أمانة المسئولية
لا يختلف أحد على تلك المهام الجسام التى يتحملها الرئيس عبدالفتاح السيسى خاصة خلال تلك المرحلة الصعبة التى تمر بها البلاد على كل الأصعدة داخليًا وخارجيًا.. ولعل من أصعب المهام التى يحاول سيادته دائمًا القيام بها هى طمأنة المواطن المصرى البسيط الذى يمثل بالنسبة له الأهمية الأولى فى مسئوليته عن إدارة شئون العباد قبل البلاد.
وفى هذا الإطار جاء لقاء الرئيس مع أبنائه من طلبة الكلية الحربية منذ عدة أيام حيث تحدث معهم عن عدة قضايا وموضوعات تتعرض لها البلاد حاليًا منها قضية الأمن المائى مؤكدًا مسئوليته عنها بقوله تحديدًا، «إن قضية سد النهضة لا تستلزم الاندفاع والصوت العالى بل يجب أن يكون التحرك فيها بهدوء وتفاوض وصبر وأيضًا بالقدرة والعمل وأن مياه مصر أمانة فى رقبتنا جميعًا وفى رقبتى ومحدش هيمسها إن شاء الله».
هكذا تدار الأزمات بعيدًا عن التصريحات الجوفاء التى لا طائل من ورائها سوى الإثارة والقلق وأعتقد أن هناك من يحاولون القيام بهذا الدور من خلال شبكات التواصل الاجتماعى أو التصريحات لوسائل الإعلام الممولة من الخارج.
يمتلك الرئيس الرؤية الكاملة التى تجعله قادرًا على إدارة الملفات المختلفة رغم كثرتها وصعوبتها لأنه يملك «المعلومة» ولا يستنتجها.. فسياسته تقوم على امتلاك المعلومات أولًا ثم تحليلها ودراستها لاتخاذ القرارات الرشيدة التى تتواءم مع حجم المعلومة وخطورتها ومدى تأثيرها.. وفى الوقت نفسه فهو يمتلك الأدوات التى تجعله يتخذ تلك القرارات وهو يعلم أن لديه القدرة السياسية على تنفيذها.. وأيضًا القدرة العسكرية إذا لزم الأمر.
يعلم الرئيس أن هناك من يزايدون على موقف مصر من القضايا المختلفة ومن بينها سد النهضة ويعلم نواياهم.. كما يعلم أن تلك القضية هى جزء من مسلسل تاريخى ضد مصر وشعبها للنيل من أهم مرتكزاتها إلا وهى حصتها المائية من نهر النيل ومن هنا فإن سيادته يسعى دائمًا لطمأنة الشعب المصرى والتأكيد على الموقف الجاد والحاسم الذى يتخذه سيادته حيال هذا الملف تحديدًا وبالتالى فإنه يجب ترك هذا الموضوع لمن يمتلك المعلومة والقرار الرشيد دون أن ننساق إلى تلك الأبواق التى تبنى رؤيتها على الشائعات والحسابات الخاطئة.
وتأتى أمانة المسئولية التى يحملها الرئيس على عاتقه بكل شرف وإخلاص حتى من قبل أن يتولى إدارة شئون البلاد فى اختيار الأسلوب الأمثل لمعالجة القضايا المهمة التى تكون مصر طرفًا فيها أو حتى تلك القضايا التى لا تكون طرفًا فيها وهنا نشير إلى الموقف المعتدل من الأزمة الروسية – الأوكرانية وأيضًا من الأزمة الصينية فهى لن تنحاز إلى طرف على حساب الطرف الآخر بل إنها تسعى دائمًا إلى تبنى الحلول السلمية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة أجنبية أو حتى عربية.
كذلك الحال أيضًا فيما يتعلق بشئون مصرنا الغالية الداخلية، فإن المسئولية التى يتحملها الرئيس أمام أبناء الوطن جعلته يتحرك فى جميع اتجاهات التنمية بكل أشكالها نذكر منها على سبيل المثال القضاء على العشوائيات والمبادرات المتعددة فى المجالات الصحية وتوسيع رقعة الأرض الزراعية وصولًا إلى مبادرة حياة كريمة التى سوف تحول مصر بالفعل إلى جمهورية جديدة قولًا وفعلًا يتحقق فيها جميع سبل الرقى والتحضر فى كل مناحى الحياة.. وعلى الصعيد السياسى فها هو الرئيس يطلق مبادرته للحوار الوطنى الذى يشارك فيه جميع أطياف المجتمع المصرى وجميع طبقاته الاجتماعية وكوادره السياسية والثقافية والاجتماعية وصولًا إلى وضع قواعد وقوانين ورؤى جديدة تتماشى مع الواقع الذى يسعى الرئيس لتحقيقه فى الجمهورية الجديدة التى سوف تتسم بكل ما تتسم به القوى المعتدلة فى العالم، سواء من حيث امتلاك القدرة والقوة إلى وضع سياسى مستقر ومتناغم داخليًا وصولًا إلى علاقات متوازنة مع جميع دول العالم بالشكل الذى يكسبنا احترام هذا العالم الذى يحاول أعداؤنا استفزازه بإثاره قضايا حقوق الإنسان والحريات وإباحة أمور تتناقض تمامًا مع الديانات السماوية التى نؤمن بها جميعًا كما تتناقض مع أخلاقنا ومبادئنا وقيمنا.
ثم جاء التعديل الوزارى الأخير فى إطار من المعطيات الجدية التى استوجبت أن تحدث تغييرات فى هذا العدد من الحقائب الوزارية من منطلق أن هناك ملفات جديدة سوف تفتح فى تلك الوزارات وهناك ملفات ما زالت مفتوحة فى الوزارات الأخرى تستوجب بقاء قياداتها إما لحسن أدائهم أو لاستكمال مهامهم الموكولة إليهم.
كل هذا بطبيعة الحال لن يتحقق بجهود الرئيس بمفرده، ومن هنا فقد استمر سيادته أمام أبنائه- من طلبه الكلية الحربية الذين سوف يتحملون شرف مسئولية الدفاع عن الوطن وأمنه وأمانة- فى شرح رؤيته لهم فى إطار توعيتهم لتحمل أمانة تلك المسئولية ،حيث أشار سيادته إلى أن كل هذا بالإضافة إلى وجود جيش قوى مدعم بأحدث وسائل العلوم والتكنولوجيا والتدريب، إلا أنه يتطلب ضرورة العمل على بناء الوعى معتمدين فى ذلك على العديد من الأدوات، من بينها أدوات خاصة بالمجتمع كالإعلام والتعليم ودور العبادة والأسرة، مشيرًا إلى أن هذه العناصر سوف تسهم فى بناء الشخصية المصرية السوية، وأن حدوث أى خلل فى أى عنصر من هذه العناصر سيكون له انعكاس على الاستقرار الداخلى للشخصية، ثم على المجتمع ككل بصفة عامة.
هكذا تكون القيادة تضع الحقائق أمام شعبها وتطالبه بالمساعدة والمساهمة من إيجاد حلول لها وصولًا إلى مجتمع قوى مستقر رشيد ينظر إلى مستقبله نظرة ملؤها الثقة والوعى بما يدور حولنا.. مجتمع متماسك مترابط صامد أمام التحديات التى تواجهه «إنها أمانة المسئولية يا سادة».. تحيا مصر.