مصريون من الفلبين!
فعاليات «ملتقى لوجوس الثالث للشباب الأقباط فى الخارج»، بدأت أمس الأول، السبت، وتستمر حتى السبت المقبل، تحت رعاية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويشارك فيها نحو ٢٠٠ فتاة وشاب من مختلف إيبارشيات الكرازة المرقسية فى ٣٠ دولة، غير أن ما استوقفنا كان الإعلان عن مشاركة «شباب مصريين من الفلبين»، لأول مرة، حسب البيان الصادر أمس عن وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج.
تقع جمهورية الفلبين فى جنوب شرق آسيا، غرب المحيط الهادى، وهى عبارة عن أرخبيل مكون من ٧٦٤١ جزيرة، إجمالى مساحتها ٣٠٠ ألف كيلومتر مربع، أى أقل من ثلث مساحة مصر، ويقترب عدد سكانها من ١١٠ ملايين نسمة، وتشير التقديرات إلى وجود ١٢ مليونًا آخرين فى الخارج، من بينهم مليونان تقريبًا فى مصر، إيران، العراق، ليبيا، السعودية والإمارات، ما يجعلها من كبرى الدول المصدرة للعمالة.
العلاقات المصرية الفلبينية تمتد لأكثر من ٧٦ سنة، ويجمع البلدين العديد من أوجه التعاون، وبينهما اتفاقية تم توقيعها، سنة ٢٠١٤، لتشكيل مجلس أعمال مشترك. وفى فبراير الماضى، استقبلت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة السابقة، عزالدين تاجو، سفير الفلبين بالقاهرة، لبحث سبل التعاون وتبادل الخبرات فى ملف الهجرة والمهاجرين. وقالت وزيرة الهجرة، فى بيان، إن تجربة الفلبين فى التعامل مع مواطنيها بالخارج تعد نموذجًا مهمًا نسعى للاستفادة منه. وفى ٢٧ يوليو الماضى استقبلت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، السفير نفسه، وبحثا سبل التعاون بين البلدين، خاصة فى ملف العمالة غير المنتظمة.
فى ظل تشابه الظروف الاجتماعية والاقتصادية بين الدولتين، تسعى الفلبين، كما قال سفيرها بالقاهرة، إلى الاستفادة من التجربة المصرية فى مجال الحماية الاجتماعية والتأمينية. ومع أن نمو الاقتصاد الفلبينى تباطأ بشكل ملحوظ، بسبب تأثيرات وباء كورونا، ثم الأزمة الأوكرانية، طبقًا لما أعلنه أرسينيو باليساكان، وزير التخطيط الاقتصادى، منذ أيام، إلا أن الفلبين لا تزال بين الاقتصادات الأسرع نموًا فى آسيا، ما يعزز خطط الرئيس فرديناند ماركوس الابن، لتعزيز البنية التحتية وتوفير فرص العمل والقضاء على الفقر.
الكلام، كما ترى، جميل ومعقول، وقد يبدد نسبيًا غرابة وجود مصريين يعيشون ويعملون فى واحدة من كبرى الدول المصدّرة للعمالة. لكن ما ليس جميلًا على الإطلاق هو أن يكون بينهم إرهابيون، كذلك الذى لقى مصرعه سنة ١٩٩٧ وهو يشارك فى إحدى العمليات التى تشنها «جبهة مورو الإسلامية» ضد الجيش الفلبينى، أو ذلك الذى قامت الشرطة الفلبينية، فى ٢٠٠٧، بإلقاء القبض عليه لاعتزامه تنفيذ تفجير فى جنوب الأرخبيل غداة عيد الميلاد، و... و... وصولًا إلى إلقاء القبض، فى فبراير ٢٠١٨، على مصرى، مع عشيقته الفلبينية، لقيامه بتجنيد مسلحين محليين، فرضوا حصارًا على مدينة ماراوى، سنة ٢٠١٧: عاش سنوات فى سوريا وتنقل بين تركيا وماليزيا، ثم وصل إلى مانيلا، فى يونيو ٢٠١٦، بجواز سفر تونسى مزور.
أما أكثر الحالات غرابة، وأحدثها، فحدثت فى أبريل ٢٠٢١ حين تبادل الجيش الفلبينى إطلاق النار مع مجموعة من المسلحين، فى قرية إجاسان، على بعد ألف كيلومتر جنوب مانيلا، وكان أحد الذين لقوا حتفهم إرهابيًا مصريًا، اتضح أنه نجل انتحارية مصرية، ماتت فى سبتمبر ٢٠١٩، خلال هجوم على وحدة عسكرية. والاثنان، الأم وابنها، حسب الجنرال ويليام جونزاليس، قائد قوة مكافحة الإرهاب، كانا ينتميان لتنظيم «داعش»، المتحالف مع جماعة «أبوسياف» أكثر الجماعات الإرهابية عنفًا فى الفلبين.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الشباب المصريين المقيمين فى الفلبين، أو الذين صاروا منها، وباقى المائتين المشاركين فى فعاليات «ملتقى لوجوس الثالث»، سيلتقون الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى مقر المجلس بمدينة العلمين، بحضور قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية. كما يتضمن البرنامج الذى أعدته لهم وزارة الهجرة جولة فى قصر عابدين بالقاهرة، وزيارة الأهرامات وقناة السويس الجديدة والكنيسة المعلقة وديرى الشهيدين أبوسيفين بمصر القديمة وكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة ومتحف الحضارات، و... و... والعديد من معالم مصر.