الورد اللى فتح فى جناين مصر «2».. فنانون تشكيليون: «لم نصدق أن الفن حرام»
يشاركون فى معرض «البداية» لخريجى كليات الفنون الجميلة الموهوبين فى كل أنحاء الجمهورية
نادر كمال: عملى يعبر عن الصراع الأبدى بين الخير والشر
ريم القصيفى: أرى البشر أكثر رعبًا من الأشباح فى «دفء بارد»
إيمان ماجد: جسدت زميلتى نيرة أشرف بـ«أرنب صغير مذبوح»
أحمد مجدى: الفن وسيلة للإيمان.. ونعانى من افتقاد الناس الثقافة البصرية الكافية
تقى أبوريان: الفنان مثل الطبيب.. ممكن يوظف موهبته فى حلال أو حرام
رحمة النجار: أذان مسجد ابن طولون ألهمنى «السماح بالرحيل»
مينا أسامة: «سيدة المشهد» مستمدة من خطيبتى والإسكندرية
كان الفن المصرى أهم ما استهدفه المتطرفون فى هجمتهم الشرسة على مصر خلال نصف قرن، ورغم أن جذور الفن التشكيلى فى مصر تمتد لبدايات القرن الماضى، ورغم أنها أثمرت ثمارًا يانعة من محمود مختار إلى محمود سعيد، ومن سيف وانلى إلى عبدالهادى الجزار.. ومن إنجى أفلاطون إلى جاذبية سرى.. وصولًا لجيل السبعينيات فى الفن التشكيلى المصرى الذى ضم أسماء لامعة مثل محمد عبلة، وعادل السيوى، وعلى عاشور، وآخرين لا يقلون أهمية.. رغم كل هذا لا بد أن نعترف بأن ثمة انقطاعًا معرفيًا بدأ مع فتاوى تحريم الفن وتجريف كليات الفنون الجميلة وتراجع مستواها وأن ذلك على مستوى أجيال متتالية من الفنانين المصريين فى أجيال التسعينيات وما تلاها.. وربما كان هذا هو السبب الذى دفع وزارة الثقافة لإقامة معرض للفنانين الشبان من خريجى كليات الفنون والتربية الفنية فى جامعات مصر المختلفة تحت اسم «البداية»، والهدف تشجيع الأجيال الجديدة من الفنانين وإلقاء الضوء على تجاربهم، وإشعارهم باهتمام المجتمع بما يقدمونه من فنون، ولا تعنى هذه الخطوة المهمة أن جميع المشاكل قد تم حلها، ولكنها تعنى أننا نسير على الطريق الحديث.. «الدستور» حاورت عددًا من الفنانين الشبان الذين شاركوا فى المعرض لتعرف كيف يفكرون؟ وما هى نظرتهم للفن؟.. وهل تأثروا بفتاوى التحريم التى انتشرت وهم ما زالوا أطفالًا صغارًا؟، أيًا كانت الإجابات فإننا نضع كبار فنانينا التشكيليين أمام مسئوليتهم فى التواصل مع الأجيال الجديدة فى الفن، ونقل خبراتهم ورؤيتهم لهم، ونطلب من وزارة الثقافة أن تنظم مثل هذا الملتقى الذى يساعد فنانينا الشبان فى مزيد من فهم رسالة الفن ودوره فى الحياة.
أحمد مجدى
البداية مع الفنان أحمد مجدى، من كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، ومجموعة لوحاته التى تحمل اسم «المقهى»، وهى لوحات منفصلة متصلة تشكل مشهدًا واحدًا.
سألنا «مجدى» عن سر المعاناة والخواء فى هذه اللوحات، سواء فى البشر أو المكان، إلى جانب وجود حضور طاغى للمكان؟ فقال: «هذا العمل مستوحى من أحوال ومعاناة الطبقة المتوسطة، الموظفين والفقراء، لأن المقهى هو المكان الذى تجتمع عليه هذه الفئة المجتمعية».
وأضاف: «فى هذه اللوحات أتحدث عن الناس، الموظف والشاب والمتقاعد، وبالطبع القهوجى، وهو الشخص الذى يحكم إغلاق المشهد، وهو غالبًا ما يكون أكثر الشخصيات المُعدمة فى المكان، ومن غيره لن تبقى فى المكان هذه الروح».
وواصل: «غالبية الشخصيات فى حالة تأمل أو انتظار وتململ وليس خواء، بل بالعكس هم مليئون بالمشاكل. أما خواء المكان فهذا له علاقة بالتوقيت المناسب لنقل القضية نفسها، وهو توقيت انتهاء وردية العمل بالنسبة لهذه الشخصيات، خاصة أن هذا المقهى موجود خلف محكمة الإسكندرية الابتدائية، ويجلس عليه كل الفئات التى تعانى من مشاكل وكذلك الموظفون».
واسترجع بدايته مع الرسم، التى كانت فى حصص الرسم بالمدرسة، لكن البداية الحقيقية كانت فى امتحان قدرات كلية الفنون الجميلة، لـ«أننى بدأت أفهم إزاى هوظف اللى أنا اتعلمته فى المدرسة بشكل أكاديمى، ولو كان بدائى بعض الشىء»، وفق «مجدى».
وكشف عن أن أكثر التيارات الفنية تأثيرًا فى أعماله هى المدرسة الإيطالية فى الفن التشكيلى، التى تعتبر اتجاهًا أكاديميًا بحتًا، كما أن هناك اتجاها ثانيًا هو «Syncritism»، الذى يدمج بين اتجاهين أو مدرستين أو أسلوبين فى عمل فنى واحد، وهو مستمد من الحضارات القديمة، وبدأ الفن التشكيلى فى العودة إليه من جديد.
وينظر «مجدى» نظرة تشاؤمية إلى الوضع الحالى للفن التشكيلى، معتبرًا أن «الفن بقى شىء ترفيهى ليس إلا، وحتى مش للكل، هو مقتصر فقط على الناس العاملين فى المجال، أو المهتمين باقتناء الأعمال الفنية، وغير كده الناس معندهاش الثقافة البصرية الكافية لفهم اللى بيعمله الفنان التشكيلى».
وأضاف: «مش كل الفنانين التشكيليين مدركين لهذا الأمر، والفنان بيتعامل مع الفئة اللى مهتمة بالفن وفهماه، وده حقه لأنه عاوز يكون موجود فى الساحة الفنية، بس التصرف ده عمل صدع بين الفنان والمجتمع ككل، وده كان سبب إن المجتمع بقى يبحث عن الشىء اللى يفهمه، حتى لو كان إسفاف، وطبعًا الفن التشكيلى فن راقى».
ماذا إذن عن القيود المجتمعية أو الدينية على الفنان من وجهة نظر أحمد مجدى؟
أجاب: «بالنسبة للفتاوى أنا مش حابب أرد على حاجة زى دى غير إن الله جميل يحب الجمال، وطالما غرض الفن هو تأمل قدرة الخالق، على أساس إيه حد يحرمه؟».
واعتبر أن «الحاجة الوحيدة اللى ممكن نقول إنها حرام هى التعرى، غير إن فيه كمان فن إسلامى، وغرضه أيضًا كان تأمل قدرة الخالق وتوحيده والإيمان به»، متابعًا: «أعود وأقول: أنا مش عالم دين عشان أتكلم فى حلال وحرام، وأكيد عالم الدين هو اللى يقول حاجه زى دى مش أنا، أنا بستفتى قلبى ومش شايف إن ده غلط».
ونفى وجود أساتذة يرفضون بعض الأعمال التى يوجد بها «تعرى»، أو وجود أى تضييق على من يريد رسم هذا النوع، قائلًا: «بالنسبة لأساتذتنا مرفضوش ده لأننا مطلبناش نرسمه أصلًا، وحتى لو فى حد من الطلبة رسمه، فده كان لغرض تعليمى هو معرفة نسب الجسم وليس أكثر».
وتحدث عن الأشياء المؤثرة فى وجدانه وإلهامه الفنى، التى تتصدرها البيئة السكندرية، خاصة أنه من منطقة بحرى أو الأنفوشى، حيث كل شىء مختلط ببعضه البعض، وتستطيع هناك أن تكون مثقفًا وفى الوقت نفسه «ابن بلد عايش وسط ناس بسيطة».
وأضاف: «هناك حضارة، وخبرات حياتية وإحساس بمعاناة هذه الطبقة التى عبرت عنها من خلال لوحتى، وكطالب فى الفنون الجميلة، لديه ثقافة بصرية كافية من الأعمال الفنية، حاولت توصيل رؤيتى لكل الفئات وليس فقط النخبة أو من لهم علاقة بالفن».
واختتم بالكشف عن الفنانين المؤثرين فيه، والذى يختلف التأثر بهم وتفضيلهم بالمرحلة التى يقف فيها كل فنان، وفق «مجدى»، مضيفًا: «الآن يؤثر فى عدد من الفنانين، هم: حسن سليمان وعبدالهادى الجزار، وعلى المستوى العالمى تأثرت برامبرانت وإدوارد هوبر».
تقى أبوريان
تشارك الفنانة تقى أبوريان، خريجة كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، فى معرض «البداية» بتمثالى «حماية» و«النبتة الأولى»، اللذين تعتبرهما مشروعًا متكاملًا مترابطًا وليسا عملين منفصلين.
وقالت «تقى»: «المشروع يضم أكثر من عمل، وهو مستوحى من تجربة شخصية حقيقية فى التعافى من صدمات النشأة، ويعبر عن رحلتى مع العلاج النفسى، وأن التعافى الحقيقى يحتاج اصطدامنا بعلاقة صحية تنفى المعتقدات الخاطئة التى كوناها فى طفولتنا عن الحب والتعاطف والعلاقات، وأن العلاقة يجب أن تكون مليئة بحب وتقبل غير مشروطين، رغم عدم مثاليتها أو مثالية أحد أطرافها».
وأوضحت أنه «فى (النبتة الأولى) أعبر عن علاقة الأب والأم ببعضهما البعض، التى حينما تكون صحية تنعكس بالإيجاب على النبتة وهم الأطفال، الذين سيخرجون وقتها فى بيئة صحية مليئة بالحب والتقبل والدعم»، مضيفة: «مؤمنة جدًا بأن أى مشاعر بين الوالدين تؤثر على الأبناء فى كل الأحوال، ومن المستحيل خلق بيئة صحية للأطفال وسط علاقات سامة من البداية».
واسترجعت بدايتها مع الرسم أو الفن التشكيلى عمومًا، قائلة: «علاقتى بالرسم بدأت قبل أن أتعلم الكتابة، مثل أى طفل يميل إلى الرسم فى بداية حياته، ثم يُكمل فى هذا الطريق أو يتوقف فيه مع الوقت، لكنى كنت كل ما أكبر علاقتى بالرسم تتطور جدًا».
وأضافت: «استخدمت الرسم للتعبير عن نفسى، وعما أشعر به فى أى لحظة من اللحظات، وكان دائمًا الطريقة الأسهل أمامى كى أحكى عن أى شىء بداخلى، ولما تعلمت النحت أضاف إلى بُعدًا آخر ومساحة أكبر للتعبير إلى جانب الرسم».
وأشارت إلى حرصها على متابعة التيارات الفنية المختلفة، وهذا شىء فى غاية الأهمية لأى فنان، لكن أكثر مدرستين تميل لهما هما «التجريدية» و«السريالية»، متابعة: «أعتبر الفن لغتى الخاصة، وأهتم أكثر بالمعنى والإحساس الذى أرغب فى إيصاله، حتى لو شكله طبيعى أو مألوف، وأحب أن أعرف كيف يعبر الفنانون عن أفكارهم بالفن».
سألناها: «كيف تنظرين إلى وضع الفن فى المجتمع حاليًا؟»، فرأت أنه «سؤال فى غاية الصعوبة»، لأن المجتمع الحالى منقسم إلى حد ما فى كل شىء، بما فيه الفن بالطبع، فأصبح كل نوع فن له تأثير مختلف على كل طبقة اجتماعية، وكل طبقة تقبل بألوان مختلفة تمامًا عن الطبقات الأخرى.
ماذا إذن عن فتاوى تحريم الرسم وغيرها من صور التضييق على مساحة الفنان وخصوصيته واختياراته؟
أجابت «تقى»: «طبعًا أنا مش أهل فتوى، لكن فى فترات مختلفة كنت مهتمة أفهم ليه فى ناس بتعتبر الفن حرام، وهل هو حرام فعلًا ولا لا؟.... وبعد بحث وصلت إلى أن الفن زيه زى أى مجال تانى، ممكن يكون حلال وممكن يكون حرام، على حسب استخدامه وتطبيقه».
وأضافت: «العمارة فن من الفنون التى ازدهرت جدًا فى عصور الحكم الإسلامى، وأثارها موجودة إلى وقتنا هذا، واستخدامات الفن المختلفة حولنا فى كل مكان، نستخدمه فى كل شىء، تصميمات ومجسمات ومبانٍ وملابس، وحتى العلاج النفسى يستخدم الفن مع حالات معينة، وفى المقابل، فى ناس بتستخدم الفن استخدامات لا يمكن الاختلاف على أنها حرام».
وخلصت إلى أن «الفنان فى هذا مثله مثل الطبيب الذى يمكن أن يستخدم مهنته وعلمه وموهبته بشكل محرم، أو بشكل يخدم البشرية والإنسانية»، مختتمة حديثها فى هذه النقطة بالقول: «مش شايفة إن التطرف الدينى فى مصر يوصل لمرحلة إنه يأثر على الفن، التطرف فى الأفكار بشوفه دائمًا ضعيف، وعدد المتطرفين قليل جدًا، ولا وجود لتأثيرهم على ثقافة المجتمع ككل».
وشددت «تقى»، التى تحب بشدة كتاب «أبى الذى أكره» للدكتور عماد رشاد عثمان، وكذلك فيلم «الباب المفتوح»، على أن الفن «يحتاج إلى فهم مشاعر الإنسان المختلفة وأفكاره وحتى اضطراباته، والفن التشكيلى خاصة يحتاج إلى اطلاع كثير جدًا، لذا أحاول استغلال كل مصدر أستطيع من خلاله الاطلاع على تقنيات وتحليلات مختلفة وخامات جديدة، وفكر العديد من الفنانين».
ريم القصيفى
«دفء بارد» هو العنوان الذى اختارته الفنانة ريم القصيفى، خريجة كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، للوحة التى تشارك بها فى معرض «بداية».
اللوحة تضم جذورًا لشجرة يخرج منها كائن أشبه بالشيطان، فى عالم يبدو خياليًا وغرائبيًا أشبه بالغابة، لكن فى نفس الوقت هناك وجود لخبر عن استشهاد بعض الأفراد.
وشرحت «ريم» ما تقصده من وراء هذه اللوحة، قائلة إن هناك جملة تعبر عنها بشكل واضح، وهى: «لم يكن ليليق بتلك الملامح البريئة أن تصبح أرواحًا معذبة.. أن تصبح بتلك البرودة.. والجمود والحزن.. والغضب»، مضيفة: «الأشباح ليست مصدر الشر، الأشباح مرعبة أحيانًا، لكن البشر مرعبون أكثر بكثير».
وأضافت: «فى هذا المشروع أتحدث عن العنف الذى يتعرض إليه الأطفال، والجرائم الحقيقية التى تحدث لهم، وكل طفل فى اللوحة أصبح وكأنه شبح مرعب، لكنه لا يزال طفلًا بريئًا تعرض لظلم ما».
وواصلت: «بالرغم من أن هذا الطفل ميت، والخوف يكون من الأموات أو الأشباح، لكنه فى الحقيقة هو ضحية فى هذا الموقف وليس مصدرًا للشر، بل مصدر الشر الحقيقى هم البشر المتسببون فى كل هذا الظلم».
وماذا عن الغراب الضخم الذى يبدو وكأنه يسيطر على اللوحة؟ هل وجوده جاء من خلفية دينية؟
أجابت «ريم»: «قرأت أن الغراب هو الطائر الوحيد الذى لا يطعم أولاده، بل يحصل على الطعام ويذهب إلى العش لكى يأكل أمامهم، فيحاول الأطفال حينها أن يأكلوا ويطعموا أنفسهم عن طريق سائل لزج تلتصق فيه الحشرات، فشعرت بأن هذا تشبيه للبشر أو المجتمع، بصفته الحامى لهؤلاء الأطفال».
واسترجعت خريجة فنون جميلة بجامعة حلوان تفاصيل علاقتها بالرسم، التى بدأت منذ كانت طفلة، فحينها اكتشف أن حصة «التربية الفنية» هى المفضلة بالنسبة لها، كما كانت هناك «أستاذة جميلة حببتنى فى الفن».
وكشفت عن متابعتها الكثير من التيارات الفنية، ولا تقتصر فى ذلك على تيار بعينه، لأنه «بالنسبة لى كله فن يستحق يتشاف بغض النظر أنا بتبع أو بميل لأى تيار».
ورأت أن الفن يحتاج مساحة أكبر، وأن يتم الترويج له بصورة أوسع بين العامة، حتى لا يكون مقتصرًا على محبى الفن فقط، معتبرة أن «المجتمع مغلق على نفسه، وناسه مش بيحاولوا يطلعوا بره المساحة دى».
وتطرقت إلى القيود المجتمعية والدينية على الفن، قائلة: «بالنسبة للفتاوى، أنا شايفة إن كل إنسان عارف جواه إيه، وعارف غرضه ونيته إيه من اللى بيعمله، وده كفاية. يعنى أنا عارفة إن ربنا أفضل فنان وأحسن خالق، وإحنا ناس جوانا موهبة بنحاول نطلعها وننميها مش بنخلق شىء. إحنا عارفين حدودنا».
إيمان ماجد
بعناصر غير بشرية تتمثل فى أرانب وذئب يجلس فى سكينة بجوار رجل وحيد، تتميز لوحة «قانون الطبيعة»، التى تشارك بها فى المعرض الفنانة إيمان ماجد، خريجة كلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة.
وقالت «إيمان» عن اللوحة: «فكرتها تتحدث عن الصراع بين الخير والشر منذ بداية الخليقة، فالشجرة ترمز إلى أول خطأ بشرى حين أكل سيدنا آدم من الشجرة المحرمة، ثم تبعتها باقى الأخطاء البشرية».
وأضافت: «قُسمت اللوحة إلى ثُلث وثُلثين، صورت فى واحد منها الشر الكامن فى الرجل، الذى يبدو عليه الوقار والحكمة، لكن الشر والمكر يظهران فى الدم الموجود على يديه، والطعم الذى ألقاه لصيد الأرانب، وكذلك الذئب الذى يدل على مكر الرجل وغدره بالبقية».
أما الثُلثان المتبقيان فجسدت «إيمان» فيهما الخير، عن طريق ٣ فتيات يعبرن عن الرحمة والسلام والرعاية بالحيوان، ووجود الأرنب يوضح مدى براءتهن وجمالهن، ويصف كم هن ضحايا أبرياء، وفق «إيمان».
وواصلت: «تأثرت فى اللوحة بحادثة قتل نيرة أشرف، الفتاة البريئة التى قتلت أمام بوابة جامعتى، حيث كنت فى ذلك اليوم داخل الامتحان، وبسبب القرب الشديد لكليتى من البوابة، سمعت صوت صراخها أثناء الامتحان، لذا قررت يومها تمثيل الحدث بأرنب صغير برىء تم ذبحه مُلقى بجانب الرجل والذئب، لإخراج ما بداخلى من مشاعر تجاه هذا الحدث».
وكشفت عن تأثرها الكبير بملحمة «الكوميديا الإلهية»، خاصة فى وصف الجحيم والنعيم، حيث يستقر الأخيار والأشرار ويلقون نهايتهم، متابعة: «فى لوحتى استخدمت بعض الرموز المستمدة من ذلك، فالخاطئون المعذبون فى الجحيم عبرت عنهم بالدم والثعلب، بينما الأخيار استخدمت العصافير وغزالة رقيقة».
رحمة النجار
يتجسد حضور قوى للمآذن بكل ما توحى به من دلالات، فى لوحة «السماح بالرحيل» للفنانة رحمة النجار، خريجة كلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، خاصة مأذنة مسجد أحمد بن طولون فى حى السيدة زينب.
وقالت «رحمة» عن هذه المآذن: «احتجت التعبير عن المراحل التى يمر بها الشخص الذى تعرض لصدمة نفسية فى حياته، وكيف يتخلص منها، فبحثت عن مكان يعبر عن ذلك، ولم أجد أفضل من مسجد أحمد ابن طولون».
وأضافت: «كنت فى زيارة إلى المسجد لرسم اسكتش هناك، وحين سمعت صوت الآذان شعرت بأنه بعث راحة فى قلبى، فأحببت المكان وقررت توظيفه فى اللوحة».
وواصلت: «وضعت الموديل التى تعبر عن الماضى على اليمين فى المنظور الداخلى للمسجد، من أجل التعبير عن الضيق الذى يشعر به الشخص فى هذه الفترة، بعد ذلك وضعت باقى المراحل فى المنظر الخارجى، من أجل التعبير عن السماح بالرحيل والحرية، فى آخر موديل على الشمال».
وعن أكثر الأشياء المؤثرة فى حياتها وفنها، قالت خريجة جامعة المنصورة: «الفنان المفضل لى هو رامبرانت، الذى أثر فى للغاية، إلى جانب كتب الدكتور محمد طه فى علم النفس، وتماثيل نابليون الستة لآرثر كونان دويل».
مينا أسامة
«خطيبتى ومدينتى الإسكندرية هما مصدر الإلهام».. بهذه الجملة بدأ الفنان مينا أسامة، خريج كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، الحديث عن لوحته «سيدة المشهد»، التى تتميز بظهور طاغٍ للأنثى، إلى جانب بعض المعالم المهمة فى مدينة الإسكندرية.
وقال «أسامة»: «صورت مدينتى الإسكندرية فى حالة غير مألوفة حالمة، حيث الشوارع فارغة هادئة نظيفة، وبراح من الفضاء الذى يعطى إحساسًا بالتنفس، وبالنسبة للمرأة، شهد تاريخ الفن التعبير عن المرأة بوصفها رمزًا للجمال والسعادة والاحتواء والخصوبة والأرض والوطن».
وأضاف: «ترتبط المرأة بجميع المعانى الحيوية، فى ظل كون جسدها حاويًا للروح الإنسانية، والحيز الذى يحتضن أو يحتوى هذا الجسد يحمل هو أيضًا دلالات تُضفى معانى أخرى، ومن هنا ارتكزت أعمالى على تصوير المرأة فى مشاهد متنوعة، والمشهد هنا يتمثل فى مدينة الإسكندرية فى حالة غير معتادة، وتقُف المرأة متصدرة المشهد فى حالة من الجمال والبهاء لتصبح هى سيدة المشهد».
وكشف عن اطلاعه على لوحات عدد من الفنانين المؤثرين فيه بقوة، مثل الفنان محمود سعيد، وويليام بوغيرو، كما أنه يحب سماع نجاة الصغيرة، ويجد لها تأثيرًا على عمله الفنى.
نادر كمال
فى لوحة «صراع أبدى» للفنان نادر كمال، خريج كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، تبدو معركة تدور بين كفتين فى بيئة أشبه بالغابة.
وشرح «كمال» أن «العمل كفكرة مبنى على الصراع الأبدى بين قوتى الخير والشر، اللذين دائمًا ما يكونان فى حالة صراع، منذ بداية التاريخ، وكل طرف منهما ينتصر فى زمن مختلف».
وعما يؤثر عليه فنيًا، قال إن الذاكرة الفنية لمعظم الفنانين تتكون من الاطلاع على أعمال فنانين آخرين، سواء كانوا أجانب أو مصريين، كما أن هناك مصادر للمعرفة مثل مكتبة الكلية أو الإنترنت.
وأضاف أنه من الكتب يحب رواية «أغنية الجليد والنار»، لـ«جورج ر. ر. مارتن»، و«تاريخ الفن المصرى القديم» لـ«محرم كمال»، و«الكوميديا الإلهية» لـ«دانتى».
أما قائمة الفنانين التشكيليين المفضلين لديه فتضم كلًا من: فاطمة عبدالرحمن وعوض الله طه وأحمد صابر، إلى جانب فرانثيسكو جويا وأنطونى فان ديك على المستوى العالمى.