مصر والهند.. 75 سنة
ثلاثة أيام فقط فصلت بين استقلال الهند وبداية العلاقات الدبلوماسية المصرية الهندية. واحتفالًا بمرور ٧٥ سنة على ذلك اليوم، أو باليوبيل الماسى، أطلق البريد المصرى، الأربعاء الماضى، طابعًا تذكاريًا، وأعلنت السفارة الهندية بالقاهرة عن بعض فعاليات الدورة المقبلة من مهرجان «الهند على ضفاف النيل»، التى تقام فى أكتوبر المقبل، وتوقّعت أن تشهد العلاقات بين البلدين نموًا ملحوظًا فى المستقبل القريب.
بخلاص الهند من المستعمر البريطانى فى ١٥ أغسطس ١٩٤٧، صارت ثانى أكبر الدول المستوردة للقطن المصرى، بعد فرنسا، وصارت مصر أكبر دول الشرق الأوسط استيرادًا للشاى الهندى، وتوطدت العلاقات بين الدولتين بتوقيعهما معاهدة صداقة، سنة ١٩٥٥، وبمشاركة الزعيمين جمال عبدالناصر وجواهر لال نهرو، خلال السنة نفسها، فى مؤتمر باندونج، قبل أن يتشاركا، سنة ١٩٦١، فى تأسيس حركة عدم الانحياز، أو الطريق الثالث للدول قررت عدم الانضمام إلى إحدى الكتلتين، الشرقية والغربية، خلال الحرب الباردة.
وصلًا لما كان قد انقطع، أو كاد، ومع التحركات الكثيرة، التى قامت بها دولة ٣٠ يونيو، لاستعادة دور مصر المحورى، إقليميًا ودوليًا، وتوسيع وتنويع قاعدة صناعاتها الوطنية وتعزيز قدراتها العسكرية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، زار الرئيس عبدالفتاح السيسى الهند فى ٢٩ أكتوبر ٢٠١٥، للمشاركة فى «منتدى الهند إفريقيا»، وبحث مع ناريندرا مودى، رئيس وزراء الهند، سبل دعم التعاون بين البلدين فى المجالات التجارية والاستثمارية ومكافحة الإرهاب. ثم زارها مرة ثانية، فى أول سبتمبر ٢٠١٦، وأسهمت تلك الزيارة فى تعزيز التعاون بين البلدين على الأصعدة الاقتصادية والاستثمارية والتنموية، إضافة إلى زيادة وتنويع التبادل التجارى بين البلدين، وتعزيز مساهمة الشركات الهندية فى المشروعات القومية المصرية.
أواخر يوليو الماضى، ناقشت الدورة الخامسة لـ«اللجنة التجارية المصرية الهندية المشتركة»، التى استضافتها القاهرة، أواخر يوليو الماضى، مختلف مجالات التعاون بين البلدين: الاستثمار، التنمية الصناعية، بناء القدرات، الطاقة، الأمن الغذائى، المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الاتصالات، البترول، و... و... وعلى هامش أعمال أو فعاليات اللجنة، اجتمع «مجلس الأعمال المصرى الهندى المشترك»، وقامت الحكومة المصرية بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة «رى نيو باور برايفت ليمتد» الهندية، لإنشاء مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات قيمتها ٨ مليارات دولار.
يجمع البلدين أيضًا «منتدى الحضارات القديمة»، المعروف اختصارًا بـ«ACForum»، الذى تأسس فى أبريل ٢٠١٧، ويمكن تلخيص فكرته فى أنه محاولة من الدول صاحبة أقدم الحضارات التى عرفها التاريخ، لاستحضار القواسم المشتركة بينها، ليس فقط للحفاظ على التراث الثقافى والإنسانى، ولكن أيضًا لمد جسور التواصل والتفاهم بين شعوبها، وخلق قوة دفع إضافية للجهود المبذولة على المستويين الإقليمى والدولى للتصدى لخطر الإرهاب والتطرف، والاستفادة المُتبادلة من تجارب تطوير الاقتصاد السياحى القائم على التراث الثقافى الثرى لدى تلك الدول، وتوجيه ذلك لخدمة جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الدول صاحبة الحضارات تتقارب وتتلاقى وتتعاون وتتوافق، على المستويين الشعبى والرسمى، وربما لهذا السبب يحب المصريون الهنود، ويحب الهنود المصريين أكثر، لدرجة أن زميلنا وصديقنا مهدى مبارك، تعرّف فى محطات المترو، خلال ٤٠ يومًا فقط قضاها فى الهند، على آروشى وبريانكا وكارينا وكاريشمل وكاترينكا و... و... ونايونيكا، ومع كل رحلة مترو علاقة جديدة ورقم جديد يضاف إلى الواتساب وطلب صداقة جديد على فيسبوك وعروض سفر مشترك وسهرات للصباح. وإن كانت الأخيرة أكدت له أنها لن تتزوج عربيًا، لأسباب لم يذكرها فى كتابه «مرح الآلهة»، ويمكنك استنتاجها!.
.. وتبقى الإشارة إلى أن حجم التبادل التجارى بين مصر والهند قفز إلى ٦.٣ مليار دولار، خلال سنة ٢٠٢١، بحسب تقديرات الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، أو ٧.٢٦ مليار دولار، طبقًا للتقرير الصادر عن السفارة الهندية بالقاهرة، الأربعاء الماضى. وبغض النظر عن الفارق الكبير بين الرقمين، فإن البلدين يستهدفان الوصول بحجم التبادل التجارى بينهما إلى ١٢ مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.