحافظ على البيئة، ويوفر مواردها الطبيعية من الغاز وغيره.
وأضاف «العوضى»، خلال حواره مع «الدستور»، أن أول إنتاج لمحطة الضبعة، حسب الخطة الموضوعة لها، سيكون عام ٢٠٢٨.
■ بداية.. ما أهمية محطة الضبعة النووية؟
- إنشاء محطة الضبعة النووية أمر ضرورى لمصر خلال الفترة المقبلة، فهو يضع لها بدائل لتوليد الكهرباء بعيدًا عن الوقود الاعتيادى، وهى مسألة لم تعد رفاهية لنا، نحن نواجه كغيرنا من الدول مشكلة ندرة المياه، علاوة على أننا نحتاج إلى توفير الغاز لأغراض أخرى فى ظل غلاء سعره وارتباطنا بعقود تصديرية، أما المواد النووية فبمجرد تخصيبها وإجراء عدد من المعالجات تولد كميات هائلة من الحرارة قادرة على تسخين وتبخير آلاف الكيلو مترات من المياه لتتحرك التوربينات بسرعة فائقة، لتغذى مصر ودول أخرى بالطاقة الكهربائية.
■ هل هناك أى أضرار قد تتسبب فيها المحطة على الأماكن المحيطة؟
- على العكس، اختيار الضبعة كمكان جاء بعد العديد من الدراسات، وهو الموقع الأنسب لأول محطة نووية للطاقة السلمية، لعدة أسباب أولها القرب من المياه، والتى نستطيع استخدامها لتبريد المحطات النووية، كما أنها أرض مستقرة بعيدة عن حزام الزلزال، ما يضمن عدم حدوث تسريب نووى، إضافة إلى أنها تبعد نحو ٦٠ كيلومترًا من التجمعات السكانية، وبالتالى لن تشكل خطورة بيئية أو مجتمعية، ولو المكان ليس آمنًا لم تكن واحدة من أهم وكبرى الشركات فى العالم تتقدم لإنشاء المحطة وهى «روس آتوم» الروسية.
■ العالم كله يتحدث الآن عن الطاقة النظيفة.. هل إنتاج المحطة سيُصنف ضمن هذا النوع؟
- حاليًا لا يمكن اعتبار أى مصدر من المصادر نظيفًا بنسبة ١٠٠٪، حتى الطاقة الشمسية التى يُضرب بها المثل على أنها طاقة نظيفة، تعتمد فى المقام الأول على الخلايا الشمسية، والتخلص منها أحيانًا ما يتسبب كوارث بيئية، ومن هنا كل الوسائل لا تعد نظيفة، وتظل رهن الاستخدام العلمى مع السعى للتقليل من خطورتها.
■ بعد انتهاء إنشاء المحطة.. كم الوقت الذى نحتاجه لنجنى آثارها الإيجابية؟
- أول إنتاج للمحطة حسب الخطة الموضوعة سيكون عام ٢٠٢٨، فى هذا العام سنشهد باكورة الإنتاج، ما سيتيح لمصر التكيف مع قلة المياه، ما يؤدى فى النهاية لحماية المدن المهددة بالغرق، ومنها مدينة العلمين الجديدة، التى لفت الرئيس السيسى النظر إليها كى يهتم علماء البيئة والمناخ بحمايتها.
■ ماذا عن النفايات النووية التى ستخرج من المحطة؟
- لا يمكن الإنكار أن الفزاعة الأولى من استخدام الطاقة النووية فى توليد الكهرباء فى مصر، هى فكرة التخلص من النفايات، كونها فتاكة وقاتلة أحيانًا إن جرى التخلص منها دون حذر، وهو أمر يهتم به كل الدول التى بها محطات نووية، وعلى العكس نحن متأخرون كثيرًا فى هذا الشأن، لكننا سنسير على درب الدول العظمى فى التخلص من النفايات ودفنها.
■ مَن المسئول عن التخلص من النفايات النووية فى مصر؟
- حسب التعاقد بين الحكومة المصرية، ممثلة فى هيئة الطاقة الذرية المصرية، وشركة «روس آتوم»، فإن الشركة هى المتحكم والمسئول عن التخلص من النفايات النووية، لكن لا يتم ذلك مباشرة، فهى تُحفظ بطريقة معينة لمدة تصل إلى ٤٠ عامًا، سواء كانت مبللة أو جافة مبردة بطرق معينة، قبل التخلص منها بشكل نهائى.
■ كيف يتم التخلص منها بشكل نهائى؟
- العالم كله يعتمد على مخرن واحد للنفايات النووية، وهو المعترف به بشكل قانونى ويراعى المعايير والأكواد العالمية للتخلص من النفايات النووية، وهو المخزن الموجود بين فنلندا والسويد بأوروبا، ومع التزاحم على إنتاج الطاقة النووية، فالعالم على موعد مع افتتاح مخزن ثان فى كندا بحلول ٢٠٣٠- ٢٠٣٥، واختيار الأماكن يخضع لمعايير، منها حرارة الأرض وضغطها وكذلك المساحة ونوع التربة الحاضنة ويفضل الدفن فى الدول الباردة.
■ يشاع أن إفريقيا مخزن كبير للنفايات كونها قارة فقيرة ودولها تسمح بذلك لإعانتها على تجاوز أزماتها.. ما حقيقة ذلك؟
- دعينا نفرق بين التخلص القانونى المعترف به والتخلص غير الآمن من النفايات، وهو للأسف فخ وقع فيه العديد من البلدان، للأسف هناك عصابات تمرر النفايات النووية لبلدان فقيرة بالتوطؤ مع شركات فى هذه الدول، لكن حسب قوانين التجارة الدولية، يُحظر نقل المواد النووية والنفايات تحديدًا بين الدول.
■ هل تضررت إفريقيا فعلًا من هذه النفايات؟
- المؤسسات الدولية باتت تنتبه لهذا بشكل كبير ليس لحماية إفريقيا وحدها، فلا يغفل أحد الآن أن ما يحدث فى أبعد نقطة فى القطبين، يؤثر على قلب العالم، لذا ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فى تقرير بعنوان «سوق النفايات النووية»، أن دولة مثل موزمبيق أصيب نحو ٣٩٪ من أطفالها بالإيدز، و٣٣٪ بسرطان الدم، والمنطقة تضررت بشكل ما من النفايات النووية التى تلقى بها الدول الصناعية الكبرى على أرضها، كما جاء فى التقرير نفسه أن الدول الإفريقية التى قبلت أن تكون مكانًا استراتيجيًا لدفن النفايات النووية الغربية، تمارس شكلًا من أشكال الجريمة السياسية والبيئية والاقتصادية ضد شعوبها، باعتبار أن النتيجة ستكون كارثة طبيعية ستظهر بعد عشرات السنين بشكل أكثر ضراوة وخطورة.
وطالبت تقارير أممية مجلس الأمن بالتحقيق فى نفايات سامة يجرى إغراقها فى المياه قبالة الصومال فى السنوات الأخيرة، حيث شهدت السواحل الصومالية تدميرًا للبيئة البحرية، بسبب تخلص الدول الغربية العشوائى من نفاياتها النووية هناك، ومن بين عشرات السفن، تم الكشف عن سفينتين إحداهما إيطالية والأخرى سويسرية، ألقيتا حمولتهما بالقرب من الساحل الصومالى.
ولهذا أطلق الرئيس السيسى جرس إنذار وانتبه له معظم الصحف والمحطات العالمية علاوة على المراكز البحثية لاتخاذ الإجراءات الاحترازية للحفاظ على القارة ومقدراتها، حينما ذكر على هامش جلسات منتدى التعاون الدولى والتمويل الإنمائى، الذى انعقد فى العاصمة الإدارية الجديدة منذ عدة أيام، أن التغيرات المناخية انعكست على الشعب الإفريقى، حيث قلت المحاصيل الغذائية، وعانى الأفارقة من مشكلات فى الغذاء، كما أن البيئة المحيطة أيضًا تغيرت وأثرت بالسلب علينا
■ ألا يمكن تتعرض مصر لمخاطر تسريب النفايات النووية إليها؟
- لا يمكن الجزم بذلك، هناك مافيا وعصابات كبيرة جدًا، مدينة طرابلس الليبية التى تبعد عن حدود مصر قليلًا وقعت فى فخ عصابات تهريب النفايات النووية، حيث كشفت صحيفة «الإندبندت» البريطانية عام ٢٠١٣، عن وجود عصابات تابعة للمافيا الإيطالية، تتقاضى مبالغ مالية تصل إلى ٢٠ مليار يورو سنويا مقابل إغراق شحنات من النفايات الخطرة فى منطقة جنوب ساحل البحر المتوسط، وتحديدًا ليبيا، وأن الحيتان التى وجدت ميتة على سواحل مدينة سرت فى بداية العام نفسه، أكبر دليل على تلوث البيئة البحرية بسبب إلقاء تلك النفايات، لكن مصر لم يثبت فيها ذلك، وموانئها تخضع لرقابة شديدة من هيئة الرقابة النووية ويتم إخضاع كافة المواد الموردة إليها لمقياس إشعاعى حتى لعب الأطفال، فكل شىء حاليًا من الممكن أن يحمل نسبًا مشعة.
■ بالنسبة لـ«كوب ٢٧».. كيف سيهتم بما يواجه إفريقيا والعالم فى هذا السياق؟
- المؤتمر يأتى فى توقيت صعب على العالم، فبعد ما واجهته دول العالم من ضغوط نتيجة إيقاف إمدادات الغاز من روسيا بسبب الحرب الروسية فى أوكرانيا، بات عليها الوقوف لإيجاد سبل جديدة، ورأينا كيف تنظر دول العالم لمصر كمورد بديل للطاقة رغم التكلفة الكبيرة للنقل، لكنها الحل الأسلم لهم والأسرع، خاصة مع اقتراب الشتاء، فأوروبا مهددة بالشتاء الأسوأ على الإطلاق، وبالفعل الآن تبحث عن توليد الطاقة من بقايا النباتات أو الوقود العضوى للتدفئة. وهناك دول تبحث عن إنتاج الطاقة من الهيدروجين الأخضر والأزرق والبنى، وكل يأتى حسب طرق استخلاصه، وترضى الدول حاليًا بأى كميات من الطاقة لتواجه الأزمة، لكنها تراعى فى الوقت ذاته توصيات «كوب ٢٦» الذى أقيم فى جلاكسو العام الماضى، فلم يعد استخدام الطرق المؤذية للبيئة خيارًا أمام الدول، كونها ستواجه عقوبات شديدة، الأمر الذى ستجمع عليه قادة الدول والرؤساء فى «COP ٢٧» لحسمه.
ما التوصيات التى تتمنى أن يخرج بها مؤتمر المناخ؟
- أولًا: التوعية فى المدارس والجامعات وكذلك فى دور العبادة وعبر المؤسسات الإعلامية، بكل الممارسات التى تحمى البيئة من أول الترشيد فى استهلاك المياه وصولًا لنوعية الطعام.
ثانيًا: تقليل قطع الأشجار وفرض العقوبات على ذلك، والتقليل من زراعة الأشجار المنتجة لغاز الكربون، فحسب الدراسات غاز أول الكربون المدمر للبيئة يستهلك من ٣٠٠ لـ٩٠٠ سنة حتى يتم تصريفه، وهو ما يهدد الكرة الأرضية بالفناء على حسب تقديرات العلماء، لذا فالخطوات التى تأخذها مصر بزيادة مساعة الحزام الأخضر واستخدام الهيدروجين وغيرها من الوسائل أمور فى منتهى الأهمية.