مبارزة الصيادين المائية.. كيف نقل الفراعنة الرياضة العنيفة لأوروبا والعالم؟
التاريخ القديم مليء بأمثلة عن العنف، ليس فقط في شكل التعذيب والقتل، ولكن أيضًا في الترفيه والرياضة، مثل معارك المصارعة الدموية في روما القديمة، والمبارزات في مصر القديمة ولعبة كرة المايا، وسباق العربات في اليونان القديمة، والمصارعة اليونانية الرومانية، وغالبًا ما كانت هذه الرياضات مصحوبة بحشود تصرخ في نشوة ورهبة.
- نصيب كبير للفراعنة من الرياضات العنيفة
وبحسب مجلة "انشنت أورجنيز" الاسترالية، كان لمصر القديمة نصيبها المميز من الرياضات العنيفة، على شكل شيء يسمى "مبارزة الصيادين" والتي لا تزال تمارس اليوم، ولكن بطريقة أخرى حيث توجد أنماط مختلفة من مبارزة الصيادين اليوم في فرنسا وألمانيا وسويسرا والنمسا وبلجيكا.
وقالت المجلة إن سجلات التاريخ تكشف أن الفراعنة أول من قاموا بالرياضة العنيفة، فحوالي عام 2800 قبل الميلاد، ابتكر المصريون رياضة المبارزة على الماء، لحل النزاعات والصراعات بين الأفراد أو حتى في بعض الأحيان قرى بأكملها، وكان الرجال يقاتلون بعضهم البعض بأعمدة طويلة لها نقاط حادة في النهاية ، ولا يرتدون أي حماية.
وأضافت أن الهدف من اللعبة كان الخصوم يستقلون قوارب البردي في نهر النيل، وكان الألم الناجم عن ضربة واحدة من العمود لا يوصف، وكان العنف يكمن أن معظم الرجال لم يكونوا يعرفوا السباحة فكانوا يغرقون بمجرد السقوط من المركب، لذلك مع تقدم اللعبة بدأ الكثيرون في تعلم السباحة من أجل مواجهة التهديد المزدوج المتمثل في تماسيح النيل المفترسة وفرس النهر التي كانت تهدد حياتهم أيضا.
وأشارت إلى أنه تم تصوير هذه الرياضة القتالية المائية على العديد من نقوش المقابر المصرية القديمة، مثل تلك الشهيرة في سقارة (من أوائل الأسرة السادسة ، 2345 - 2320 قبل الميلاد)، والتي تُظهر سفينتين مع مجموعة صغيرة من الرجال على كلا الجانبين، بعضهم يناور بالقارب والآخرون يستخدمون أعمدةهم لطرد المعارضين من قواربهم ، بينما يقفون في وضع مستقيم.
- هل كان الصياد يمارس رياضة أم يسعى للنزاع؟
وأكدت المجلة، أنه لا يزال هناك جدل حول ما إذا كانت هذه النقوش تصور رياضة أو صراعًا عنيفًا، حيث قال المؤرخ ألان جوتمان إنه يوجد شك في القدرة التنافسية لرياضة مائية موسمية يعرفها العلماء الألمان باسم مبارزة الصيادين، حيث تُظهر العديد من اللوحات أن البحارة (الذين ربما ليسوا صيادين) يجلبون المحصول من دلتا النيل الخصبة، بينما يستخدم البعض الأعمدة لدفع قواربهم إلى الأمام ، فيما يستخدم البعض الآخر عصيهم لضرب طاقم القوارب الأخرى، وإلقائهم في المياه الضحلة.
اقتراح جوتمان أن هذا الضرب كان تنافسيا وعبارة عن رياضة، تم إجراؤها على الأرجح من قبل ملاحين وليس صيادين، حيث كان جلب الحصاد في مصر القديمة، مثل أي حضارة أخرى، معاصرة أو من الماضي، طقسًا مجتمعيًا، ونشأ نوع من الصراع في تحديد كيفية مشاركته.
وأكدت المجلة، أن تطور تبادل الحصاد الموسمي هذا وتحوله إلى رياضة مائية يتم الاحتفال بها على نطاق واسع اليوم في صورتها الرمزية الحديثة، جاء لأن هذه الرياضة انتقلت من مصر إلى اليونان القديمة بعد غزو الإسكندر عام 332 قبل الميلاد، وفي النهاية إلى الرومان وبالتالي إلى القارة الأوروبية ولكن بشكل أكثر دموية.