تيكاد فى تونس
بإجراءات أمنية مشددة، بدأتها، أمس الأول الخميس، تستضيف تونس، اليوم، فعاليات الدورة الثامنة لـ«مؤتمر طوكيو الدولى للتنمية الإفريقية»، تيكاد ٨، التى تقام تحت شعار «أولويات التنمية فى إفريقيا بعد كورونا المستجد»، وتستهدف بها اليابان توسيع حضورها، ولن نقول نفوذها، السياسى والاقتصادى فى القارة السمراء عبر «بناء شراكة حقيقية» من أجل «تنمية يقودها الأفارقة»، فى السياق المعقد لوباء كورونا والأزمة الأوكرانية.
مع المشاركة شبه المؤكدة لـ٣٠ رئيس دولة وحكومة إفريقية، من المتوقع أن يزيد عدد المشاركين فى «تيكاد ٨» على ٥ آلاف شخص، فى الفترة الواقعة بين التقاط الصورة الافتتاحية، صباح اليوم، والمؤتمر الصحفى الختامى ظهر الغد. غير أن فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء اليابانى، الذى أصيب بفيروس كورونا، سيبقى فى طوكيو وسيكتفى بالمشاركة عبر الإنترنت، تاركًا رئاسة وفد بلاده ليوشيماسا هاياشى، وزير الخارجية.
دورات «تيكاد»، TICAD، الخمس الأولى أقيمت فى اليابان بين عامى ١٩٩٣ و٢٠١٣، بمعدل قمة كل ٥ سنوات. وخلال القمة الخامسة، تم الاتفاق على إقامتها كل ٣ سنوات، على أن تتناوب اليابان وإحدى دول القارة على استضافتها. وبالفعل أقيمت الدورة السادسة، لأول مرة خارج اليابان، واستضافتها العاصمة الكينية نيروبى. والثلاثاء الماضى، أكدت الخارجية التونسية وجود تنسيق كامل مع الجانب اليابانى والاتحاد الإفريقى ومختلف الجهات المشاركة فى تنظيم «تيكاد ٨»، حتى تكون هذه القمة الدولية «محطة فارقة على درب الشراكة الإفريقية اليابانية، والإفريقية الإفريقية، ودفعًا لتعزيز الاستثمارات الخارجية فى تونس».
خلال السنوات الـ٢٩ الماضية، أطلقت «تيكاد» ٢٦ مشروعًا إنمائيًا فى ٢٠ دولة، بالتعاون مع الأمم المتحدة والبنك الدولى والاتحاد الإفريقى. والأهم، هو أنها وجهت بوصلة الاهتمام إلى ضرورة تعزيز التعاون ودفع المسيرة التنموية، بخطط تنفيذية تتسق مع واقع القارة السمراء وتحترم سيادة دولها وتحقق نتائج ملموسة. وفى الدورة الثامنة، أو «تيكاد ٨»، يراهن التونسيون على الزيادة المتوقعة فى الاستثمارات اليابانية فى إفريقيا ويأملون فى تحقيق نتائج جيدة تعالج تدهور الوضع الاقتصادى فى البلاد خلال السنوات العشر الأخيرة.
تأسيسًا على ذلك، بحث الرئيس التونسى قيس سعيد، أمس الأول الخميس، مع عثمان الجرندى، وزير الشئون الخارجية، الاستعدادات الجارية. كما عقدت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة، جلسة عمل وزارية، للنظر فى المحاور التى سيتم تناولها. وأشار الهادى بن عباس، رئيس غرفة التجارة والصناعة التونسية، إلى اعتزامهم طرح أكثر من ٨٠ مشروعًا قيمتها ٢.٧ مليار دولار، تتطابق مع تطلعات المستثمرين اليابانيين.
معتمدة على نقاط قوتها، التى تتمثل فى النمو المقترن بالجودة، تعتزم اليابان أن تدعم بقوّة التنمية التى يقودها الأفارقة، وفقًا لما ذكرته وزارة خارجيتها فى موقعها الإلكترونى. وتوقعت جريدة «نيكاى» الاقتصادية اليابانية، أن تزيد المساعدات اليابانية لإفريقيا بنسبة ٤٠٪، خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالفترة التى تلت «تيكاد ٧». ورأت الجريدة أن ذلك سيكون بمثابة رد من طوكيو على الولايات المتحدة وأوروبا ومنافستها الأبرز الصين، التى تعمل على تعزيز وجودها فى القارة السمراء.
تحت شعار «دفع التنمية الإفريقية من خلال الشعوب والتكنولوجيا والابتكار»، أقيمت «تيكاد ٧»، فى مدينة «يوكوهاما» اليابانية، أواخر أغسطس ٢٠١٩، برئاسة مصرية يابانية، وبمشاركة قادة وزعماء غالبية الدول الإفريقية، وناقشت التحولات الاقتصادية، تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الأمن والاستقرار والسلام. وفى ضوء ما عكسته أعمالها من إرادة سياسية مشتركة، دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى كلمته خلال الجلسة الختامية، جميع المؤسسات والشركات اليابانية والعالمية، ومؤسسات التمويل الدولية للتعاون والاستثمار فى إفريقيا، لافتًا إلى أن أسواق إفريقيا مفتوحة، والظروف الاستثمارية مهيأة، والرغبة موجودة للتعاون مع كل الشركاء.
.. وتبقى الإشارة إلى أن العلاقات المصرية اليابانية، القوية والراسخة، ترتكز على الاحترام المشترك، والمنفعة المتبادلة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية. وقد تكون الإشارة مهمة أيضًا إلى أن التعاون الثلاثى بين مصر، اليابان وقارة إفريقيا، تنظمه اتفاقية موقعة سنة ١٩٨٩، وتعززه «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية» بجهودها الرامية إلى دعم التكامل الإفريقى.