اسمه فن العلاقات العامة!
تعاملت مع العديد من إدارات العلاقات العامة المتواجدة في كل الجهات الحكومية من وزارات ودواوين المحافظات ومؤسسات وهيئات وشركات قطاع عام، ومثلها في شركات القطاع الخاص الكبرى.
أنشئت هذه الإدارات خصيصًا للتعامل مع الصحفيين ووسائل الإعلام إلى جانب دورها المهم داخل المؤسسات في تنظيم المؤتمرات والحفلات الاجتماعية والمناسبات داخل كل مؤسسة، وتقوم كذلك بمهام اجتماعية غاية في الأهمية لتحسين بيئة العمل وعلاقات الترابط بين العاملين في المؤسسات.
ولأنني لم أكن موظفًا يومًا ما، فلا يمكننى توجيه أي نوع من أنواع النقد لهذا الدور الذي تقوم به إدارة العلاقات العامة داخل كل مؤسسة.
لكن ما يمكنني الحديث عنه بوصفي صحفيًا تعاملت مع إدارات العلاقات العامة لما يقرب من 30 عامًا، ولاحظت كيف تتعامل مع الصحافة ووسائل الإعلام ومع زملائي الصحفيين تحديدًا.. أننا فى الحقيقة في أزمة، والعلاقات العامة كمهنة تعيش نكبة حقيقية سواء في الجهات الحكومية أو الشركات الخاصة.
وقد تُظلم الجهات التي بها إدارة علاقات عامة من طريقة عمل موظفيها، فأي جهة أو وزارة تقدم خدمات للجمهور ولا يرضى عنها جمهورها، مؤكد أن بها خلل في إدارة العلاقات العامة، وأي مؤسسة بينها وبين جمهورها حالة تنافر أيضًا بها خلل فى طريقة عمل هذه الإدارة.
فإذا رجعنا إلى تعريف الدكتور علي عجوة، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة للعلاقات العامة، بأنها "كل الجهود الاتصالية المخططة التي يقوم بها الفرد أو المنظمة أو الدولة لكسب ثقة الجمهور وتحقق التفاهم المتبادل من خلال الاتصالات المستمرة والسياسات والأفعال المرغوبة لتلبية احتياجات الجمهور في إطار ما هو ممكن ومشروع"- فسوف نكتشف أنه ليس هناك دور مخطط ولا توجد محاولة لكسب ثقة الجمهور من الأساس، وأن الخلل في التفاهم بين معظم الجهات والجمهور، وحالة عدم الرضا من الجمهور عن عمل أي جهة يعود إلى خلل في إدارة العلاقات العامة، والتقصير في توصيل دور المؤسسات وما تقدمه من خدمات لجمهورها.
فمعظم تلك الإدارات يديرها موظفون تخرجوا فى كليات مختلفة غير الإعلام وعلى حسب خلو أماكن وظيفية محددة يتم تعيينهم، وبعضهم لعبت الواسطة دورًا فى تعيينهم، والأغلبية تفتقد للتدريب على فن التعامل مع الجمهور.
ومن خلال خبرتي، ومن خلال شكاوي زملائي المتعاملين يوميًا مع إدارات الإعلام والعلاقات، حيث الخلط بين الوظيفتين حاليًا، فالغالبية تعانى من قلة المعلومات واقتصارها على بيانات محددة ترسلها تلك الإدارات إلى الصحفيين، وسوف يكون من الصعوبة الحصول على مزيد من المعلومات، ومن الظواهر الغريبة حاليًا هى عدم الرد على اتصالات الصحفيين أو الاستجابة السريعة لمطالبهم، ومؤخرًا دخلت سوق عمل العلاقات العامة شركات "بي. آر" مهمتها تنظيم العلاقة بين الشركات والصحفيين، وقد زادت تلك الشركات الفجوة بين المؤسسات والصحفيين.
فمعظم القائمين عليها من مندوبي الإعلانات الذين استطاعوا كسب ثقة أصحاب الأعمال، فأوكلت لهم مهمة التعامل مع الصحفيين، وهو ما انعكس بالسلب على طبيعة العلاقة ونوعية التقدير للعمل الصحفي عمومًا، وبنظرة لحالة عدم الرضا عند الجمهور من عمل بعض المؤسسات، نتأكد أن سببها يعود إلى إدارة العلاقات العامة، فمن مصلحتنا جميعًا مراجعتها ومراجعة طريقة عملها.