كيف يرى علماء الدين والنفس مطالبات «أجرة الخدمة والرضاعة»؟

“الزوجة غير ملزمة برضاعة الأبناء، ليس عليها واجب الطبخ لزوجها وأبنائها، هي كذلك غير ملزمة بالقيام بالأعمال المنزلية، وإذا فعلت يجب على الزوج إعطاؤها أجرًا مقابل ذلك”، تلك تصريحات كل من الناشطة الحقوقية نهاد أبو القمصان، والدكتورة هبة قطب استشاري العلاقات الزوجية وكذلك الداعية سعاد صالح، التي أثارت جدلًا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية ولاقت عددًا كبيرًا من ردود الفعل بين مؤيد ومعارض.

إذ دشن رواد موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” هاشتاجا بمقاطعة الدكتورة هبة قطب استشاري العلاقات الزوجية بعد تصريحاتها الأخيرة عن عدم وجود سند شرعي يجبر المرأة على الطبخ لزوجها، كما كانت حملات المقاطعة بدأت بعد تصريحات المحامية نهاد أبو القمصان بأن الزوجة غير ملزمة بالرضاعة.   

من جانبه، علق الدكتور هشام عبد الحميد استشاري علم النفس، على تلك التصريحات قائلا إن تلك ما يطلق عليها تصريحات الـ"تريندات" ما هي إلا سما قاتلا وتحقيرًا للنساء وإهانة للزوجات وكذلك إهدار معنى وقيمة الأمومة، بالإضافة إلى أنها هدم لجميع القيم الإنسانية الراقية ونشر الكراهية، مُشيرًا إلى أنها تتعامل مع المرأة على أنها أجير وليس أنها كيان ومدرسة في بيتها ومسئولة عن تخريج أجيال.

فرويز: ليس كل من يسمع تلك الفتاوى أسوياء نفسيًا

بينما أوضح الدكتور جمال فرويز استشاري الأمراض النفسية أن ما يحدث حاليًا في هذا الشأن هو زخمًا إعلاميًا غير مبررًا، مُشيرًا إلى أنه بغض النظر إذا كان حديث هذه الحقوقية وتلك الإعلامية وهذا الشيخ وهذه الطبيبة صحيح دينيًا أم لا، يجب أن يدرك هؤلاء أن ليس كل من يسمع تلك الفتاوى والتصريحات هم أناس أسوياء نفسيًا أي أنهم غير مؤهلين على التعامل مع هذه الفتاوى بشكل سليم، ما يعني أن هذا سيسبب الكثير من المشكلات الأسرية والاجتماعية التي تنتهي بهم إلى الطلاق وضياع الأسرة.

وتساءل لماذا يتم تناول هذه الأحاديث في هذا الوقت تحديدًا؟ قائلا إن هذا يثير الشك حول وجود يد خفية تعمل على هدم كيان الأسرة المصرية، خاصة أن مصر تعاني من ارتفاع كبير في معدلات الطلاق بها، موضحا أن دور الإصلاحيين ورجال الدين وأطباء العلاقات الأسرية إنما هو محاولة إصلاح الخلل والمُشكلات الأسرية التي تحدث في المجتمع، وليس إشعال نيران الفتنة في تناول الحقوق وواجبات بين الرجل وزوجه والتحريض بينهما كل على الآخر.

عباس شومان: الزوجة ملزمة برضاعة أطفالها

أما الدكتور عباس شومان المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف، نفى صحة ما قالته الحقوقية نهاد أبو القمصان موضحًا أن الزوجة لا تستحق أجرة على الرضاعة، وإنما تستحق المطلقة فقط.

وأضاف شومان في منشور له عبر "فيسبوك"، أمس الخميس، أن المولى عز وجل في كتابه الكريم (.. فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍۢ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُۥٓ أُخْرَىٰ).

إمام مسجد: الأصل في العلاقة الزوجية المودة والرحمة

كما أكد الشيخ ربيع أحمد إمام مسجد النور بمحافظة طنطا أن الأصل في العلاقة الزوجية هي المودة والرحمة وليس الحقوق والواجبات، موضحًا أنه إذا تيقن المسلمون المعنى الحقيقي لهذه العبارة ستتوقف تمامًا مثل هذه الأحاديث الجدلية منعدمة المعنى حول ما يجب على الزوجة مما لا يجب عليها.

ودعا ربيع إلى أنه ينبغي على كل زوجين عدم إدخال طرف ثالث في علاقتهما فكل علاقة لها ظروفها تختلف عن غيرها، ولكن ما يهم بهما جميعًا هو إقامة معاني المودة والرحمة.

ناشطان ساخران: "الست مش ملزمة تتجوز"

أما تعليقات الناشطين على التصريحات المثيرة للجدل الخاصة بواجبات الزوجة جاءت ما بين الغضب باعتبار أن تلك التصريحات تسبب حالة من انتشار الفتنة في المجتمع، وتهديد كيان الأسرة، لترد على دور الرجل هو الآخر في الحياة الزوجية في هذه الحالة بأنه هو الأخر غير ملزم بالنفقة على الأسرة، كما أنه غير ملزم  بالنفقة على "شوبينج" المرأة.

وجاءت تعليقات أخرى ساخرة من هذه التصريحات فعبر أصحابها بكلمات مثل "كدة الزوجة غير ملزمة بعمل الشاورما ولا الكبدة لزوجها"، و“الست مش ملزمة تتجوز” وجاءت أخرى ساخرة حول دور الزوج هو الأخر في الحياة الزوجية وعدم إلزامه ببعض المهام التي عرف بتأديتها مثل "الزوج غير ملزم برمي كيس الزبالة الصبح"، وغيرها من الردود الساخرة.

وكانت المحامية نهاد أبو القمصان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، نشرت فيديو عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، تتحدث فيه أن آيات سورتي البقرة والطلاق في القرآن الكريم، لم تجبر السيدات على إرضاع أولادهن.

وقالت نهاد أبو القمصان، خلال البث مباشر: في شاب سألني انتي يا أستاذة قلتي الأم مش ملزمة برضاعة أولادها ولو رضعت تأخذ أجر؟، فرديت: قلت يا ابنى دا مش كلامي دا كلام ربنا عز وجل في القرءان في سورة البقرة وفي سورة الطلاق، وكذلك قد أثار أخرين من إعلاميات وأصحاب فتاوى دينية الجدل بتصريحاتهم حول عدم إلزام الزوجة القيام بالأعمال المنزلية.

حالة طلاق كل دقيقتين

جدير بالذكر أن مصر تشهد 24 ألف حالة طلاق أمام كل 100 حالة زواج، أي أنه تقع حالة طلاق كل دقيقتين، وفق إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2020.