القمص يوحنا نصيف: الكتب وطدت علاقتي بالأنبا إيساك قبل وبعد الكهنوت
تممت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم، صلوات وطقوس جنازة الأنبا ايساك، الأسقف العام والمدبر الروحي لدير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، بالكنيسة المرقسية الكبرى بالإسكندرية.
وقال القمص يوحنا نصيف راعي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بولاية شيكاغو، بالولايات المُتحدة الأمريكية: « تعرّفت على أنبا إيساك أوّلاً، عن طريق كتابه البديع: "تأمّلات في البرّيّة"، الذي صدر عندما كان راهبًا باسم القمّص ويصا السرياني، وكان الكتاب صغيرًا في حجم كفّ اليد، ذا غلاف ملوّن، ومزيّنًا من الداخل بصور تخطيطيّة رمزيّة جميلة، ترافق المقطوعات التأمّليّة الموجودة بالكتاب.. وكان هذا الكتاب سبب بركة كبيرة لي، إذ كنت آخذه معي في خلواتي بالأديرة منذ أواخر السبعينيّات، لأقرأ فيه، وأصلّي بمقطوعاته الرقيقة التي تلامس أعماق القلب، في الصحراء قبل غروب الشمس».
وأضاف في تصريح له على خلفية رحيل الأنبا إيساك: «حكي لي أبي القمّص تادرس يعقوب، أنّ أنبا إيساك منذ بداية رهبنته كان يحبّ القراءة والترجمة لآباء الكنيسة الأوائل، وللكتب الروحيّة التي يجد فيها فائدة.. وفي يوم كان أبونا تادرس يعقوب ملطي وأبونا لوقا سيداروس في زيارة أبونا ويصا بدير السريان، فوجداه قد ترجم كتاب "المحاربات الروحيّة" لثيؤفان الناسك (المتوحِّد)، وهو من آباء الكنيسة الروسيّة (تنيّح عام 1894م).. فأخذه منه أبونا لوقا واتّفق معه على أن تنشره مكتبة كنيسة مارجرجس سبورتنج.. وبالفعل تمّ نشره في أربعة أجزاء، وقد طلب أنبا إيساك (القمّص ويصا السرياني في ذلك الوقت) ألاّ يُكتَب على الكتاب اسمه كمترجم. وهكذا تمّ نشر هذا الكتاب الثمين المملوء بالخبرات الروحيّة العميقة، التي أفادت الكثيرين من أبناء الكنيسة... وحكي لي أيضًا القمص تادرس يعقوب ملطي بعض القصص عن أنبا إيساك، تخصّ تجرّده وزهده في الحياة الأرضيّة، ليس المجال لنشرها الآن».
وتابع: «بعد سيامتي كاهنًا في نوفمبر 1996م، وأثناء قضائي الأربعين يومًا بدير القديس أنبا بيشوي، كانت فرصة جميلة أن أتعرّف عن قُرب على نيافته.. فهو كما نعلم، بعد أن خدم في عِدّة أماكن، سيم كخوري إبيسكوبوس لإيبارشيّة القليوبيّة في عام 1978م، ثم اعتزل الخدمة في أواخر عام 1979م، وعاد لوحدته في قلايته بدير السريان، وظلّ على هذا الوضع مدّة طويلة جدًّا حتّى استعان به نيافة الأنبا باخوميوس في تدبير دير القدّيس مكاريوس السكندري عام 2012م، ثمّ سِيم أسقفًا عامًا في عام 2014م، وظلّ مقيمًا في هذا الدير حتّى نياحته».
وأردف: «كنتُ مع أبي المحبوب القمّص أنطونيوس فهمي نزوره كثيرًا في قلايته بدير السريان، أثناء قضائنا الأربعين يومًا بعد سيامتنا.
وكُنّا نسأله في كثير من الأمور الروحيّة ونتعلّم من خبراته.. ولاحظتُ أنّه كان يقضي وقتًا طويلاً في قراءة كتب الآباء مع الصلاة.. كما كان يترجّم بعض الكتب الآبائيّة، ويحفظها في عِدّة كشاكيل عنده بخطّ اليد.. ولمّا سألته لماذا لا يقوم بطبع هذه الكتب؟ قال أنّه لا يعرف وسيلة لتنفيذ ذلك عمليًّا.. وإذ كان لي في ذلك الوقت بعض الخبرة في طباعة الكتب، بسبب خدمتي في مجلّة "صوت الراعي" ومطبوعاتها لسنواتٍ طويلة.. عرضت عليه المساعدة في هذا الأمر فأحضر لي "بروفة" لكتاب كان قد قام بترجمته للقدّيس أوغسطينوس، عن "الطبيعة البشريّة وعمل النعمة".. وكان أحد الأحبّاء قد كتبه له بالكومبيوتر.. فطلبت منه أن يكتب مقدّمةً لهذا الكتاب، ووعدته بأن أعرض الأمر، بعد عودتي من الأربعين يومًا، على الإخوة الأحبّاء المسؤولين عن مكتبة كنيسة مارجرجس سبورتنج، لكي يقوموا بطبع ونشر الكتاب. وهذا ما حدث بالفِعل، وقد أعطاني أيضًا سيّدنا أنبا إيساك صورة تَصلُح كغلاف.. وتمّ طبع الكتاب».
وأكمل: «كانت هذه الخطوة بداية تعارف بين نيافته والخدّام المباركين بمكتبة مارجرجس سبورتنج.. واستمرّ التواصُل، وقامت بعدها المكتبة بطباعة ونشر العديد من الكتب لنيافته.. نشكر الله، بعد هذا زرت نيافته مرّات قليلة في الدير، ثمّ انقطع التواصُل، لسبب انشغالي في الخدمة ثمّ سفري للخارج.. ولكنّي كنت أتابع بفرح أخبار انتقاله من دير السريان لتدبير الدير الجديد، دير القدّيس مكاريوس السكندري.. وأستمتع بكلمات النعمة التي يتمّ إذاعتها له من حين لآخَر على منصّة "مدرسة تيرانُّس".. حتّى جاء خبر نياحته، وانتقاله إلى مواضع الراحة».